“لبنان اليوم بلا مخزون استراتيجي من المعدات والأدوية والمستلزمات التي تحمي من فيروس كورونا”، بهذه الكلمات يصف رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة هشام فواز الواقع الطبي لـ”أساس” بعد انفجار مرفأ بيروت، شاكياً من نقصٍ في مستلزمات الحماية الشخصية التي يستعلمها الأطباء والممرضون لحماية أنفسهم أثناء معالجة مرضى كورونا. إذ تضرر جزء كبير منها فيما استخدم الجزء الآخر في إسعاف الجرحى ليل الانفجار.
إقرأ أيضاً: أخطاء PCR: تزوير شهادات وkits باب ثاني
إلى ذلك هناك نقص في كل ما يتعلق بقسم العناية الفائقة، للكورونا وغير الكورونا، وهناك أيضاً حاجة للمستلزمات الطبية المتعلقة بالعمليات الجراحية، وذلك بسبب العمليات الجراحية الكثيرة التي أجريت، يضاف إلى ذلك أنّ الضرر قد لحق بـ4 مستشفيات لبنانية، منها 3 جامعية، هي: الروم، جعيتاوي، الكرنتينا، بالإضافة إلى مستشفى حداد.
انفجار المرفأ فتح بوابة المساعدات الطبية للبنان، فأرسلت دول عدّة مستشفيات ميدانية. نقيب الأطباء شرف أبو شرف له هنا وجهة نظر أخرى إذ يعتبر أنّ “لبنان لا يحتاج هذه المستشفيات الميدانية. ولا الأطباء ولا الممرضات بل فقط ترميم ما تدمّر وتعويض خسارة المستشفيات”، التي يصف ضررها بأنّه “دمار كبير وكلّ المعدات خرجت من الخدمة”.
الدولة لم تكن تدفع مستحقات المستشفيات الخاصة. ولا يوجد أموال. وجاءت الفاجعة لتستهلك كل مستلزمات الجراحة والعناية الفائقة، من كفوف وإبر وألبسة الوقاية وصولاً إلى الأدوية والشيش المطهر
ويوضح أبو شرف لـ”أساس” أنّ المستشفيات من قبل الانفجار “آكلة الضرب”، إذ “لم يكن هناك سيولة لشراء معدات ومستحضرات طبية من الخارج بسبب أزمة الدولار. وليل الانفجار الكارثة تفاقمت، فاستنفدت المستشفيات الأدوية والمعدات الطبية. وقد جهزنا اللوائح عبر وزارة الصحة وعبر نقابة المستشفيات ونحن بانتظار المساعدات”.
وكما أبو شرف، يؤكد نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ”أساس”، أننا لسنا بحاجة لمستشفيات ميدانية ولا لأطباء، ويتفق الإثنان على أنّ الطاقم الطبي اللبناني يتمتع بالكفاءة اللازمة.
أما النقص بحسب هارون فهو في الـ”MEDICAL SUPPLIES والأموال”، تماماً كما هو رأي أبو شرف. هذه الأزمة موجودة سابقاً وتفاقمت بعد انفجار المرفأ، فـ”الدولة لم تكن تدفع مستحقات المستشفيات الخاصة. ولا يوجد أموال. وجاءت الفاجعة لتستهلك كل مستلزمات الجراحة والعناية الفائقة، من كفوف وإبر وألبسة الوقاية وصولاً إلى الأدوية والشيش المطهر”.
ومع كل ما يُسمع في الإعلام عن مساعدات صحية ستصل إلى لبنان، لم يلمس القطاع الطبي منها شيئاً حتى اللحظة: “نرى طائرات ولكن لم تصلنا أي مساعدات بعد”، يقول هارون.
حتّى الآن لم تصل مستلزمات حماية الجسم الطبي من كورونا، ولا كميات كافية من الأدوية المستعصية وأدوية الأمراض المزمنة، فأكثر الأدوية التي تصل هي فقط للأعمال الجراحية الطارئة
المستشفيات الميدانية الخمسة التي وصلت هي من قطر، إيران، روسيا، الأردن، والعراق، وهي بحسب فواز “كافية حتى الآن. وتفكر الدولة في استحداث مستشفيات ميدانية في مواقف مستشفيات: الروم، جعيتاوي، الكرنتينا وحداد”.
ويوضح رئيس دائرة المستشفيات والمستوصفات في وزارة الصحة أنّ “الانفجار لم يستنفد فقط مستلزمات المستشفيات، وإنّما الأدوية، وذلك بعد الضرر الذي لحق بمخزن الوزارة في الكرنيتنا وهو المخزن الوحيد المعتمد، ولبنان اليوم يحتاج إلى لقاحات وأدوية الأمراض المستعصية وأدوية الأمراض المزمنة كأمراض الدم والسرطان والروماتيزم، التي تضرّر عدد كبير منها”.
في السياق نفسه يعرب فواز عن قلقه على القطاع الصحّي “هذا القطاع تضرر بشكل كبير في بيروت وضواحيها ونحن أمام مشكلة حقيقية. وعلى الأرض لبنان لا ينقصه الكوادر الطبية وإنّما ينقصه كل ما هو متعلّق العمليات الجراحية من بنج وقطب. وذلك بعدما عالجت المستشفيات أكثر من 6000 جريح.
يشكر فواز “الأشقاء العرب على المساعدات الطبية التي أرسلوها إلى لبنان، كذلك فرنسا ودول أخرى. هذه المساعدات عبارة عن أدوية ومعدات طبية ومستشفيات ميدانية ولقاحات. لكن ما زلنا بحاجة لكميات كبيرة، فحتّى الآن لم تصل مستلزمات حماية الجسم الطبي من كورونا، ولا كميات كافية من الأدوية المستعصية وأدوية الأمراض المزمنة، فأكثر الأدوية التي تصل هي فقط للأعمال الجراحية الطارئة“.
الحل يكون “بدعم المجتمع الدولي”، يؤكد فواز، فالخسارة التي تكبدها الجسم الطبي بانفجار المرفأ تقدّر بعشرات ملايين الدولار. وكما فواز، لا يرى نقيب الأطباء حلاً إلا بـ”المساندة الدولية للبنان”، مطمئناً إلى أنّ “وضع المستشفيات اليوم أفضل من الأيام الماضية فالعدد الأكبر من الجرحى غادر، كما أنّ التعاون الذي شهدناه من المستشفيات الواقعة خارج بيروت خفف من الضغط عن مستشفيات العاصمة”.
الناس بفعل الصدمة لم تلتزم بأدنى سبل الوقاية. وبدأنا نشهد اليوم ارتفاعاً بأعداد الإصابات. وإذا استمرّ العدد على هذه الوتيرة من الارتفاع سنفقد قدرتنا الاستيعابية
إلى ذلك فإنّ حادثة المرفأ يجب ألا تجعلنا ننسى الكورونا، يشدد فواز، مشيراً إلى أنّ “الكورونا هي الهاجس الأكبر. خاصة بعد الاختلاط الكبير الذي فرضه الانفجار. وهذا سيؤثر على أعداد الموجودين في المستشفيات. والمستشفيات اليوم في وضع لا تحسد عليه”.
ويأتي تخوف فواز، في ظلّ وجود 120 إصابة بالعناية الفائقة، بسبب الانفجار. من جهته يتوقف نقيب المستشفيات عند ليل الفاجعة: “الناس بفعل الصدمة لم تلتزم بأدنى سبل الوقاية. وبدأنا نشهد اليوم ارتفاعاً بأعداد الإصابات. وإذا استمرّ العدد على هذه الوتيرة من الارتفاع سنفقد قدرتنا الاستيعابية قريباً”.
المستشفيات في أزمة. تحتاج إلى مال ومعدّات، وإلى إعادة برمجة التوجيهات الاجتماعية في الإعلام للتنبيه من مخاطر كورونا. لأنّ وحدات العناية الفائقة اقتربت من سعتها القصوى.