ترامب رافضاً “الهزيمة”: يطرده الحرس.. أو عنف مميت

مدة القراءة 6 د


لو نجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب وأُعيد انتخابه لولاية رئاسية أميركية ثانية، فإنّه سيبقى في منصبه رئيسًا للولايات المتحدة الأميركية حتى الـ20 من شهر كانون الثاني 2025. أمّا في حال لم يُنتخب مجدّدًا الرئيس المثير للجدل في الولايات المتحدة والعالم، فإنّ أميركا ستكون للمرة الأولى منذ أكثر من 250 عامًا أمام سابقة، إن لم يقم ترامب بتنفيذ السيناريو المُعتاد بتسليم السّلطة لغريمه جو بايدن، وهذا ما لمّح إليه ترامب نفسه وعدد من مناصريه، بأنّ هذا الاحتمال ليس من المُحال. إذ إنّ ترامب قد يقوم بتغيير المعادلة في الدولة التي تقود حملات للدفاع عن “الديمقراطية” و”تداول السلطة” منذ قرنين ونصف القرن من الزّمن…

 

فهل تكون الديمقراطية الأميركية بمهبّ الريح؟

ينصّ دستور الولايات المتحدة الأميركية على أنّه لا يحق لرئيس البلاد أن يتقدّم بترشيحه لولاية ثالثة، وذلك اعتمادًا على التعديل 22 الذي أدخل عليه. ويحدّد ولاية الرئيس بـ4 سنوات قابلة للتجديد مرّة واحدة فقط. وعلى مدى الـ 250 عاماً، قام جميع الرؤساء الأميركيين باحترام ما ينصّ عليه الدّستور، وقاموا بتسليم السلطة لخلفائهم المنتخبين دون أيّ توترات على الإطلاق، حتى في حال الهزيمة الانتخابية المدويّة وغير المحسوبة.

إقرأ أيضاً: ناخبو ترامب في ميشيغن: شيعة شيعة!

الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن، تخلّى عن السلطة بعد إتمامه ولايته الثانية، إلى خلفه جون آدمز. وكانت لافتة مواقفه وإجراءاته التي دلّت على التزامه التام  واحترامه القانون الأميركي، وذلك بعد أن حضر حفل تنصيب الرئيس المُنتخب، ومشى خلفه آدمز بعد حفل التسليم إقرارًا منه باتّباعه الرئيس المُنتخب.

وفي مثل آخر، ترك الرئيس الـ41 جورج بوش الأب، بعد مغادرته منصبه، رسالة ترحيب بالرئيس المنتخب حينها بيل كلينتون في البيت الأبيض، وذلك بعد فوز الأخير بانتخابات رئاسية تاريخية عُرفت بـ”شراستها”. وتضمّنت رسالة بوش الأب ما يلي: “عندما تقرأ هذه الرسالة ستكون قد استلمت مهامَك كرئيس للبلاد… أتمنّى لك ولأسرتك الخير والتوفيق. نجاحك الآن هو نجاح الولايات المتحدة. لك كلّ دعمي. وأتمنى لك حظاً سعيداً”.

في كلّ الأحوال يصعب تخيّل أن يكتب ترامب رسالة إيجابية لخلفه في هذا العام أو مع انتهاء الولاية الثانية كتلك التي كتبها جورج بوش الأب.

ماذا لو قرّر ترامب عدم تسليم السلطة؟ عندها تكون البلاد أمام “سيناريوهين” أحدهما بعيد عن العنف، والآخر “عنيف”

تاريخياً، كان احتمال عدم امتثال الرئيس الأميركي لنتائج الانتخابات غير وارد على الإطلاق، إلا أنّ مناصري الرئيس الحالي تداولوا بهذه الاحتمالية على سبيل المزاح أو بغرض استفزاز معارضي ترامب. إذ كتب مايك هاكابي، الحاكم السابق لولاية أركنساس، تغريدة على تويتر قال إنَّ الرئيس ترامب “سيكون مؤهلاً لولاية ثالثة بسبب المحاولات غير القانونية التي نفّذها جيمس كومي والديمقراطيون ووسائل الإعلام وآخرون لعزله من منصبه”.

وكذلك في شهر أيار الماضي، أشار الزعيم الإنجيلي، جيري فالويل الابن، إلى الأمر عينه بتغريدة جاء فيها: “أنا أؤيد التعويض. ينبغي إضافة عامين إلى الولاية الأولى لترامب مقابل الوقت الذي تمّ هدره بسبب الانقلاب الفاسد الفاشل”، في إشارة منه إلى التحقيق بمزاعم التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية. غذ كان مفاجئًأ أنّ ترامب نفسه قد أعاد نشر هذه التغريدة. كما يجدر بالذّكر أنّ المحامي الشخصي السابق للرئيس الأميركي مايكل كوهين لمّح إلى أنَّ ترامب لن يغادر منصبه. فقال في شهادته أمام الكونغرس قبل دخوله السجن: “انطلاقا من تجربتي في العمل مع ترامب، أخشى ألّا تشهد البلاد انتقالًا سلميًا للسلطة إذا خسر الرئيس انتخابات عام 2020”.

أمّا ترامب، فكان هو شخصيًأ قد “مزح” بخصوص الاستمرار في منصب الرئيس بعد انتهاء ولايته، بل حتّى مدى الحياة، حيث قال في شهر كانون الأول 2019، أمام تجمّع في ولاية بنسلفانيا، إنّه سيغادر منصبه في غضون “5 أعوام، أو 9 أعوام، أو 21 عاماً، أو 29 عاماً”، ثم أضاف إنَّه كان يمزح بهدف ما أسماه “إثارة جنون” الصحافة والإعلام…

وقبل تجمّع بنسلفانيا بأيّام، التفت الرئيس إلى الذين “يوجّهون له الانتقاد بشكل دائم” بالقول: “يقول كثير منهم إنَّني لن أغادر منصبي… لذا بات علينا الآن أن نبدأ في التفكير بهذا الأمر لأنَّه ليس فكرة سيئة على الإطلاق”.

فماذا لو قرّر ترامب عدم تسليم السلطة؟ عندها تكون البلاد أمام “سيناريوهين” أحدهما بعيد عن  العنف، والآخر “عنيف”….

 

السيناريو الأول: لا عنف على الإطلاق…

إن رفض ترامب تسليم السلطة عقب فشله بالانتخابات، فإنّ أذرع القانون في البلاد ستطيح به بكلّ سلاسة، إذ إنه يفقد سلطته الدستورية تلقائياً فور انتهاء ولايته، كما يفقد سلطة إدارة جهاز الخدمة السرية المنوط به حماية الرئيس أو إصدار التوجيهات للعملاء الاتحاديين لحمايته. كما سيفقد سلطة إصدار الأوامر العسكرية كونه لم يعد القائد الأعلى للقوات المسلحة، بل إنّ كلّ هذه السلطات تكون قد انتقلت إلى يد الرئيس المُنتخب، والذي  يستطيع إذا احتاج الأمر، تكليف العملاء الاتحاديين بإخراج ترامب بشكل قسريّ من البيت الأبيض.

أبسط سيناريو يُمكن للشخص أن يتخيّله، هو أن يُهزم ترامب في معركة الرئاسة، ويلجأ بشكل فوري إلى التغريد عن “تزوير الانتخابات”، وتتولى وسائل الإعلام اليمينية تضخيم أمر هذه الرسالة

كما أنّ ترامب لن يكون محصّناً بعدها من المقاضاة الجنائية حاله حال أيّ مواطن أميركي عادي، فعندها يمكن أن يتعرّض للاعتقال وتوجيه تهمة التعدّي على الممتلكات الحكومية إليه.

 

السيناريو الثاني: العنف المميت!

على الرغم من كلام ترامب وبعض مناصريه، إلا أنّ بقاءه في منصبه يبدو غير مرجّح وجدّي حتّى الساعة، كما أنّنا قد نشهد سيناريو أكثر رعبًا في حال تسبّبت هزيمته الانتخابية في إيجاد حافز للمتطرّفين من أنصاره بتنفيذ أعمال عنف في البلاد.

أبسط  سيناريو يُمكن للشخص أن يتخيّله، هو أن يُهزم ترامب في معركة الرئاسة، ويلجأ بشكل فوري إلى التغريد عن “تزوير الانتخابات”، وتتولى وسائل الإعلام اليمينية تضخيم أمر هذه الرسالة… ولو استجاب بعض الأميركيين لها قد تكون نتيجتها أعمال عنف متنقّلة أو حتّى تنفيذ هجمات من جهات متطرّفة ضدّ الإدارة المنتخبة!

في المُحصّلة، إذا فشل ترامب في أداء عمله الدستوري كرئيس بنقل السلطة بشكل سلمي، فإنّ قوانين الدولة ومؤسساتها، ستكون مسؤولة عن تنفيذ إرادة الناخبين الأميركيين. لكن إن فشلت المؤسسات في عملها، فإنَّ ما يعتبر الأميركيون أنّه أعظم ما حقّقوه في تاريخهم، وهو حماية “الديمقراطية”، سيكون في مهبّ الرّيح، وفي عقر دارهم!

مواضيع ذات صلة

أغرب سبع إقالات في ولاية دونالد ترامب

على مدى 4  سنوات من ولايته، كان الرئيس دونالد ترامب شخصية مثيرة للجدل بإجماع المراقبين والخبراء، وربّما دُول العالم وشعوبها بأسرها، إذ تميّز بشخصية كسرت…

وزير خارجية بايدن: عازف فرنسي.. لألحان إيرانية

من هو أنتوني بلينكن، المُرشّح من قبل جو بايدن لمنصب وزير الخارجية الأميركي؟ في البداية هو سليل عائلة لها باع طويل في السياسة الخارجية الأميركية….

والد صهر ترامب لـ”أساس”: ترامب “المتوازن” مرشح عام 2024 أما بايدن فصهيوني

لاحقته الاتهامات والشائعات بوقوفه خلف إدراج النائب جبران باسيل على لوائح العقوبات الأميركية كونه من المقرّبين من الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظرًا لعلاقة “المصاهرة” التي…

كيف سقطت استطلاعات الرأي في امتحان الانتخابات الأميركية؟

  ديفيد غراهام David A. Graham، (ذي أتلانتيك The Atlantic)   حتّى مع استمرار التنازع على نتائج التنافس الرئاسي، يبدو أنّه ثمّة خاسر واضح في…