حكومة ربطات العنق الباريسية بمباركة نصر الله

مدة القراءة 5 د


الكتمان الذي أحاط ولا يزال بموضوع تشكيل الحكومة كان ضرورياً لإخراج التشكيلة العتيدة إلى حيّز التنفيذ. وكلّ المعطيات من الأوساط القريبة من فريق الحكم تفيد بأنّ الدخان الأبيض سيتصاعد خلال أيام من مدخنة قصر بعبدا مترافقاَ مع إطلالة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، ليمنح بركته للحكومة الوليدة.

إقرأ أيضاً: وزير المال أول الأسماء المحسومة.. وماكرون يصعّد: لديكم 3 أشهر

على بعد خطوات من مقر الرئاسة الثانية في عين التينة استقرّ الرئيس المكلف مصطفى أديب في شقّة مفروشة وفّرتها تسهيلات الرئيس نجيب ميقاتي. في هذا المربع السكني المحاط بأسوار الحماية لهذا المقرّ، تجري الاتصالات واللقاءات التي يقوم بها رعاة الرئيس المكلف بعيداً من رقابة الإعلام وتحركات المجتمع المدني الذي كانت له تجارب مرّة عندما جرّب الوصول سابقا الى هذا المربع.

في الأيام الاخيرة جرى تصوير “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل بأنه منيَ بسلسلة خسائر من العيار الثقيل، كتلك التي وردت في الورقة الفرنسية التي جرى إعدادها في دوائر الخارجية الفرنسية والتي ستكون البيان الوزاري للحكومة المقبلة

هذا في الشكل، أما في المضمون وهو الأهم، فقد علم “أساس” أنّ الفارق بين التشكيلة الجديدة وبين تلك التي أتت بها حكومة الرئيس حسان دياب، هو مراعاته توزير من له صلة مباشرة بفريق الحكم، أي الثنائي الشيعي و”التيار الوطني الحرّ”. وسيتبيّن لاحقاً بعد إعلان الحكومة أنّ أسماء الوزراء الجدد لا تحمل أي صفة تمثيلية لأطراف هذا الفريق، لكنها أتت بموافقته. وهكذا سيكون هؤلاء عملياً مثل أقرانهم في الحكومة المستقيلة، ولو تحت ستار الاختصاص ولو  بلا سوابق انتماءات سياسية معروفة.

في المعلومات أيضا أنّ “التيار الوطني الحر” الذي حرص على إبقاء وزارة الطاقة بحوزته، سينال مراده أيضا، مثلما هو حال الرئيس نبيه بري مع وزارة المال و”حزب الله” مع وزارة الصحة. وفي سياق متصل، سًئِلَت مصادر المعلومات عن اسم تداولته مواقع التواصل الاجتماعي ليكون وزيرا للصحة، وهي شخصية معروفة على علاقة وثيقة بالفرنسيين، فأجابت المصادر بأنّ حزب الله وضغ فيتو على هذا الاسم، وقد تم صرف النظر عنه. وهذه عيّنة من التفاصيل التي ترافق ولادة الحكومة التي يجري إحاطتها بتسريبات توحي وكأن من هو مكلف بالاستشارات النيابية الملزمة تشكيل الحكومة يتولى هذه المهمة بنفسه، على غير ما هو واقع الحال.

في الأيام الاخيرة جرى تصوير “التيار الوطني الحر” ورئيسه النائب جبران باسيل بأنه منيَ بسلسلة خسائر من العيار الثقيل، كتلك التي وردت في الورقة الفرنسية التي جرى إعدادها في دوائر الخارجية الفرنسية والتي ستكون البيان الوزاري للحكومة المقبلة. وفيها وردت عبارة “الاستغناء” عن مشروع إنشاء معمل سلعاتا الذي يمثل للتيار درّة انتفاعه مادياً وسياسياً في حقل الطاقة. ومثل هذه الخسارة كان قرار البنك الدولي وقف تمويل إنشاء مشروع سدّ بسري الذي كان يمثّل كنزا للتيار ولمن سار في المشروع. لكنّ هذه الخسائر، التي وقعت فعلاً، لم تغيّر حرفاً في الطريقة التي تعامل بها العهد بالتكافل والتضامن مع “حزب الله”. وكلّ ما قيل حول التدخل الفرنسي غير المسبوق في الملف اللبناني بعد انفجار الرابع من آب من أنّه سيغير قواعد العمل في السلطة التنفيذية، تثبت الوقائع أنّه ينطوي على مبالغة في تقييم هذا التدخل.

أديب آتٍ من داخل الدور الفرنسي العميق في لبنان، وهذا يفسر أنّ اللقاء جمع ليلاً الرئيس ماكرون مع الرئيس سعد الحريري في قصر الصنوبر ليلة وصول الرئيس الفرنسي، انضمّ إليه بعيدا عن الأضواء الرئيس المكلف

عندما سُئِلَ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد وصوله في نهاية آب الى بيروت في مستهل زيارته الثانية، وبعد ساعات من تكليف أديب مهمة تشكيل الحكومة، عن رأيه في شخصية الرئيس المكلّف، أكد أنّه ليس من اختصاصه الموافقة على أديب كرئيس للوزراء: “هذه مسألة سيادة لبنانية”. لكن  بحسب معلومات “أساس” فإنّ أديب آتٍ من داخل الدور الفرنسي العميق في لبنان، وهذا يفسر أنّ اللقاء جمع ليلاً الرئيس ماكرون مع الرئيس سعد الحريري في قصر الصنوبر ليلة وصول الرئيس الفرنسي، انضمّ إليه بعيدا عن الأضواء الرئيس المكلف. كما أنّ والد زوجة الأخير، وهي فرنسية، يعمل في قصر الإليزيه. وفي خلاصة هذه المعلومات أنّ أديب هو رجل فرنسا في تركيبة الحكم الآن، ويعمل وفق هذا الارتباط.

 

ماذا عن دور “حزب الله” في تشكيل الحكومة الجديدة؟

يجيب مسؤول سابق ممن له معرفة وثيقة بالحزب والرئيس المكلف على هذا السؤال بأنّ البرهان على وجود هذا الدور هو إطلالة مرتقبة للأمين العام للحزب يمنح فيها “بركته” للحكومة والضوء الأخضر لكي تشرع في العمل.

في أحد لقاءات مساعد  وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شنكر في بيروت، تساءل أمام مضيفيه عما يمكن لباريس أن تقدمه للبنان من مساعدات بعيداً عن صندوق النقد الدولي في واشنطن وعن دول الخليج العربي التي كانت ولا تزال مصدر أي تمويل للبنان كما كان  الحال في مؤتمر سيدر الباريسي والذي يمثل ركيزة الجهد الفرنسي في هذه المرحلة. وخلص شينكر بعد هذا التساؤل إلى التأكيد على أنّ جدول أعمال الولايات المتحدة في لبنان لم يتغيّر وعلى رأس هذا الجدول بند “حزب الله” الذي لم تطبّق عليه حتّى الآن  القرارات الدولية وآخرها القرار الرقم 1559 الذي ينصّ على نزع سلاح المليشيات.

إذاً ستكون هناك حكومة جديدة في الأيام المقبلة. وتتوقع مصادر معنية أن تكون ولادة الحكومة الأحد المقبل. أما الكلام عن تغيير سيتحقّق بعد الولادة، فهو متجاوز لواقع الحكومة نفسها التي أتت على قياس عهد وحزب، حتّى لو ارتدى رئيسها وأعضاؤها ربطات عنق باريسية.

مواضيع ذات صلة

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…

مخالفات على خطّ اليرزة-السّراي

ضمن سياق الظروف الاستثنائية التي تملي على المسؤولين تجاوز بعض الشكليّات القانونية تأخذ رئاسة الحكومة على وزير الدفاع موريس سليم ارتكابه مخالفة جرى التطنيش حكوميّاً…