مرّت ثلاثة أيام على جريمة قرية كفتون في الشمال دون أن نسمع معلومة جديدة عمّا إذا كان للجريمة علاقة بمحاولة اغتيال النائب نديم الجميل أم لا.
ماذا جرى في عكار الإثنين؟ وأين هو الانتحاري يوسف خلف (أبو وضّاح)؟ أين تبخّر؟ ولماذ حصل هذا الضخّ الإعلامي المثير للاستغراب؟ بينما تكشف الحقيقة أنّه غير موجود.
إقرأ أيضاً: جريمة الكورة: هل كان الهدف نديم الجميل؟
تلك الحملة المبنية على فرضية الانتحاري، تجاهلت اختفاءه، واستمرّت في التركيز على التحريض ضدّ اللاجئين السوريين وفي إلصاق تهمة الإرهاب بطرابلس وعكار، ما يستدعي الاعتقاد بأنّ وراء الأكمة ما وراءها، وأنّ ما يجري هو أبعد من ملاحقة مطلوب خطر، ويقترب من جوّ عام بدأ مجهولون معلومون يسوّقونه، وهو عودة “داعش” إلى لبنان، وما أدراك ما يعني عودة “داعش” إلى الإعلام.
رئيس بلدية البيرة محمد وهبي قال إنّ “القوّة الضاربة في شعبة المعلومات حاصرت منزلاً على أطراف منطقة العامرية التابعة للبلدة، وعمدت إلى تفجير حائط في المنزل لاقتحامه نظراً لاعتبار المطلوب خطراً مما أدّى إلى وقوع حريق في الداخل”، كاشفاً أنّ “القوّة الضاربة لم تجد أحداً في المنزل المستهدف، لكنّ عمليات الدهم تواصلت، وقد استمرّت حتى الساعة العاشرة من صباح الإثنين. وعند الساعة الثالثة عصراً قامت مخابرات الجيش بمداهمة ثانية لأبنية أخرى واعتقلت قرابة الستة أشخاص، ويرجّح أن يكونوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية”، معتبراً أنّه “لا يمكن التسرّع في نفي ولا تأكيد وجود علاقة مباشرة لهم بجريمة كفتون بالكورة”.
يبدو من السياق أنّ هناك محاولاتٍ من البعض لإخفاء معالم جريمة كفتون. فلماذا لم تستطيع القوّة الضاربة القبض على المطلوب يوسف خلف (أبو وضّاح)؟ وهل هو موجود فعلاً؟
وقال وهبي إنّ “المنطقة شهدت بين العامين 2014 و2016 عمليات نفّذتها مجموعات إرهابية ضدّ الجيش اللبناني. وفي العام الماضي، عثرت القوى الأمنية على ذخائر في منطقة قريبة من المنزل المستهدف، من بينها قذائف هاون”.
وأعرب وهبي عن خشيته من احتمال وجود خلايا نائمة تابعة لتنظيمات إرهابية، خصوصاً في المنطقة القريبة من خربة داوود وبعض المخيمات السورية، من دون أن يعني ذلك تعميماً في اتهام عموم اللاجئين السوريين بالتورّط، آملاً أن تبقى الشفافية وتطبيق القانون أولوية الجميع وعدم تحويل الأمن إلى سباق إعلامي مع ما يعنيه ذلك من تضييع للحقائق ومخاطر على الأمن الاجتماعي.
يبدو من السياق أنّ هناك محاولاتٍ من البعض لإخفاء معالم جريمة كفتون. فلماذا لم تستطيع القوّة الضاربة القبض على المطلوب يوسف خلف (أبو وضّاح)؟ وهل هو موجود فعلاً؟ وهل عَلِمَ مسبقاً باحتمال تعرّضه للمداهمة أم أنّ المصادفة المحضة هي التي جعلته في مكان آخر وقت حصولها؟ ولماذا انطلقت الحملات الإعلامية التي تزعم بأنّه قام بتفجير نفسه في المنزل المستهدف، بل إنّ بعضها، مثل قناة otv أصرّت على الرواية الانتحارية حتى اليوم التالي رغم انكشاف خطئها.. أين هو “أبو وضّاح” بعد كلّ هذا الضجيج؟ وهل سيملك من تحدّثوا عن التفجير الانتحاري شجاعة التراجع عن روايتهم المختلقة، وما هي الأجهزة التي تروّج لهذه الرواية في الإعلام؟
ما الذي يؤكد أنّ مرتكبي الجريمة يمّموا وجوههم تجاه مخيم البداوي أو طرابلس أو عكّار، ولم يتّجهوا إلى ملاجئ أخرى في الكورة حيث توجد ملاذات حزبية؟ ولماذا هناك إصرار على استبعاد احتمال أن يكون النائب نديم الجميل هو المستهدف إذا كانت هناك مجموعة إرهابية، وهو الذي كان على بعد مئات الأمتار فقط من مكان وقوع الجريمة في كفتون؟
ما يدفع إلى وضع المخاوف بعين الاعتبار، عودة ظاهرة السيارات المعلومة المجهولة التي تقوم بإطلاق النار في شوارع طرابلس مثيرة الخوف والهلع في صفوف المواطنين من دون أن تجرؤ القوى الأمنية على توقيف القائمين بهذه الجريمة، إضافة إلى إشاعات الخطف والتفلّت الأمني الظاهر في بعض المناطق..
عزيز موقع “حزب الله” التفاوضي ومحاولة استعادة دور الشرطي المحلي والإقليمي في مواجهة ما يسمى الإرهاب، وإقناع الإدارة الأميركية بأنّه الجهة الوحيدة القادرة على لجم “الإرهاب السنّي”
فهل سنشهد بدايات خروج مجموعات “إرهابية” على نمط تنظيم “فتح الإسلام” تحظى بالخطوط الحمراء من محور الممانعة لتعيد إشعال المناطق السنية، لأهداف ثلاثة:
ــ إنزال القدر الأكبر المتاح من التدمير في هذه المناطق، ومواصلة تشويهها بدعاوى الإرهاب، كما حصل في سلسلة طويلة من الأحداث، من “فتح الإسلام” إلى أحمد أبو عدس، كان المقصود فيها وصم أهل السنة بالإرهاب، بينما المتحكّم بخيوط اللعبة هو محور الممانعة.
ــ إزاحة الاهتمام عن كارثة تفجير مرفأ بيروت وتداعياتها على السلطة وائتلافها الحاكم.
ــ تعزيز موقع “حزب الله” التفاوضي ومحاولة استعادة دور الشرطي المحلي والإقليمي في مواجهة ما يسمى الإرهاب، وإقناع الإدارة الأميركية بأنّه الجهة الوحيدة القادرة على لجم “الإرهاب السنّي”، مقابل تظهير قوة الحزب الحامية للحدود مع فلسطين المحتلة والضبط التام للمنظمات الإيرانية.