حسّان دياب يلملم أغراضه في السراي

مدة القراءة 4 د


.. خلال اللقاء بين رئيس الحكومة حسان دياب ووزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، بادر دياب رئيس الدبلوماسية الفرنسية بالقول: “نحن نسير بالإنجازات، لكنكم لا تعطونا الفرصة كما كنتم تعطونها لسعد الحريري”. فردّ عليه لودريان بالقول: “شرعية سعد الحريري أنه منتخب من الشعب وزعيم مقبول في بيئته. أما شرعية هذه الحكومة، فشرعيتها هي الإصلاحات والإنجازات وليس أي شيء آخر” وفي مجال الحديث عن التدقيق في حسابات البنك المركزي، باعتباره من الإنجازات، فكان جواب سيّد الديبلوماسية الفرنسية: “لماذا لا تدقّقون في حسابات الكهرباء وهي المزراب الأوّل للهدر”.

إقرأ أيضاً: حسّان دياب.. وقفا الدهر

.. ويروي أحد الأساتذة في الجامعة الأميركية في بيروت أنّه خلال اجتماعات مع وفد أكاديمي أميركي في مبنى الإدارة ببيروت، عمد حسان دياب إلى الحديث في كلّ اجتماع عن إنجازاته التي هو يفترض أنّه حقّقها خلال توليه وزارة التربية، فاستدعاه رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري، وقال له: “توقف عن ذكر إنجازاتك. يريدون الاستماع إلى ما ستفعل وليس إلى ما لم تفعله بالأمس”.

يعتمد حسان دياب في سردياته على ضمير الغائب دائماً، فيرمي فشله على خصوم غائبين غير معروفين، ويرمي أزماته على أعداء مفترضين غير مرئيين

.. عبثاً يحاول حسان دياب إقناع الآخرين في الداخل والخارج أنه ينجز أو أقله قادر على الإنجاز. فالرجل منذ اللحظة الأولى لدخوله السراي الحكومي قام بتغيير تسريحة شعره. ولعلّ المحيطين به أو العارفين، لمسيرته من زملاء في الجامعة الأميركية أو موظفين في وزارة التربية الوطنية، ينسون صورته النمطية السابقة الراسخة في ذاكرتهم باتجاه صورة جديدة عبر تسريحة شعر جديدة.

يعتمد حسان دياب في سردياته على ضمير الغائب دائماً، فيرمي فشله على خصوم غائبين غير معروفين، ويرمي أزماته على أعداء مفترضين غير مرئيين. هو مرتاب من كلّ شيء، المعارضة والموالاة، شركائه في الحكومة أو للدقّة الأطراف التي أوصلته إلى السراي، وانتهاءً بأعضاء حكومته، بانتظار أن يصل هذا الارتياب إلى المستشارين والمحيطين به.

يتقصّد حسان دياب كلّ فترة أن يطلق رسائل هادئة إلى الجهات الداخلية الراعية لوجوده في السراي الكبير، وتحديداً حزب الله. مفاد هذه الرسائل أنه يتحضّر للاستقالة، وهو المُدرك، ومن يرعاه يُدرك، وشركاؤه في الحكومة يُدركون، أنّ حكومة دياب هي آخر حكومة تشكّل في عهد الرئيس ميشال عون. وطالما لا حكومة أخرى، فلماذا إسقاط هذه الحكومة. آخر رسائل الدلال من دياب لحلفائه، إشاعة المحيطين به خبر أنّه بدأ يختار ضبّاط وعناصر القوّة الأمنية التي سترافقه عندما يخرج من السراي الحكومي. لا بل إنّه بدأ يلملم أو يوضّب أغراضه العائلية داخل السراي. هي رسائل الذي عرف حقيقة تورّطهم به، فتدلّل.

حسان دياب باقٍ حتى آخر عهد الرئيس ميشال عون. من هنا، يمكن تأكيد تعفّف الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة

مشكلة حسان دياب هي حسان دياب. فالرجل غير قادر على تجاوز نفسه وصورته، والانتقال من الشخص الذي خاطب والدته في مقالة صحافية بعد تولّيه وزارة التربية مفتخراً بما حقّق من إنجاز، إلى رجل السياسة المحترف أو أقلّه رجل الدولة، وبعبارة أوضح: “كبير الموظفين”. فهو عاجز عن تحقيق الأولى لألف سبب وسبب، منها البنيوي ومنها المنطقي، وغير قادر على بلوغ الثانية.

حسان دياب باقٍ حتى آخر عهد الرئيس ميشال عون. من هنا، يمكن تأكيد تعفّف الرئيس سعد الحريري عن رئاسة الحكومة، في دردشاته مع الإعلاميين على درج بيت الوسط. ومن هنا، تُقرأ لا مبالاة حزب الله بكلّ الأطراف الداخلية على قاعدة “من عنده مثل حسان دياب رئيساً للحكومة لا يمكنه التخلي عنه”.

لقد تحدث حسان دياب عن الماء العكر في معرض تناوله السابع من آب موعد صدور حكم المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، داعياً للعمل على عدم السماح للمتصيّدين فيها. وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ المياه العكره في الحياة السياسية اللبنانية خلال السنوات الأخيرة، أنتجت “حكومة الديب” كما وصفها وليد جنبلاط.

مواضيع ذات صلة

قمّة الرّياض: القضيّة الفلسطينيّة تخلع ثوبها الإيرانيّ

 تستخدم السعودية قدراً غير مسبوق من أوراق الثقل الدولي لفرض “إقامة الدولة الفلسطينية” عنواناً لا يمكن تجاوزه من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، حتى قبل أن…

نهج سليم عياش المُفترض التّخلّص منه!

من جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة في 2023، لم يكن سليم عياش سوى رمز من رموز كثيرة…

لبنان بين ولاية الفقيه وولاية النّبيه

فضّل “الحزب” وحدة ساحات “ولاية الفقيه”، على وحدانية الشراكة اللبنانية الوطنية. ذهب إلى غزة عبر إسناد متهوّر، فأعلن الكيان الإسرائيلي ضدّه حرباً كاملة الأوصاف. إنّه…

الأكراد في الشّرق الأوسط: “المايسترو” بهشلي برعاية إردوغان (1/2)

قال “أبو القومية التركية” المفكّر ضياء غوك ألب في عام 1920 إنّ التركي الذي لا يحبّ الأكراد ليس تركيّاً، وإنّ الكردي الذي لا يحبّ الأتراك…