منعت إدارة الجمارك كلّ البواخر من تفريغ حمولتها في مرفأ طرابلس حتّى ظهر أمس، لتعود وتسمح بذلك بعد تدخل مرجعيات سياسية شمالية. ما طرح تساؤلات، حول أهداف هذه العرقلة، لا سيما وأنّ مدير عام الجمارك بدري ضاهر ينتمي إلى “التيار الوطني الحر”. هذا التيار الذي لم يتوانَ عن شيطنة طرابلس عبر مقالات عدّة نشرت عبر موقعه الرسمي “tayyar.org”، فيما استهجن محازبوه تسليط الأضواء على مرفأ “الإسلاميين”، وفق ادّعاءاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
إقرأ أيضاً: طرابلس تحضّر مرفأها بدل بيروت.. وخشية من “اليد الحزبية”
مدير مرفأ طرابلس الدكتور أحمد تامر أكّد لـ”أساس” أنّ البواخر أفرغت حمولتها في المرفأ أخيراً، متحدثاً عن “عطل تقني في الكمبيوتر والنظام الإلكتروني أخّر تسجيل السفن”.
ما يتردّد في التصريح عنه علناً مدير مرفأ طرابلس، تقوله مصادر من داخل المرفأ لـ”أساس”، مشيرة إلى عرقلة تعمّدتها إدارة الجمارك. وتسأل المصادر عن دواعي هذا التأخير في ظروف استثنائية كهذه، خصوصاً أنّ السفن تحمل مواداً غذائية، وإنزالها مرتبط بالأمن الغذائي.
محاولة “التيار الوطني الحر” وضع اليد إدارياً على مرفأ طرابلس، تتقاطع ومعلومات وصلت لـ”أساس”، عن استقدام موظفين من مرفأ بيروت للعمل في مرفأ طرابلس
في المقابل، تؤكد مصادر مطلعة لـ”أساس”، أنّ ما حصل ليس بريئاً: إذ أنّ فريق رئيس الجمهورية يريد وضع اليد على مرفأ طرابلس”. وتلفت إلى أنّ الأمر يرتبط بنقطتين: الشقّ الإداري، وشقّ المساعدات.
وبحسب المصادر، فإنّ هذا الفريق السياسي يسعى لأن تكون إدارته هي المسيطرة على المرفأ، كما يسعى لوضع اليد على المساعدات الآتية من الخارج، إذ لن يقبل استلامها خارج نطاق مؤسسات الدولة التي تشرف عليها الحكومة والأجهزة المرتبطة بها، وذلك لمنع الجهات المتبرّعة من التواصل المباشر مع اللبنانيين. وتستشهد المصادر بما حصل في مطار بيروت مع المساعدات الإماراتية التي عرقل “التيار” وصولها صباح أمس، وما تزال في المطار حتى لحظة كتابة هذا المقال.
محاولة “التيار الوطني الحر” وضع اليد إدارياً على مرفأ طرابلس، تتقاطع ومعلومات وصلت لـ”أساس”، عن استقدام موظفين من مرفأ بيروت للعمل في مرفأ طرابلس.
المعلومات الواردة حول استقدام موظفين من مرفأ بيروت، أكّدها تامر، مشيراً إلى أنّ الجمارك أبلغته نيتها إرسالهم “وهذا أمر طبيعي لأنّ ضغط العمل سيرتفع”.
يوضح رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس توفيق الدبوسي لـ”أساس” أنّ “طرابلس لديها كفاءات. لكن العدد الموجود لن يستطيع استيعاب المرحلة المقبلة. لذا، من الطبيعي أن يتمّ فصل عدد من موظفي الجمارك في مرفأ بيروت إلى مرفأ طرابلس”، مضيفاً: “نحن في مرحلة حساسة، ولا نريد الدخول بصراعات بين الأطراف السياسية والحزبية. نحن نريد العمل في لبنان من طرابلس، والتعاون مع الجميع”.
أجرى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة بدوره اتصالاً بالطرفين، معتبراً أنّ من مصلحة لبنان القيام بكلّ التسهيلات في هذا المرفأ
وفيما يتعلّق بالعرقلة أمس، يفضّل الدبوسي أخذ ما حصل اليوم في إطار “حسن النية”، ويؤكد: “إذا تكرّر هذا الأمر، وإذا لمسنا بالدليل أنّ هناك خططاً مقصودة. فحينها سيكون لنا موقف”.
يشار إلى أنّ السماح بتفريغ حمولة السفن في مرفأ طرابلس، لم يأتِ “رحمة” من الجمارك، وإنّما بعد اتصالات عدة، إذ أجرى نجيب ميقاتي اتصالين هاتفيين بكلّ من رئيس المجلس الاعلى للجمارك العميد أسعد طفيلي، والمدير العام للجمارك بدري ضاهر طالباً تسهيل أعمال مرفأ طرابلس، وإفراغ حمولة البواخر.
كما أجرى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة بدوره اتصالاً بالطرفين، معتبراً أنّ من مصلحة لبنان القيام بكلّ التسهيلات في هذا المرفأ.
وفيما لا يخشى الدبوسي وضع اليد على مرفأ طرابلس من قبل “إدارة بيروت”، يدعو اللبنانيين وأهل طرابلس ليكونوا على قدر المسؤولية ليتحمّلوها بأمانة، ليثبتوا للجميع أنّهم على قدر الحمل. ففي النهاية، طرابلس حاجة للبنان، ولبيروت، وللمحيط العربي. واليوم الاستثمارات لا منصة لها إلا طرابلس”.