ترامب سمّى نواف سلام في اتصاله بعون.. وباسيل لا يمانع

مدة القراءة 5 د


لا يختلف اثنان من المسؤولين في قوى الثامن من آذار على القول إنّ اخراج رئيس الحكومة السابق سعد الحريري من السباق إلى رئاسة الحكومة، لم يأتِ بقرار داخلي وإنما بتمنّع خارجي. يؤكد هؤلاء إنّ الدول المعنية وتحديداً الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية، وكلّ إدارة منها لاعتبارات تعنيها، لا تؤيد تسمية الحريري في هذه المرحلة… من دون أن يعني ذلك إحالته الى التقاعد السياسي المبكّر.

إقرأ أيضاً: الأميركيون: سلام أو بعاصيري لرئاسة الحكومة

أكثر من ذلك، تكشف شخصية من هذا الفريق عن معلومات تفيد أنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون في الاتصال الذي أجراه ترامب بنظيره اللبناني، في أعقاب زلزال المرفأ، رغبة الإدارة الأميركية بتولّي السفير نواف سلام رئاسة الحكومة اللبنانية. وهذا ما يفسّر عدم ممانعة “التيار الوطني الحر” في البحث جدياً مع سلام في شكل الحكومة العتيدة وتركيبتها وجدول أعمالها، في حال تقدّم الرجل على غيره من المرشحين لرئاسة الحكومة.

 

فهل سيسلك ترشيح نواف سلام طريقه إلى التكليف؟

في الواقع، وقبيل إعلان الحريري عزوفه عن الترشح وطلب سحب اسمه من التداول، كانت الرئاسة الأولى تتجه إلى تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة لحشر رئيس “تيار المستقبل” في الزاوية، وكشف مواقف الكتل النيابية من مسألة ترشيحه، في ضوء الحملة التي كان يتعرّض لها “التيار” وتحميله مسؤولية تعطيل مسار التكليف.

تؤكد أوساط قوى الثامن من آذار أنّ الأمور لا تزال بالنسبة لها ضبايبة، ولو أنّ ما يتسرب عن الرئاسة الأولى يشي بأنّ رئيس الجمهورية لن يتأخر كما يعتقد البعض في تحديد موعد للاستشارات النيابية

لكن بعد خروج رئيس “تيار المستقبل” من السباق تغيّرت المشهدية بالكامل بعدما اختلطت الأوراق وعاد الإرباك إلى الاطار الحكومي خصوصاً على ضفة قوى الثامن من آذار بفريقها الشيعي. من المعلوم أنّ رئيس مجلس النواب نبيه بري كان الأكثر حماسة لعودة الحريري إلى السراي، فيما “حزب الله” وفق المعنيين، كان أقل حماسة. لكنّه لم يكن ممانعاً إذا تمكّن الرجل من عبور معمودية التكليف، خصوصاً أنّ “الحزب” لم يكن لديه شكوى من التعامل مع الحريري في حكومتي العهد. ولذا كان مستعداً لتكرار تلك التجربة. المشكلة كانت في الخلاف الشخصي – السياسي بين الحريري وجبران باسيل.

ولهذا، تؤكد أوساط قوى الثامن من آذار أنّ الأمور لا تزال بالنسبة لها ضبايبة، ولو أنّ ما يتسرب عن الرئاسة الأولى يشي بأنّ رئيس الجمهورية لن يتأخر كما يعتقد البعض في تحديد موعد للاستشارات النيابية. لا بل تؤكد المعلومات في هذا السياق، أنّ التوجه هو لفصل مسار التكليف عن التأليف، على عكس ما كان سائداً قبل أيام، وسيعمد رئيس الجمهورية إلى وضع كلّ الكتل النيابية عند مسؤولياتها لجهة حسم خياراتها لرئاسة الحكومة، ومن بعدها لكلّ حادث حديث.

وتضيف المعلومات أنّ الساعات المقبلة قد تشهد حركة اتصالات مكثفة لحسم مصير الرئاسة الثالثة بمعزل عن شكل الحكومة وتركيبتها لأنّ رئيس الجمهورية سيحرص على أن يكون هناك رئيس مكلّف خلال احتفالات مئوية لبنان الكبير التي سيشارك فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي حسم الجدل الحاصل في لبنان حول مصير زيارته الثانية من خلال تأكيد قصر الاليزيه على أنّها حاصلة في مطلق الأحوال. ولهذا لن يتأخر في تحديد موعد للاستشارات.

كلّ الرهان في الـ72 ساعة المقبلة قائم على قبول الرئيس الحريري بتسمية مرشّحه لرئاسة الوزراء، وهو لن يفعل قبل وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت

في المقابل، تتحدّث المعلومات عن محاولات جدّية تقودها قوى الرابع من عشر من آذار للاتفاق في ما بينها على شخصية واحدة تكون مرشّحها لرئاسة الحكومة، والأرجح أنها نواف سلام، لكنها لم تصل بعد إلى خلاصة مرجوة. مع العلم أنّ عدد نواب هذا الفريق تقلّص خمسة نواب بسبب الاستقالات الفردية. على أن يصار فيما بعد العمل على تأمين أكثرية نيابية لضمان فوزه، ما يعني العمل على سحب “التيار الوطني الحر” من ضفة قوى الثامن من آذار إلى الضفة الأخرى، كونه السيناريو الوحيد الذي يضمن حصول سلام على أكثرية نيابية. وهذا احتمال ضعيف، حتى لا نقول مستحيل.

 

هل تنجح تلك المحاولة؟

لا يزال الجواب مبهماً، خصوصاً وأنّ القوى الثامن من آذار لم تحسم خياراتها بعد، لا بالمفرّق ولا بالجملة، بانتظار اتضاح الصورة على الضفة الأخرى. وفي هذا السياق، تؤكّد شخصية سياسية من هذا الفريق إنّ أحد جوانب الغموض يتأتى من معطيات توافرت لدى هذا الفريق تفيد بأنّ الإدارة الأميركية استعادت زمام المبادرة في لبنان بعد فشل المحاولة الفرنسية لتأليف حكومة تراعي الاعتبارات الدولية. وتشير إلى أنّ الحكومة العتيدة التي تسعى واشنطن إلى تأليفها ليست سوى واجهة تقنية لمشروع سياسي متكامل تريد تنفيذه يبدأ باحتمال توجّه مجلس الأمن إلى تعديل مهام اليونفيل بدءاً بتخفيض العدد ولا ينتهي بأجندة سياسية يراد للحكومة الجديدة أن تنفّذها. ولذا سيكون من الصعوبة على “حزب الله” أن يقبل بتقديم أيّ تنازل يعرف مسبقاً أنه سيجرّ معه سلسلة تنازلات يرفض الاقتراب منها، كونها وجودية.

كلّ الرهان في الـ72 ساعة المقبلة قائم على قبول الرئيس الحريري بتسمية مرشّحه لرئاسة الوزراء، وهو لن يفعل قبل وصول الرئيس الفرنسي إلى بيروت. لذلك، فإنّ الاستشارات النيابية ستكون “خبط عشواء” في حال تحديد موعد لها قبل احتفالية المئوية لاستقلال لبنان.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…