يبدو أنّ شدّ الحبال في السّاعات الأخيرة قبل الانتخابات الأميركية بين الولايات المتحدة وإيران بدأ في أكثر من بلد، ولا شكّ أنّ لبنان في مركزها. فاللدودان المتصارعان في منطقة الشّرق الأوسط من مضيق هرمز إلى حوض المتوسّط مرورًا بالعراق يبدو أنّهما يلعبان ربع السّاعة الأخير، والذي يبدو أنّه لن يكون باردًا البتّة…
إقرأ أيضاً: مُنسّق مكافحة الإرهاب في الخارجية الأميركية لـ”أساس”: زيارة هنية للبنان ليست عاملًا إيجابيًا على الإطلاق!!
على أكثر من صعيد، تحاول إيران قدر الإمكان الضّغط على الولايات المتحدة لنيل مكاسب في وقت تعتقد أنّ الإدارة الأميركية ستكون منشغلة بالانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد 6 أسابيع من اليوم، وببدء عمليات التلقيح ضد فيروس كورونا الذي سيشمل حوالي 100 مليون مواطن أميركي في مرحلته الأولى التي تبدأ خلال 3 أسابيع من اليوم، إلّا أنّ واشنطن أعطت إشارات لطهران بأنّها لن تترك لها ساحة الشّرق الأوسط خالية لـ”تلعب” منفردة كما يحلو لها، واستثمار ما تظنّه انشغالًا أميركيًا عن المنطقة.
واشنطن تسعى لتطويق حزب الله في أوروبا، بينما إيران تسعى لاستمالة الأوروبيين عبر الضغط في لبنان والتلويح بأخذه نحو صراعٍ أو حرب أهلية مصغّرة، وهذا ما يخشاه الأوروبيين والرّوس على حدّ سواء
أولى الرسائل الأميركية لطهران كانت بإبرام اتفاقيات التطبيع بين الإمارات والبحرين من جهة وبين إسرائيل من جهة أخرى، في البيت الأبيض. وقد تعمّد حساب الحكومة الأميركية الناطق بالفارسية على منصة تويتر الإشارة إلى حساب المرشد الأعلى الإيراني علي الخامنئي (تاغ، كما تبيّن الصورة أدناه)، في الصورة التي جمعت دونالد ترامب مع بنيامين نتنياهو ووزيري خارجية الإمارات والبحرين. وهذا يبدو رسالة واضحة لطهران بأنّ المنطقة لا تسير كما يشتهي النظام الإيراني، رغم تصريحات قائد الحرس الثوري الإيراني بأنّ بلاده ستقوم بما أسماه بعملية ثأر لمقتل قاسم سليماني لا محالة.
مصدر جدّي في وزارة الخارجية الأميركية أكّد لـ”أساس” أنّ تهديدات قائد الحرس الثوري الإيراني حسين سلامي تأخذها الإدارة الأميركية على محمل الجدّ، مؤكّدًا في الوقت عينه أنّ الرئيس ترامب لن يسمح لإيران باستغلال الوقت الضائع لمحاولة لعب دور “النّاخب الأكبر” في الانتخابات الرئاسية القادمة. وأشار المصدر إلى أنّه على طهران أن تحسب خطواتها بشكل صحيح، وأن تُدرك أنّ أي عملٍ قد يقوم به الحرس الثوري أو أحد أذرعه في الشرق الأوسط أو خارجه لن يمرّ دون ردّ حاسم وحازم وسريع، وأنّ على طهران أن لا تختبر القوة الأميركية على الإطلاق. وأكّد المصدر لـ”أساس” أنّ الولايات المتحدة الأميركية تتابع عن كثب تحرّكات عديدة في أكثر من مكان ومنطقة لعناصر ومجموعات مرتبطة بإيران يُخشى من أنها قد تكون تُحضّر لعمل ما خلال الأسابيع القادمة، مضيفًا أنّه على النظام الإيراني أن يدرس خطواته جيدًا.
وقال المصدر إنّ واشنطن بدأت بالفعل بخطوات مع عدة دول “صديقة” لبحث الحدّ من النشاط الإيراني في غير منطقة من العالم، وأنّ نتائج هذه التحرّكات الدبلوماسية ستبدأ ثمارها بالظهور قريبًا، مؤكدًا أنّ الولايات المتحدة ماضية في إعادة العقوبات الكاملة على إيران والتي رُفعت بعيد إنجاز الاتفاق النووي عام 2015 رغم معارضة الرّوس والصينيين والأوروبيين لهذه الخطوة. وقال المصدر لـ”أساس” إنّ عملية “الكباش” الجارية لن تتوقف إلا بعد ظهور نتائج الانتخابات الأميركية، خصوصًا أنّ الطرفين يتبادلان “الشّد على الآخر” في غير مكان وساحة،. وواشنطن تسعى لتطويق حزب الله في أوروبا، بينما إيران تسعى لاستمالة الأوروبيين عبر الضغط في لبنان والتلويح بأخذه نحو صراعٍ أو حرب أهلية مصغّرة، وهذا ما يخشاه الأوروبيين والرّوس على حدّ سواء. كما أكد المصدر زيارة وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف الخميس إلى موسكو ستناقش حتمًا الأوضاع في لبنان.
زيارة وزير الخارجية الرّوسي سيرغي لافروف إلى دمشق أزعجت الإيرانيين بسبب تلميحات وتسريبات عن أنّ رأس الدبلوماسية الرّوسية طلب من الأسد أن يعمل على إخراج الإيرانيين وحزب الله من سوريا
وقال المصدر الأميركي لـ”أساس” إنّ روسيا تخشى من تفلّت الأمور في لبنان خاصة أنّ أيّ اضطراب في لبنان سينعكس حتمًا على السّاحة السّورية التي تحاول موسكو ترسيخ نوع من الهدوء فيها، خاصة في منطقة شمال لبنان التي تجاور جغرافيًا القواعد الرّوسية على الساحل السّوري، وأنّ الاضطراب في لبنان قد يعيد خلط الأوراق في سوريا التي جهدت موسكو طيلة الأشهر الماضية لمحاولة دفع العملية السياسية فيها قُدمًا إلا أنّ الحسابات الإيرانية كانت تعيق هذا الأمر في كلّ مرة.
وفي هذا الإطار لفت المصدر لـ”أساس” إلى أنّ زيارة وزير الخارجية الرّوسي سيرغي لافروف إلى دمشق أزعجت الإيرانيين بسبب تلميحات وتسريبات عن أنّ رأس الدبلوماسية الرّوسية طلب من الأسد أن يعمل على إخراج الإيرانيين وحزب الله من سوريا في مقابل أن تعمل روسيا على إخراج الأتراك منها والمضي في العملية السياسية. ولفت المصدر الأميركي إلى أنّ روسيا تعاملت للمرة الأولى مع سوريا من منطق “دولة لدولة” وليس من “دولة للأسد” وهذا ما أقلق طهران أكثر وأكثر.
وتوقّع المصدر الأميركي أن تشهد العديد من الساحات تصعيدًا في الأيام المُقبلة إلا إن رغب الإيرانيون في تصعيد مدروس لنيل بعض المكاسب في أيّ اتفاق نووي من المتوقّع إبرامه بعيد الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث إنّ الرئيس ترامب سيقابل أيّ تصعيد إيراني بتصعيد مقابل يمنع ما أسماه نظام “الملالي” من إحراز أيّ مكسب له في الأسابيع المُقبلة…