الحزب وافق على إخراج مصطفى أديب من قبّعة “رؤساء الحكومة”

مدة القراءة 4 د


يوم الجمعة، رنّ الهاتف في القصر الجمهوري. كان على الخطّ إيمانويل ماكرون، الرئيس الفرنسي. سلّم على الرئيس ميشال عون، وأبلغه باسم مصطفى أديب رئيساً مكلّفاً. استمع الرئيس، وبدأت دوائر القصر في الاستفسار والمتابعة والتقصّي.

إقرأ أيضاً: رئيس مكلّف “بأكثرية اللحظة الأخيرة” في استقبال ماكرون؟

يوم السبت، رنّ الهاتف في بيت الوسط. كان ماكرون نفسه على الخطّ: “مصطفى أديب”. رنّ الاسم مجدّداً، فكتبه الرئيس سعد الحريري على قصاصة ورق، ووضعها في جيبه. كان ذلك هو الاسم الذي انتشر في وسائل الإعلام إنّ الحريري “يضعه في جيبه”.

سفير لبنان في ألمانيا، الرئيس المكلّف، ظلّ مدافعاً شرساً عن خلايا حزب الله في ألمانيا، حتى العام 2018

بعد ظهر الأحد، استُدعيَ مصطفى أديب إلى بيت الوسط، في مشهد ذكّر باستقبال الحريري لحسّان دياب قبل تنصيبه رئيساً ثالثاً. وليل الأحد اتصل ماكرون بوليد جنبلاط طالباً منه التأييد أيضاً.

في هذه الأثناء، كانت الاحتفالات في أوساط “الثنائي الشيعي” ترتقي إلى مرتبة “الانتصار الإلهي”. فحزب الله قد انتصر، وسمّى رئيساً مطواعاً له، للمرّة الثانية على التوالي، وهذه المرّة بموافقة مباشرة من سعد الحريري، وبتسمية ستخرج من فمه في قصر بعبدا، وأوّلاً، قبل الآخرين وقبل الكتل كلّها.

الاسم الذي طُبخ بين آل ميقاتي وبين السفير برنارد إيمييه، رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية حالياً، والسفير السابق في لبنان، جاء إخراجه السنّي ركيكاً

أما جمهور حركة “أمل” فكان يكتب محتفلاً أنّ “مصطفى أديب معنا بالحركة”، على فيسبوك وتويتر، وتتوزّع صوره خطيباً في المجالس الحسينية، وينتشر فيديو لسالم زهران يقول له من على منبر “أمل”، في العام 2018: “دولة الرئيس مصطفى أديب”.

ولمن لا يعرف، فإنّ سفير لبنان في ألمانيا، الرئيس المكلّف، ظلّ مدافعاً شرساً عن خلايا حزب الله في ألمانيا، حتى العام 2018، لكنّ صلته أكثر ارتباطاً بحركة “أمل” وبالرئيس نبيه برّي، الذي نجح في ترئيس رجل قريب منه، بعدما كان دياب “عالقاً في زوره” طوال العام الماضي.

ليل الأحد اتصل ماكرون بوليد جنبلاط طالباً منه التأييد أيضاً

الاسم الذي طُبخ بين آل ميقاتي وبين السفير برنارد إيمييه، رئيس المخابرات الخارجية الفرنسية حالياً، والسفير السابق في لبنان، جاء إخراجه السنّي ركيكاً. ففي خطوة حاول رؤساء الحكومات الأربعة السابقون أن يجعلوها كما لو أنّهم يخرجون الاسم من “قبعتهم”، سرّبوا الاسم، وسرّبوا أنّهم “اختاروه”، في حين أنّ الحقيقة هي أنّ حزب الله “وافق” على الاسم، قبل أن يصل الاسم إلى القنوات الدولية، وقبل أن يصل إلى “الشاشة السنية” التي أعلنته، كما لو أنّها “المكتب الإعلامي” للموافقة الشيعية.

سرعان ما انتشرت صور الرجل في برلين، لا سيما تلك التي يتصدّر فيها مناسبات تغييب الإمام موسى الصدر، ما دفع البعض إلى القول: ابحثوا عن بصمات الرئيس نبيه بري في تسمية مصطفى أديب!

الحريري لا يعود إلى السراي إذا لم ينل رضى المملكة. حتّى نجيب ميقاتي كما تمام سلام، لا يستطيعان تأمين الغطاء السعودي

أما لماذا منح رئيس تيار” المستقبل” سعد الحريري هذا الامتياز لرؤساء الحكومات السابقين؟ فلكون الرجل تجاهل الطلب السعودي بتسمية نواف سلام، ويخشى من أن يقدم على أيّ خطوة من شأنها أن تدفع أبناء طائفته، وقادتهم، إلى التصويب والمزايدة عليه، وهو المتهم أصلاً “بارتكاب” التسويات الواحدة تلو الأخرى بحيث صار تصنيفه السياسي “مرشّح الثنائي الشيعي لرئاسة الحكومة”!.

وفق معادلة حسابية بسيطة، يقول أحد المتابعين إنّ الحريري لا يعود إلى السراي إذا لم ينل رضى المملكة. حتّى نجيب ميقاتي كما تمام سلام، لا يستطيعان تأمين الغطاء السعودي. ولذا، بدأ البحث عن “انتحاري” قادر على مواجهة “الانهيار الكبير”.

كان يمكن للحريري أن يسمّي شخصاً من داخل فلكه السياسي، لكنّ الخشية من مزايدة في الشارع السنّي، دفعته للركون إلى شخص من بيئة خصمه ميقاتي، بدا “هدية” تقدّمها الطبقة السياسية الحاكمة إلى ماكرون، في حين أنّ تأليف الحكومة بات يحتاج إلى “تدخل إلهي”.

مع ذلك، يقول بعض المطلعين على الحراك الفرنسي إنّ المحيطين بالرئيس ماكرون لا يبدون تفاؤلاً مما ستحمله الأيام المقبلة، وهم شبه مقتنعين أنّ الرئيس الفرنسي يخاطر بصدقيته أمام الفرنسيين والأوروبيين من خلال وضع يده “تحت بلاطة” القوى اللبنانية التي أغدقت الوعود طوال سنوات للسير في المشروع الإصلاحي، ولكنها بقيت من دون أيّ ترجمة فعلية، وهؤلاء يخشون من أن تصل محاولة ماكرون إلى حائط مسدود حتى لو جرى تسمية رئيس حكومة خلال الساعات المقبلة.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…