العونيون يمرّرون التكليف… ويرابطون للتأليف

مدة القراءة 4 د


صمت مريب يلفّ الساحة الداخلية، وكأنّ لا استشارات نيابية ملزمة محدّدة يوم الخميس المقبل. جمود غريب لم يكسره أيّ اتصال في أيّ اتجاه، سواء بين الحلفاء، أو بين جبهات الخصومة.

رئيس الحكومة السابق سعد الحريري يضع رجلاً فوق رجل. يترقّب خطوات الآخرين. يتصرّف وكأنّ التكليف بات في جيبه، حتى لو تأخر أسبوعاً إضافياً، لكن ذلك لن يغيّر في مسار الأمور. أما التأليف، فلذلك قصة أخرى، لها تعقيداتها وصعوباتها التي ستتجاوز عقد التكليف بأشواط.

إقرأ أيضاً: تأجيل الاستشارات: خلاف باسيل وكنعان وآلان عون؟

في الواقع، يعرف الحريري جيداً أنّ مروحة الخيارات أمام رافضيه، باتت ضيقة، لا بل مقفلة. فـ”حزب الله” ساير حليفه العوني كثيراً في محاولة التسويق لشخصيات من طبيعة التكنوقراط، آخرها مصطفى أديب، وذلك لقطع الطريق على عودة رئيس تيار المستقبل إلى السراي، ولكن لم تؤتِ ثمارها. كما ساير “حزب الله” الشريك البرتقالي في حكومة اللون الواحد، لكنها فشلت في تأمين دعم خارجي وبقيت على ضفة واحدة على المستوى الداخلي.

على المستوى النظري، الحريري رئيساً مكلّفاً. على المستوى العملي، يُنتظر أن تحسم رئاسة الجمهورية الجدل حول التأجيل، ولو أنّ المطلعين على موقف رئيس الجمهورية يميلون إلى احتمال عدم التأجيل خصوصاً وأنّ ترحيل الموعد إلى الأسبوع المقبل لن يغيّر في المضمون شيئاً

هكذا، حسم حزب الله موقفه: عودة سعد الحريري باتت معبراً إلزامياً إذا ما كان هناك نيّة جدّية في السعي للحد من مزيد من الانهيار. في الموازاة، انتقل رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى ضفّة تأييد الحريري على نحوٍ علني حاسم، بعدما خرج صاحب العلاقة من عنق الرفض. لم يترك بري ممرّاً للعودة إلى الوراء. وعليه، إذا اصطدمت مبادرة الحريري بحائط رفض التيار الوطني الحرّ، فلا بدّ من الإشارة إلى أنّ أيّ خيار آخر سيفقد أكثريته النيابية بفعل إخراج حركة “أمل” نفسها من هذه السيناريوهات كلياً.

إذاً، على المستوى النظري، الحريري رئيساً مكلّفاً. على المستوى العملي، يُنتظر أن تحسم رئاسة الجمهورية الجدل حول التأجيل، ولو أنّ المطلعين على موقف رئيس الجمهورية يميلون إلى احتمال عدم التأجيل خصوصاً وأنّ ترحيل الموعد إلى الأسبوع المقبل لن يغيّر في المضمون شيئاً.

ومع ذلك، يؤكّد المتابعون أنّ حركة الاتصالات لم ترصد أيّ تطوّر ولا أيّ خرق في أيّ اتجاه، فيما يتصرّف حزب الله بشيء من الحياد عن حليفه البرتقالي في ما خصّ الشأن الحكومي، أقله في ما يتصل بالتكليف.

عملياً، لم يعد في الإمكان إخفاء التمايز بين حزب الله وبين التيار الوطني الحرّ. هذه المرة لم يسعَ أيٌّ منهما إلى تجميل الخلافات الحاصلة وضبطها تحت سقف التفاهم الاستراتيجي. لا بل ذهب النواب العونيون إلى حدّ المفاخرة بأنّ لكلّ من الحليفين مساره الخاص. حتى المسألة الاستراتيجية باتت موضع خلاف لا يقبل حزب الله التهاون فيه. وهذا ما يفسّر “تجميد” الاتصالات على خطّ الضاحية الجنوبية – ميرنا الشالوحي. ولو أنّ المعنيين يؤكدون أنّ خطوط التواصل ستستعيد عافيتها بعد التكليف لأنّ الحزب لن يغطّي حكومة يكون معها التيار الوطني الحرّ على مقاعد المعارضة.

فور الانتهاء من التكليف، ستعود الحرارة إلى قنوات التواصل بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ لخوض معركة التأليف جنباً إلى جنب

لكن حتى هذا الاحتمال، أي انتقال التيار الى المعارضة، هو خيار مرفوض من جانب بعض النواب العونيين الذين أبلغوا صراحة رئيس الحزب أنّ ترك الموالاة لا يمكن أن يحصل طالما أنّ مؤسس التيار على رأس الجمهورية، ولذا لن يحصل القفز إلى الضفة المقابلة إلا إذا غادر العماد ميشال عون رئاسة الجمهورية. عندها، يمكن خوض معركة تغيير النظام برمّته، وليس فقط الاكتفاء بالاعتراض على الحكومة.

أما غير ذلك، فهو مسار غير مقبول بالنسبة لبعض النواب العونيين. ولهذا فور الانتهاء من التكليف، ستعود الحرارة إلى قنوات التواصل بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ لخوض معركة التأليف جنباً إلى جنب. مع العلم أنّ الندوب التي طرأت على العلاقة الثنائية، وفق بعض المتابعين، سيصعب جداً معالجتها حتى لو حرص “حزب الله” على تجميل التشوهات، أقلّه في العلن.

مواضيع ذات صلة

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…

من يُنسّق مع باسيل بعد وفيق صفا؟

بات من السهولة رصد تراكم نقاط التباعد والفرقة بين التيّار الوطني الحرّ والحزب. حتّى محطة otv المحسوبة على التيّار أصبحت منصّة مفتوحة لأكثر خصوم الحزب شراسة الذين…