جبران للحريري: “ضعفان كتير عفراقنا”

مدة القراءة 5 د


لم يهضم جبران باسيل جيداً واقع أنّ سعد الحريري لجأ إلى “فتوى” جولة وفده النيابي الذي رأسته النائبة بهية الحريري تحت عنوان استمزاج الكتل النيابية حيال المبادرة السياسية، لكي يتجنّب اللقاء المباشر معه. اكتفى رئيس “تيار المستقبل” يومها بزيارة كلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، وترك المهمة الباقية على عاتق عمته.

إقرأ أيضاً: حكومة الحريري المحمّلة بثلاث أزمات

ولهذا ردّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” التحية، ولو أنّها على شاكلة إدارة الظهر، بالمثل. وامتنع عن ترؤس الوفد المضيف تاركاً زمام الأمور للنائب ابراهيم كنعان. مهما كابر باسيل وترفّع عن المعطى الشخصي في العلاقة، بيّنت تجربة الحكم المشترك بين الرجلين منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، أنّ الاعتبار الشخصي هو دينامو العلاقة بين الرئاسة الأولى والثالثة، فإمّا يزيدها سكراً… أو سمّاً!

يقول أحد المتابعين إنّ تنازل باسيل في يوم الاستشارات غير الملزمة، هو تعبير جليّ عن إحاطة الأخير بالمعطيات الخارجية كما الداخلية، التي تحيط بتأليف الحكومة

في يوم الاستشارات غير الملزمة، استبق باسيل لقاء المواجهة الأول بين الرجلين، منذ استقالة حكومة الحريري الأخيرة، بتحديد أطر أجندته للحكومة العتيدة: “موقفنا بعدم تسمية أحد معروف ومعلن من فترة لأن موقف التيار الأساسي هو مع حكومة إصلاح من اختصاصيين برئيسها ووزرائها، وتكون مدعومة سياسياً، وجوهر المبادرة الفرنسية هو كذلك. وهذه المرة بهذه الاستشارات أفضت الظروف إلى أنّ هناك مرشّحاً واحداً طارحاً نفسه، مع العلم أنّه غير اختصاصي، وسياسي بامتياز، فقرّرنا أن لا نسمّيه”.

بالتوازي، عمل “حزب الله” على معالجة عقدة الشكل: ساير الحليف البرتقالي في موقفه الرافض لتسمية سعد الحريري رافضاً تركه وحيداً في هذا الخيار. لكن في المضمون، الحزب من القوى المتحمسّة لقيام حكومة برئاسة الحريري. وهذا خيار لا نقاش حوله في العمق. يمكن البحث في طبيعة الوزراء والحقائب. لكن المبدأ حُسم: لاعتبارات كثيرة لا يمكن له أن يضحّي بها في سبيل ارضاء باسيل.

حاول رئيس “التيار الوطني الحرّ” بالتكافل والتضامن مع الرئاسة الأولى تطويق مسار التأليف من خلال الارتكاز إلى عاملي ضغط: أولاً “العلة السياسية” التي تعتري رئيس الحكومة ومطالبته بالذهاب إلى حكومة تضمّ ممثّلين عن بقية الأطراف، لتصير حكومة تكنوسياسية على عكس ما تشتهيه سفن رئيس الحكومة الراغب بحكومة اختصاصيين. ثانياً، السقف الإصلاحي الذي رفعه رئيس الجمهورية في خطابه الأخير، والذي بدا بمثابة خارطة شروط سيفرضها هذا الفريق على الرئيس المكلّف.

يقول أحد المتابعين إنّ تنازل باسيل في يوم الاستشارات غير الملزمة، هو تعبير جليّ عن إحاطة الأخير بالمعطيات الخارجية كما الداخلية، التي تحيط بتأليف الحكومة. بات مقتنعاً أنّ الحريري سيؤلّف، ولن يُحاصر في التكليف كما كان البعض يظنّ. وفق هؤلاء، إنّ ترؤس باسيل وفده النيابي، كانت خطوة أولى واضحة على طريق فتح باب الحوار مع رئيس الحكومة المكلّف.

وها هي مشهدية اللقاء – القمة تحت قبة البرلمان، مقرونة بتصريح باسيل اللافت من على المنبر، تثبت بما لا يقبل الشكّ، بأنّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” نزل عن الشجرة!

ما لم يقله رئيس “التيار” قصد به تجربة الثنائي الشيعي مع حكومة حسان دياب حيث انتهى مشوار تسميات حركة أمل مع وزير حزبي (عباس مرتضى)، و”حزب الله” مع وزير من الدائرة اللصيقة (حمد حسن)

في الشكل، بدا اللقاء الأول بعد طول انتظار فيه الكثير من الإيجابية والمودة. وكأنّ الفريقين لم يخوضا معارك وسجالات نشرت غسيلهما على سطوح بيروت وكلّ المدن. لا معاتبة، ولا تسجيل نقاط. استهلّه الحريري وفق المشاركين في الجلسة، بسؤال باسيل عن صحته وتجربته مع الإصابة بفيروس كورونا. تبعته ملاحظة فيها الكثير من الإيحاء السياسي، حيث توجّه رئيس التيار إلى الرئيس المكلف بالقول إنّه “ضعفان كتير”، وقد يكون ذلك على “فراقنا”! ما أراح الجو بين الفريقين وأثار الابتسامات.

أما الانقلاب الأهم، فهو قفز باسيل من ضفّة الرفض الكامل لترؤس الحريري للحكومة إلى ضفّة التعامل معه بواقعية. لا بل أكثر من ذلك، وضع مطلب الحكومة التكنوسياسية جانباً، أقله راهناً، ليعلن موافقته، ولو على نحوٍ غير مباشر على تشكيل حكومة اختصاصيين، محتفظاً بقاعدة واحدة أو بالأحرى بشرط واحد، وهو وحدة المعايير. وهو ما أبلغه إلى رئيس الحكومة المكلّف الذي بادله الإيجابية بالقول إنّه لا يستهدف أيّ طرف، ولا يعمل على إقصاء أيّ فريق، لا بل يرغب في التعاون مع الجميع لنجاح حكومته. وهو المتأكد أنّه سيرأس حكومة “المهمة المستحيلة”.

ما لم يقله رئيس “التيار” قصد به تجربة الثنائي الشيعي مع حكومة حسان دياب حيث انتهى مشوار تسميات حركة أمل مع وزير حزبي (عباس مرتضى)، و”حزب الله” مع وزير من الدائرة اللصيقة (حمد حسن).

لكن الأهم من ذلك، هو أنّ حكومة 2020، لا تشبه أيّ حكومات سابقة. لا في معايير التأليف ولا في مهمتها. ويفترض أن ينطلق قطار التأليف على “غرام” مستجدّ بين الحريري وباسيل، بعدما انطلقت صفارة التكليف على وقع “الانتقام”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…