عام 1998 وقف الرئيس الشهيد رفيق الحريري بوجه الجميع قائلاً لرئيس الجمهورية حينذاك إميل لحود: “لا تجيير لأصوات النواب تفادياً لتكريس سابقة دستورية”، ورفض تكليفه تشكيل الحكومة بعدما عمد 31 نائباً الى تفويض لحود تجيير أصواتهم له لتسمية من يراه مناسباً لرئاسة الحكومة، فيما كان 62 نائباً سمّوا الرئيس رفيق الحريري.
إقرأ أيضاً: تأجيل الاستشارات: خلاف باسيل وكنعان وآلان عون؟
وعندما صعد إلى قصر بعبدا لتبلّغ نتيجة الاستشارات الملزمة في 7 تشرين الثاني 1998، قال للرئيس لحود: “أنت نلت 118 صوتاً عند انتخابك، فلا يجوز أن يحصل رئيس الوزراء على أقل مما حصل عليه رئيس الجمهورية، التفويض مخالف للدستور ويجب إعادة الاستشارات”.
بعد 22 سنة بالتمام والكمال، تعود قصة إبريق الزيت مع الطامعين بإسقاط الطائف والدستور، فأجواء التيار الوطني الحرّ تتحدّث عن تفويض للرئيس ميشال عون وتجيير أصواتها له بعد إعلانها رفض تسمية الرئيس الحريري في الاستشارات إن حصلت الخميس المقبل. فهل يكون الرئيس سعد الحريري سرّ أبيه، فيرفض التفويض وتجيير النواب أصواتهم، أم تراه يسكت عن خرق الدستور لتُسجّل سابقة دستورية رفضها والده؟
بعد 22 سنة بالتمام والكمال، تعود قصة إبريق الزيت مع الطامعين بإسقاط الطائف والدستور، فأجواء التيار الوطني الحرّ تتحدّث عن تفويض للرئيس ميشال عون وتجيير أصواتها له
العضو السابق في المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى ورئيس الغرفة الثانية في محكمة التمييز سابقاً القاضي راشد طقوش يرى أنّ “تفويض رئيس الجمهورية وتجيير بعض النواب لأصواتهم خلال الاستشارات الملزمة خطوة غير دستورية لعدة أسباب أهمها: الفقرة 2 من المادة 53 من دستور الطائف تقول: بعد استشارات نيابية ملزمة، يكون رئيس الجمهورية عمله فقط عدّ الأصوات ليسلّمها رسمياً لرئيس مجلس النواب. وبالتفويض، علينا الرجوع إلى العمل بالدستور قبل الطائف الذي كان رئيس الجمهورية حينها هو من يسمّي الوزراء وهو من يعيّن رئيس الوزراء. لذلك، جاء دستور الطائف، وألغى هذه المادة، أي نزع من رئيس الجمهورية أيّ صلاحية بتشكيل الحكومة، تسميةً للرئيس أو اختياراً للوزراء”.
وأضاف القاضي طقوش: “هكذا سلوك غير دستوري من قبل البعض، لا تحتسب أصواتهم ويعتبرون أنّهم لم يقوموا بتسمية أحد. رئيس الجمهورية لا يحق له أن يسمّي. دوره فقط في العملية الحسابية، ويعطي الرئيس بري حسب الدستور ورقة رسمية تظهر نتائج الاستشارات الملزمة رسمياً. فالتسمية بوجود رئيس مجلس النواب، تعني أنّ التسمية يجب أن تأتي من النواب”.
يسعون إلى تمزيق الطائف الذي بات دستوراً للبلاد، والرئيس عون قد أقسم على الدستور صورياً، فهو كما يبدو غير مقتنع به
من جهته الخبير الدستوري المحامي حسان رفاعي، توقّع في حال تجيير بعض النواب أصواتهم للرئيس عون أن يفعل الرئيس سعد الحريري كما فعل والده الشهيد رفيق الحريري في عهد الرئيس إميل لحود عندما قال له رفيق الحريري: “لا أريد الاستشارات”، وأدار ظهره. على الرئيس سعد الحريري ألا يتنازل، فهو لا يستطيع أن يقدّم المزيد من التسهيلات والتنازلات بهذا الموضوع، ولا يستطيع أن يكون عرّاب الطائف اليوم، و”يمسح الأرض” بالطائف غداً. فالمطلوب من الرئيس سعد الحريري إذا أبلغه رئيس الجمهورية أنه حصل على الأصوات الكافية أن يقرّر بموجب هذه الأصوات قبول التكليف، ويشير حينها إلى وجود مخالفة دستورية.
وختم الرفاعي: “إنهم يسعون إلى تمزيق الطائف الذي بات دستوراً للبلاد، والرئيس عون قد أقسم على الدستور صورياً، فهو كما يبدو غير مقتنع به. هناك محاولات حثيثة من قبل هذه السلطة جمعاء، حزب الله والتيار الوطني الحرّ، لضرب الطائف والقضاء عليه. وهنا أسأل: أين رؤساء الحكومات من كلام جبران باسيل؟ الرئيس الميقاتي ردّ عليه، والسنيورة يحاول، ولكن هذا غير كافٍ. فبهذه الطريقة يُحرق البلد”.
أيام على الموعد الجديد، فهل تؤجل الاستشارات مجدّداً أم يتنازل سعد أم ينكسر باسيل؟!
رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، قال تعليقاً على تأجيل الاستشارات الملزمة: “الأسبوع المقبل لناظره قريب”.