مهمة اليونيفيل وجدت سبيلها إلى التمديد، بدون أيّ فيتو أميركي، مع بعض التعديلات التي تُرضي واشنطن ولا تُغضب غيرها، خصوصًا انّ حزب الله يتعامل مع قرارات الأمم المتحدة بسياسية “اعتبرها لم تكن”، فماذا يعني عبور ملف تمديد عمل اليونيفيل بهذه السلاسة؟
كان “أساس” قد كشف سابقًا عن مصادر أميركية أنّ كلاً من ملف ترسيم الحدود البحرية والبرية لجنوب لبنان مع فلسطين وملف تمديد عمل اليونيفيل يعملان كخطين متوازيين، إذ إنّ التقدّم المُحرَز في ملف الترسيم كان العامل الإيجابي الأبرز في إحراز التقدّم بالجهود الفرنسية التي تعمل على عدة خطوط بمحاولة لإنجاز ملف تمديد عمل اليونيفيل.
إقرأ أيضاً: مصادر أميركية لـ”أساس”: ليتمنَّ ألا يلتقيه شينكر!
مصادر مُطلعة على الجهود المبذولة في الملفين،قالت لـ”أساس”: إنّ ملف ترسيم الحدود بات قاب قوسين أو أدنى من الإنجاز بعد تمديد عمل اليونيفيل وزيارة ديفيد شينكر المُرتقبة إلى لبنان ولقائه المُحتمل بالرئيس نبيه برّي المفاوض عن الطرف اللبناني، علمًا أنّ شينكر وبحسب معلومات خاصّة بـ”أساس” لم يقم حتى الساعة بحجز مواعيد للقاء المسؤولين اللبنانيين، وسط تضارب بالأنباء حول إذا كان شينكر سيلتقي بمسؤولين رسميين أم سيكتفي بلقاء المجتمع المدني وزيارة مرفأ بيروت.
انجاز ترسيم الحدود سيكون فاتحة لحلحلة بعض النّقاط العالقة خصوصًا لجهة الانفتاح الدولي على لبنان بضوء أخضر أميركي
كما نقلت مصادر جديّة أنّ برّي سأل في اللقاء الأخير مع وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هايل عن جواب الإسرائيليين عن عرض لبنان، إلا أنّ هايل أفاد برّي أنه لا يحمل جوابًا عن هذا السّؤال.
وبالتوازي، كشفت مصادر أميركية لـ”أساس” أنّ مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر إن التقى ببرّي، فإنّه سيحمل الجواب من الإسرائيليين على العرض اللبناني كونه الشّخص المعنيّ بجهود الوساطة بشكل مباشر والتي بدأها في أيلول من عام 2019. وقالت المصادر: إنّ زيارة هايل كانت استطلاعية خصوصًا أنّ شينكر هو الرّجل الثاني في الخارجية الأميركية والمبعوث الخاص للشرق الأوسط، وبحال لم يلتقِ شينكر برّي، فسيكون الجواب الإسرائيلي لم يتبلور بعد أو سلبيّاً.
كما قالت المصادر إنّ ملف المرفأ سيكون حاضرًا وبقوة في لقاءات شينكر مع المجتمع المدني حيث إنّ الرسائل المواقف التي سيُطلقها لن تكون سهلة تجاه المسؤولين اللبنانيين للطلب بمحاسبة المسؤولين عن هذا الملف الذي تشير تحقيقات الـFBI أنّه ناجم عن إهمال وفساد كارثي قد يدفع الولايات المتحدة للتدخل ومعاقبة المسؤولين عنه وفق القوانين الأميركية.
وعلى جانب آخر، قالت مصادر أميركية لـ”أساس” إنّ إنجاز ترسيم الحدود سيكون فاتحة لحلحلة بعض النّقاط العالقة خصوصًا لجهة الانفتاح الدولي على لبنان بضوء أخضر أميركي، إلا أنّ أمر الحكومة يبقى عائقًا بحال لم تكن على قدر الآمال الأميركية، إذ إنّ ما حصل في خلدة عصر الخميس كان يحمل رسالة مبطّنة بين رصاصاته وقذائفه الصّاروخية مُفادها أنّ حكومة الوحدة الوطنية هي الحلّ الوحيد الذي يقبل به حزب الله، أو إنّ البديل سيكون تفلّتاً أمنياً متنقّلاً واشتباكات عابرة للمناطق كما حصل من “بروفا” في خلدة والخط الساحلي.
وربطت المصادر الأميركية بين الأحداث التي شهدتها خلدة وفي وقت سابق سعدنايل وتعلبايا في البقاع الأوسط، وحتّى الإعتداء على النّاشط واصف الحركة الشهر الماضي وبين الأحداث التي شهدها العراق قبيل وبعد تشكيل حكومة مصطفى الكاظمي في العراق، وخصوصًا أحداث البصرة الاخيرة وإطلاق الصواريخ على مطار بغداد الدّولي، إذ إنّ الرسائل الإيرانية كانت واضحة بحتمية حيازة مكاسب تعوّض تسمية الكاظمي، وكذلك الأمر في لبنان من حيث الشّكل، إذ إنّ الحزب لن يقبل بحكومة كما تريدها الولايات المتحدة دون مقابل.
الحزب قد يقبل بإجراء انتخابات نيابية مبكرة بحال كانت على أساس قانون لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، إذ إنّ هذا القانون يضمن لحزب الله تأثيرًا سياسيًا داخل مجلس النواب
وأشارت المصادر المُطلعة على الجهود التي تُبذل بين أميركا وحزب الله، واللذين يقال إنّهما التقيا بشكل مباشر في إحدى الدّول العربية قبل أسابيع (حيث إنّ مصدرًا أميركيًا لم يؤكّد أو ينفِ هذه المعلومات) أنّ أحد العروض الأميركية المُقدّمة تضمّن ما يلي:
تشكيل حكومة حيادية برئاسة السّفير نوّاف سلام أو نائب حاكم مصرف لبنان السابق محمّد بعاصيري تقوم بإجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس قانون انتخابيّ جديد، وتفكيك منظومة الصواريخ الدقيقة لحزب الله وتسليمها لليونيفل، وعودة الحزب إلى لبنان من نزاعات وحروب الشّرق الأوسط وأنّ النقطة الاخيرة يتمّ بحثها مع الإيرانيين بجديّة ضمن ما بات يُعرف بـ”طاولة عمان”,
أمّا المقابل، فهو غضّ نظر واشنطن عن باقي سلاح حزب الله وضمانات بعدم شنّ الجيش الإسرائيلي أيّ هجوم على حزب الله.
هذا الطّرح لم يلقَ قبولًا تامًّا من حزب الله الذي يعارض وجود سلام أو بعاصيري في رئاسة الحكومة، بالإضافة إلى رغبته بتطعيم الحكومة سياسيًا، وهذا ما لمّح إليه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله مؤخرًا بكلامه عن “حكومة الوحدة الوطنية”، إلا أنّ الحزب بحسب المصادر أبدى ليونة تجاه مسألة العودة إلى لبنان والانسحاب من سوريا واليمن والعراق بشكل تدريجي مقابل ضمانات سياسية أهمّها ضمان عدم المسّ بسلاحه، وتعديلات على الطائف يطمح إليها الحزب وعبّر عنها مرارًا عبر المفتي الجعفري الشّيخ أحمد قبلان.
وقالت المصادر إنّ الحزب قد يقبل بإجراء انتخابات نيابية مبكرة بحال كانت على أساس قانون لبنان دائرة واحدة على أساس النسبية، إذ إنّ هذا القانون يضمن لحزب الله تأثيرًا سياسيًا داخل مجلس النواب، حيث إنّ حلفاء حزب الله وتحديدًا التيار الوطني الحر قد يواجه صعوبات كبيرة في خوض أيّ استحقاق انتخابي قادم على أساس الدوائر الصغرى أو القانون الحالي خصوصًا أنّه تلقّى ضربات شعبية أدّت لانسحاب نواب يتمتعون بثقل انتخابي في مناطقهم من تكتل “لبنان القوي” مثل نعمة أفرام وميشال ضاهر وميشال معوّض وشامل روكز، وابتعاد بعض حلفاء الحزب عنهم كالحزب السّوري القومي والخسارة الشعبية الملحوظة للتيار العوني منذ اندلاع ثورة 17 تشرين.