نقل الروائي والمحامي اسكندر نجار على صفحته في “فايسبوك” خبر انضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية للعلوم لأقاليم ما وراء البحار Académie des Sciences d’Outre-Mer معلنًا: “تلقيت للتوّ خبر انتخابي في أكاديمية العلوم. شكرًا على هذا الشرف!”.
الخبر المشرّف الذي تلقاه عدد من المتابعين كـ”بصيص أمل وسط كلّ هذه الفوضى وغياب الأمان الذي يعيشه لبنان”، يعتبره نجار في حديث لـ”أساس ميديا” فرصة لـ “تمتين وطننا والحفاظ على هويته من خلال الثقافة”.
إقرأ أيضاً: اسكندر نجار يهدي “تاج الشيطان” إلى ضحايا كورونا
هذه المؤسسة العلمية التي تأسست عام 1922 تحت اسم “أكاديمية العلوم الاستعمارية” وافتتحت في حفل مهيب في جامعة السوربون في 18 أيار 1923، صارت تعرف باسمها الحالي عام 1957. وبحسب اسكندر نجار فهي اليوم “تهتمّ بالفرنكوفونية والتاريخ والجغرافيا، وتنظّم المؤتمرات العلمية والأنشطة الأكاديمية المختلفة، وتنشر الدراسات والمراجعات، وتمنح الجوائز كلّ عام في مختلف مجالات العلوم الإنسانية”.
كانت الأكاديمية خلال تأسيسها قد تبنّت شعار “المعرفة والفهم والاحترام والحب”، يعيد ترجمتها إسكندر نجار في ما نستطيع استنباطه من خلال أدبه وتفاعله مع قضايا الشأن اللبناني
مع هذه العضوية الجديدة، يكون اسكندر نجار “ثالث لبناني انضمّ للأكاديمية بعد الرئيس الراحل شارل حلو، أحد أعمدة الفرنكوفونية، والدكتور فادي جورج قمير الذي يعدّ مرجعًا عالميًا في مجالات الهيدروليكا والدبلوماسية المائية”.
وفي سؤال عن المعايير التي تعتمد عليها الأكاديمية في انتخاب أعضائها، يجيب نجار: “تختار الأكاديمية شخصيات قادرة على المساهمة في أعمالها. أعتقد أنّ معرفتي بالعالم الفرنكوفوني وتاريخ لبنان عملا بلا شك في مصلحتي”. وبهذه المناسبة، سيعقد حفل رسمي “خلال فترة قريبة في مقرّ الأكاديمية، وسألقي خلاله خطابًا حول موضوع محدّد”.
فرنسيًا، من أعضاء الأكاديمية المرموقين يذكر نجّار قادة عسكريين ورؤساء دول، من بينهم “كلٌّ من المارشال جوفري والمارشال جوين والمارشال ليوتي، ورئيس السنغال سنغور، ورئيسا الوزراء الفرنسيين رينيه بليفن، وبيير ميسمير”. وضمّت أسماء أخرى لامعة في الإعلام والسياسة والتأريخ أمثال “إدغار فور، وآلان ديكو، وتيودور مونود، وغابرييل هانوتاوكس، وحتى جان فافييه”.
وكانت الأكاديمية خلال تأسيسها قد تبنّت شعار “المعرفة والفهم والاحترام والحب”، يعيد ترجمتها إسكندر نجار في ما نستطيع استنباطه من خلال أدبه وتفاعله مع قضايا الشأن اللبناني، إذ قال إنّ “المعرفة هي بحث دائم بالنسبة إليّ. التفاهم هو الانفتاح على الثقافات الأخرى. الاحترام هو قبول الاختلافات والتسامح؛ الحب هو التعاطف والتضامن مع الآخرين”.
نجار رئيس تحرير ملحق “لوريان” الأدبي، والكاتب المعروف بغزارة إنتاجه وتنوّعه، كان تناول وباء كورونا في كتاب عابر للمعاناة العالمية بعنوان “التاج اللعين” الذي أبصر النور خلال حزيران الماضي كأوّل عمل أدبي تحدّث عن الجائحة. وكتب سيناريو فيلم قصير بعنوان “زمن كورونا” الذي عرض مؤخرًا على شاشة mtv، ويعالج أزمات عدّة تصعّدت مع كورونا، منها التعليم عن بعد، والدولار، وأفق الشباب اللبناني.
بعد تراكم أدبي كمّي ونوعي لنجار فاق ثلاثين عملًا عن عمر لم يناهز 53 عامًا، يأتي انضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية للعلوم لأقاليم ما وراء البحار، تميّزاً لبنانياً مشرّفاً في فرنسا
في هذا المضمار، كانت فرنسا مهّدت لنجار بداياته، وأكمل بشغفه والتزامه الطريق متخذًا من الكتابة “تمريناً يومياً” يضمن ليونة قلمه. ففي انتقاله إلى باريس بعد الحرب الأهلية، حيث درس الحقوق في جامعة بانتيون أساس، شارك في نشأة الحالة الأدبية اللبنانية في فرنسا، وانتقل في تجربته الأدبية إلى الامتهان الدائم، من كتابة خواطر اعتبر أنّها “ردّ فعل طبيعي في سنين الشباب الأولى”، إلى نشر أول رواية في دار غراسيه الفرنسية الشهيرة، بعنوان “Les exilés du Caucase” ترجمتها دار النهار الى العربية تحت عنوان “دروب الهجرة”.
هذه الوثبة المهنية كانت هيأتها مسابقة طلابية لـFondation Hachette التي قدّم لها مخطّطه، وعن مشروع روايته وأوّل فصل منها، وذلك بعد فوزه أيضا بجائزة “مدينة باريس للشعر” عن قصيدة باللغة الفرنسية حول الرقص.
أخيرًا وبعد تراكم أدبي كمّي ونوعي لنجار فاق ثلاثين عملًا عن عمر لم يناهز 53 عامًا، يأتي انضمامه إلى الأكاديمية الفرنسية للعلوم لأقاليم ما وراء البحار، تميّزاً لبنانياً مشرّفاً في فرنسا. ليس الأوّل للكاتب الفرنكوفوني الذي كان حصد جوائز لبنانية وعالمية من بينها جائزة “آسيا للآداب”، “جائزة البحر الأبيض المتوسط”، وجائزة “هيرفيه ديلوين” من الأكاديمية الفرنسية لأعماله الداعمة للفرنكوفونية.