الإفراج عن “إيميلات” وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون هو إطلاق عيون الأميركيين والعالم على خفايا السياسة الأميركية في العالم، بما فيه منطقة الشرق الأوسط. وهو إطلاق لسراح أرشيف مهم يسرد وقائع ولحظات سياسية مفصلية حصلت أثناء تولّيها منصبها، ومنها ما يتّصل بالرّبيع العربي، ليس أقلّه ملابسات قتل مؤسس تنظيم “القاعدة” أسامة بن لادن، وصولاً إلى أحداث أخرى شهدها الشرق الاوسط والعالم.
“أساس” ينشر اليوم الحلقة السادسة من هذه الرسائل، ضمن سلسلة حلقات متتابعة، تتحدّث عن تقرير وصل إلى بريد وزيرة الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما عن دور فرع تنظيم “الإخوان المسلمين” في ليبيا، والعرض الذي وجّهه “رئيس المؤتمر الوطني العام السابق” (2012-2013) الإخواني محمد يوسف المقريف بإقامة علاقات مع إسرائيل في السّر وتنسيق مهاجمتها في العلن.
إقرأ أيضاً: إيميلات هيلاري (5): ذهب القذّافي دفع ساركوزي للتدخّل في ليبيا!
بتاريخ 27 نيسان 2012، وصل إلى البريد الإلكتروني لوزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون تقرير من مساعدها سيدني بلومنتال يتحدّث عن الأوضاع في ليبيا بعد تعيين القيادي الإخواني محمّد يوسف المقريف رئيسًا مؤقتًا، الذي بحسب التقرير كان يطمح لتأسيس دولة تقوم على “المبادئ الإسلامية” وفق معلومات نقلها بلومنتال لكلينتون عن أجهزة أمنية واستخبارية غربية.
وينقل التقرير الذي وُجِدَ في البريد الخاص لكلينتون عن “مصدر حسّاس للغاية” أنّ المقريف كان مستشارًا سياسيًّا دبلوماسيًّا للزعيم الليبي السابق معمّر القذّافي، إلا أنّه أُحبِطَ من القذافي الذي اعتبر أنّه قد انقلب على المعتقدات الأساسية الإسلامية، كاشفًا أنّه كان عضوًا في جماعة الإخوان في مصر، وأنّه على قناعة بأنّ ليبيا يمكن أن تصبح لاعباً رئيسياً في شمال إفريقيا، فضلًا عن بقية دول العالم بسبب ثرواتها الطبيعية.
في التقرير الذي وصل إلى بريد هيلاري الشخصي، أنّ رئيس “المؤتمر الوطني العام الليبي” السابق والقيادي الإخواني، يؤيّد التدخّل غير المباشر في الأزمة السّورية، وأنّ حكومته ستدعم تركيا وقطر والدول التي تطالب بإنهاء نظام بشار الأسد
ونقل بومنتال عن “المصدر الحساس” قوله إنّ المقريف يميل إلى الأميركيين والفرنسيين، وذلك بناءً على التجارب السابقة مع كلّ منهما خلال صراعه السياسي مع القذافي بعد انشقاقه عنه. وجاء في التقرير أنّ المقريف سيسعى لإقامة “علاقة سريّة” مع إسرائيل كما تقتضي ذلك الحقائق السياسية في ليبيا في حينها. وقال بومنتال لكلينتون إنّ للمقريف عددًا من “الأصدقاء” المشتركين مع قادة إسرائيل، وأنّه ينوي الاستفادة من هذه العلاقات لـ”تحسين أوضاع الشعب الليبي”، إلا أنّ المقريف يجد نفسه مجبرًا في بعض الأحيان على الإدلاء بتصريحات تنتقد إسرائيل لمصلحته السياسية الخاصة، كما يعتقد “أنّه ورفاقه” (قياديو الإخوان في ليبيا) لديهم الخبرة والبراعة لإدارة هذه القضية.
وفي التقرير الذي وصل إلى بريد هيلاري الشخصي، أنّ رئيس “المؤتمر الوطني العام الليبي” السابق والقيادي الإخواني، يؤيّد التدخّل غير المباشر في الأزمة السّورية، وأنّ حكومته ستدعم تركيا وقطر والدول التي تطالب بإنهاء نظام بشار الأسد، كون المقريف يحمل “إحساسًا خاصًا بالعداء” تجاه رئيس النظام السّوري الذي كان حليفًا قديمًا للقذافي، وقدّم له الدّعم بالمعدات والاستخبارات والمستشارين طوال ثورة 2011. كما يدرك المقريف أنّ الموقف هذا سيجعله أيضًا في صراع مع حليفة سوريا الرئيسية إيران. ولكن لا يعتقد أنّ لإيران دورًا تلعبه في ليبيا أو في منطقة شمال أفريقيا.