تحطيم صورة عون في “الخارجية”: مشاكل عائلية

مدة القراءة 3 د


صورة ميشال عون التي جرى تحطيمها في وزارة الخارجية اللبنانية هي صورته بالأسود والأبيض القديمة المعلّقة على الحائط الذي يضمّ صور وزراء الخارجية الذين تعاقبوا على الوزارة منذ العام 1937. في العام 1988 عندما ترأس عون حكومة انتقالية في الأيام الأخيرة من عهد الرئيس أمين الجميّل، عيّن نفسه وزيراً للخارجية إلى جانب حقائب أخرى هي الدفاع والإعلام. ومنذ ذلك الحين، دخل عون نادي وزراء الخارجية الذين تُعلّق صورهم في قصر بسترس، ومعه طبعاً صهره وزير الخارجية الأسبق جبران باسيل.

إقرأ أيضاً: “فجر الجمهورية”: روكز يطلق حزباً جديداً

عملياً تمثّل صورة عون في “الخارجية” نوعاً من الاحتلال. فالحكومة الانتقالية العسكرية لم تكن حكومة شرعية، ولم تعترف بها حكومة الرئيس الحصّ آنذاك، وحتّى الوزراء الذين عيّنهم عون لم يكونوا راضين بها، فقرّر الاعتذار الوزراء الثلاثة العسكريون، الضباط محمود طي بو ضرغم ومحمد نبيل قريطم ولطفي جابر، وبقي في الحكومة التي شكّلها عون كلٌّ من إدغار معلوف وعصام أبو جمرا. كان عون قد عيّن الوزراء الثلاثة من دون مشورتهم. ظن أنّ من واجبهم كعسكريين أن يلتزموا بأوامره، بتعيينهم في مناصب حكومية في حكومة انقلابية عسكرية. تلك الحكومة تشبه سيرة ميشال عون السياسية كلها. وانتزاع صورته التي تمثل تلك الحكومة من وزارة الخارجية اليوم فيه شيء من تحطيم هذا النهج العسكري القمعي الذي انتهجه عون دائماً في مقاربته العمل السياسي.

عادت “الخارجية” إذاً إلى الكنف الباسيلي بشكل كامل، واقتحامها اليوم فيه شيء من “الهيلا هيلا هو”، وأشياء أخرى غيرها، منها الصراع بين صهري عون باسيل وشامل روكز

قد لا يكون جميع مقتحمي قصر بسترس على بيّنة من هذه الخلفيات. بعضهم دخلها كرمز مرتبط بصهر عون جبران باسيل، الذي حمل حقيبة الخارجية منذ العام 2014 وساهم في تعيين بديل عنه، هو الوزير ناصيف حتي، الذي استقال لأسباب تتعلّق بالأداء الباسيلي العام المخيّم على حكومة الرئيس حسان دياب، ليعيّن مكانه شربل وهبة، وهو مستشار سابق لعون في المنصب.

عادت “الخارجية” إذاً إلى الكنف الباسيلي بشكل كامل، واقتحامها اليوم فيه شيء من “الهيلا هيلا هو”، وأشياء أخرى غيرها، منها الصراع بين صهري عون باسيل وشامل روكز. فمن بين المقتحمين عسكريون متقاعدون على رأسهم العميد جورج نادر، الذي صرّح في مقابلة مع قناة “الجديد” إن ّالاقتحام حصل بالتنسيق الكامل مع روكز، قبل أن يحاول نادر لاحقاً القول بأنّ هذا الاقتحام لا يصبّ في سياق الانقلاب على الحكم، بل فقط لتوجيه رسالة إلى الخارج، وأيضاً، وطبعاً، بالتنسيق الكامل مع روكز.

اقتحام وزارة الخارجية الباسيلية من قبل عسكريين متقاعدين وإعلان ما يشبه “البيان رقم واحد” من مبناها، تحت لافتة تحمل شعار “بيروت منزوعة السلاح”، وبالتنسيق الكامل مع صهر رئيس الجمهورية النائب وقائد فوج المغاوير سابقاً شامل روكز، ثم تحطيم صورة عون كوزير للخارجية وكرئيس لحكومة عسكرية، وكرئيس جمهورية حالي، فيه الكثير من الرمزية المكثفة في نتيجة حتمية واحدة: نهاية العهد محطماً، كالصورة، ما بين الصهرين.

مواضيع ذات صلة

تركيا في الامتحان السّوريّ… كقوّة اعتدال؟

كان عام 2024 عام تغيّر خريطة الشرق الأوسط على أرض الواقع بعيداً عن الأوهام والرغبات التي روّج لها ما يسمّى “محور الممانعة” الذي قادته “الجمهوريّة…

ردّاً على خامنئي: سوريا تطالب إيران بـ300 مليار دولار

 أفضل ما كان بمقدور إيران وقياداتها أن تقوم به في هذه المرحلة هو ترجيح الصمت والاكتفاء بمراقبة ما يجري في سوريا والمنطقة، ومراجعة سياساتها، والبحث…

إسرائيل بين نارين: إضعاف إيران أم السُنّة؟

الاعتقاد الذي كان سائداً في إسرائيل أنّ “الإيرانيين لا يزالون قوّة مهيمنة في المنطقة”، يبدو أنّه صار من زمن مضى بعد خروجهم من سوريا. قراءة…

تركيا والعرب في سوريا: “مرج دابق” أم “سكّة الحجاز”؟

الأرجح أنّ وزير الخارجية التركي هاكان فيدان كان يتوقّع أن يستقبله أحمد الشرع في دمشق بعناقٍ يتجاوز البروتوكول، فهو يعرفه جيّداً من قبل أن يكشف…