كباش بين الحريري وباسيل على الطاقة… والهاتف الفرنسي يفكّك الألغام؟؟

مدة القراءة 6 د


شاهد اللبنانيون “الاحتفالات” في بعض شوارع الطريق الجديدة بإطلاق أناشيد تهلّل للرئيس نبيه بري باعتباره “عرّاب” عودة سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة. وهذا يعكس واقعاً يترجم في “يوميات” رحلة رئيس تيار المستقبل لتأليف حكومة الإنقاذ.

الفريق الشيعي، من ضمنه طبعاً حزب الله، يعبّد الطريق لانطلاقة القطار الحكومي برئاسة سعد، وإن كلّفه “زَعَل” الحلفاء وعتبهم. والحريري يشكر ضمنياً نواب الحزب لعدم تسميتهم له في استشارات التكليف تخفيفاً للإحراج أمام الاميركيين والسعوديين.

إقرأ أيضاً: حكومة الحريري المحمّلة بثلاث أزمات

العارفون في مقلب الثامن من آذار يجزمون بأنّ “خطوة الحزب أتت لحماية سعد الحريري وليس ضدّه، مع العلم أنها متماهية مع خط الحزب بعدم تسميته سابقاً. أما لناحية الأسماء، فلا الحركة ولا الحزب بوارد أصلاً تزكية أسماء حزبية، ولن يكون هناك خلاف عليها. لكن الضمانات فيما يخصّ القرار السياسي داخل الحكومة أمر يجدر تأمينه عبر تفاهم مسبق”. ويؤكد هؤلاء أنّ “الأسماء الشيعية سيصعب على الحريري رفضها بسبب بروفيلها الاختصاصي المطلوب للمرحلة”!.

الجميع عاد إلى قواعد ما قبل 17 تشرين في ظلّ ثورة “غائبة عن الوعي”. لكن مع فارق وجود “الأخ الأكبر” فوق رؤوس اللبنانيين، يتابع مساعيهم الذاتية للخروج من الحفرة التي وضعوا أنفسهم فيها بانتظار ما “تفتي” به تطوّرات الخارج

“تسريب” المناخات الإيجابية والليونة في التعاطي مع الحريري، هي سياسة لا يكفّ الفريق الشيعي عن تعميمها على قاعدة “لا مشكل معنا، والأمور منظّمة مع وليد جنبلاط وسليمان فرنجية والطاشناق” يقابله تيقّن “الثنائي” أنّ العقدة حكماً هي عند ميشال عون وجبران باسيل. توصيفٌ واقعي يكتمل بمعطيين بارزين:

– الأوّل: لا عقدة لدى الحريري في تجاهل “القوات” في عملية تأليف الحكومة، وإن كانت تشاركت مع التيار الوطني الحرّ في عدم تسميته. أما الهمّ الأكبر، فهو التوافق مع عون، ومن خلفه باسيل. مع العلم أنّ الحريري يسعى لتوزير مسيحي يسمّيه.

– الثاني: ما بدأ يُفهم من دائرة بيت الوسط بأنّ تغيير قواعد اللعبة بإدخال القوى السياسية على خطّ “المشاركة وإبداء الرأي” في أسماء الوزراء، يمنح الحريري هامشاً أكبر من مدّة الستة أشهر التي وضعها لنفسه لتنفيذ بنود المبادرة الفرنسية بسبب الغطاء السياسي الكامل لهذه الحكومة، ولأن تأليف الحكومات ليس نزهة. وهو الواقع الذي لا يلقى ممانعة من حركة امل ولا من حزب الله.

عملياً، الجميع عاد إلى قواعد ما قبل 17 تشرين في ظلّ ثورة “غائبة عن الوعي”. لكن مع فارق وجود “الأخ الأكبر” فوق رؤوس اللبنانيين، يتابع مساعيهم الذاتية للخروج من الحفرة التي وضعوا أنفسهم فيها بانتظار ما “تفتي” به تطوّرات الخارج.

مصادر مطلعة على عملية التأليف تجزم بأن النيات إيجابية لدى عون والحريري. والأخير أبلغ صراحة رئيس الجمهورية بأنه يريد أن يحصر النقاش معه لفهم ما يريد التيار الوطني الحرّ

وفق المعلومات، فإن الحضور الفرنسي الذي “نزل بكل ثقله” إلى تفاصيل الزواريب اللبنانية منذ إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون عن مبادرته وتكليف مصطفى أديب، ثم خَفَت في مرحلة “الصدمة الفرنسية” من سقوط هذا المسعى، عاد بقوة. العودة يمثّلها باتريك دوريل، مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي يتولّى مهمّة المتابعة من خلال اتصال يومي مع القيادات اللبنانية، لإزالة الألغام من أمام حكومة الحريري.

ودوريل الذي يواظب على رفع التقارير إلى ماكرون، يتصل بعون، والحريري، وباسيل، وعلي حسن خليل، ومسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي في محاولة لحصر بقعة التمايزات، مع تخوّف أوساط قريبة من الوسيط الفرنسي من “الدخول مجدّداً في متاهات التفاصيل اللبنانية التي حكمت تأليف الحكومات السابقة ما قد يؤخّر ولادة الحكومة”.

مصادر مطلعة على عملية التأليف تجزم بأن “النيات إيجابية لدى عون والحريري. والأخير أبلغ صراحة رئيس الجمهورية بأنه يريد أن يحصر النقاش معه لفهم ما يريد التيار الوطني الحرّ، مع إشارته إلى أن لا منطق يفرض عليه الأخذ برأي من لم يسمّه لرئاسة الحكومة ليكون شريكاً في تأليف فريق عمله”.

وواقع الأمر أنّ باسيل يسلّم بأن سلسلة تفاهمات بين الحريري من جهة والثنائي الشيعي وجنبلاط من جهة أخرى قد حصلت قبل التكليف، ولذا، فإن التنسيق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف يفترض أن يُعطى الوقت الكافي بمنحاه الدستوري والسياسي.

باسيل الذي يتصرّف على أساس أنّ رئيس الجمهورية هو الضامن لمطالب التيار والحصة المسيحية، فإن راصديه يرون أنّ هامش المناورة لديه لم يعد كما قبل

ويبدو وفق المتوافر من المعلومات أنّ الحكومة ستضمّ عشرين وزيراً اختصاصياً ببروفيل مسيّس، وهناك توجّه لإلغاء المزيد من الوزارات، فيما عملية توزيع الحقائب كمدخل لإسقاط الأسماء عليها لم تحسم بعد في ظلّ ممانعة رئاسية يقف خلفها باسيل حتى الآن برفض استثناء حقيبة المال من المداورة التي ستوكل ليس فقط لوزير شيعي يدور في فلك الرئيس بري.

أما التسليم بهذا الاستثناء، فسيقود نائب البترون إلى التمسّك بحقيبة الطاقة على أن تتسلّمها شخصية قريبة منه، مع علمه بسعي الحريري لضمّها إلى الحصة السنية، وصولاً إلى التفاوض على الداخلية، في ظلّ موافقة الحريري على السير بالمداورة التي نقل عن الحريري قوله عنها: “فلتكن منّي وجرّ”.

وفيما أثارت البيانات المتتالية لمكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية حول فحوى لقاءات عون والحريري علامات استفهام في الساعات الماضية، فإن المصادر تؤكد أنّ “التكتّم الشديد هو مطلب سعد الحريري خصوصاً أنّ آلية اختيار الأسماء والغوص في تفاصيلها تشكّل إحراجاً كبيراً له، لكن دوائر القصر حرصت تحديداً على نفي تسريبات تحدّثت عن التوافق بين عون والحريري على اعتماد المداورة باستثناء المالية”.

الحريري الذي أبدى نية بالتعاون الوثيق مع رئيس الجمهورية، بخلاف مرحلة مصطفى أديب الذي طلب منه تقديم تشكيلة جاهزة لرئيس الجمهورية، والساعي لتأليف سريع يكسر الرقم القياسي لحكومة حسان دياب، يتخوّف من أن يجرّ إلى كباش مع عون حيث تتراكم العقد المسيحية بوجهه ما قد يطيل أمد التأليف.

لكن باسيل الذي يتصرّف على أساس أنّ رئيس الجمهورية هو الضامن لمطالب التيار والحصة المسيحية، فإن راصديه يرون أنّ هامش المناورة لديه لم يعد كما قبل.

ويقول مطلعون: “جبران بالعادة يلعب على التناقضات بين الحزب والأميركيين. لكن للمرّة الأولى منذ 2005، هناك تماهٍ بين هذين الطرفين حول وجود الحريري على رأس الحكومة وتأليفها بأسرع وقت بما يواكب عملية الترسيم الحدودي ووقف الانهيار المالي. وقد خسر فعلاً باسيل أولى أوراقه عبر التغطية الدولية، كما الداخلية، بـ”فرعها الشيعي”، لعودة سعد”.

 

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…