سماحة السيّد حسن نصر الله، نحن نعلم وأنت تعلم أنك قادر على فعل الكثير. أنت على رأس حزب سياسي عسكري، يمتلك ميليشيا وسلاحاً قد يتفوّق على بعض جيوش المنطقة، وتمتلك قبضة حديدية على بيئتك الحاضنة بالمحبة حيناً، وبشبكة من المصالح أحياناً، وبالترهيب أحياناً أخرى.
وقد تمتلك أيها السيّد التحكّم بمصير الحرب والسلم في لبنان، فكلّ شركائك في السلطة والنظام، أحزاباً وتيارات وتجمّعات، سلّموا لك بذلك، وجعلوا ثلاثيتك (شعب وجيش ومقاومة) لازمة في كلّ بياناتهم وخطاباتهم يكرّرونها خلفك بذكرى عزاء لفقيد أو باحتفال عيد.
إقرأ أيضاً: السيّد حسن.. غداً ماذا ستطعمنا؟!
وأنت قادر أيضاً، على نزع النيابة عن الكثير من النواب، ومنح لقب نائب لكثير من الناس. وكذلك، كلّ الألقاب والمناصب من معالي الوزير إلى مختار في قرية لا يعرف اسمها من الناس الكثير.
تمتلك الحرية يا سيّد، في إقفال طريق أيّ طريق، ومنع الناس من المرور في تلك الطريق، بسبب مناسبة دينية أو سياسية، أو ربما اعتراضاً على شأن، كبيراً كان أم صغيراً.
وأيضاً وأيضاً، بإمكانك أن تمنع انتخاب رئيس أو تشكيل حكومة أو حتّى استقالة حكومة. فكلّ هذه المناصب بيدك مصيرهاـ وكلّ ما يعنيها من تدبير.
الروح يا سيّد، وضعها الله في أجسادنا وليس حزبه. هي ملك لله ووحده، قادر على سلبها عندما تحين ساعتها ويطلق النفير
لكنّنا، نستمحيك عذراً يا سيّد. أنت وأيّ أحد غيرك، لا يمتلك القدرة ولا السلطة أن يمنعنا من التعبير، أن يُحرّم علينا الكلام والاختيار، بين أن نشارك بحكومة أو نعارض من الخارج، قريباً كان هذا الخارج أم بعيداً. أن نرفع المشانق اعتراضاً ودلالة على ضرورة التغيير ومحاربة الفساد والمفسدين.
لا تمتلك يا سيّد إلغاء حقّ الناس بالقرار، أين تكون وماذا تعمل وكيف تنظر إلى كلّ تلك الأمور ، ومتى تمارس السياسة ومتى تقرّر الاعتزال من هذا الوسط المريض.
الروح يا سيّد، وضعها الله في أجسادنا وليس حزبه. هي ملك لله ووحده، قادر على سلبها عندما تحين ساعتها ويطلق النفير.
لا تمتلك يا سيّد، حق إرعاب وإرهاب الناس بالغضب ودعوة أنصارك إلى الاحتفاظ به، فما هذه هي تعاليم النبي محمد، ولا الإسلام ولا كلّ الأديان ولا تعاليم الخالق القدير.
يا سيّد دع الناس تعيش. تستطيع أن تقرّر عن حزبك وجمهورك وتفعل بهم ما تريد. لكنك لا تستطيع أن تقرّر عن الناس
الغضب يا سيّد، هو عند الناس التي هُدِمت منازلها، وقُتل رجالها وتيتّم أطفالها واحترقت أرزاقها. وتأتي أنتَ لتقول لهم، إنّه تقصير إداري صغير وحادث عرضي، فلم كلّ هذه المطالب والأساطيل؟
سماحة السيّد، من حقّك أن تقول كلّ شيء، حريتك كحريتنا مقدّسة ومصان حقّ التعبير، لكن ليس من حقك ولا من حقنا أن نمنع أحداً عن الكلام، لأنّ كلامه يزعجنا ويذكّرنا بما اقترفنا على مرّ تلك السنين.
يا سيّد دع الناس تعيش. تستطيع أن تقرّر عن حزبك وجمهورك وتفعل بهم ما تريد. لكنك لا تستطيع أن تقرّر عن الناس وهم كُثر وأكثر مما تعتقد بكثير. لم يبقَ لنا يا سيّد سوى هذه الروح ووحده من خَلقك وخلقنا يحفظها، ووحده يقبض عليها، فهو فعّال لما يريد.