أنا أكره رياض سلامة…

مدة القراءة 3 د


أزمة العهد والحكومة ومن يقف خلفهما مع رياض سلامة، أنّ الكثير من الوزراء الحاليين والسابقين والكثير من المستشارين وبعض المدراء العامين من استقال منهم أو من ينتظر، يطمحون إلى منصب حاكمية مصرف لبنان.

إقرأ أيضاً: أغثنا يا حسين.. جنى العمر في خطر

بالرغم من كلّ ما قيل وما سيقال عن هندسات مالية، أو منهجيات نقدية تحتمل الخطأ والصواب انتهجها رياض سلامة على رأس مصرف لبنان منذ دخوله إلى ذاك المبنى الأبيض عند مدخل شارع الحمرا في بيروت منذ العام 1993، فإنّ كلّ هذه الإرهاصات الرقمية والنظرية ليست هي المقصد أو الهدف، بل إنّ الرغبة في الوصول إلى هذا المبنى والدخول إليه، دفع الطامحين والحالمين إلى تشكيل عصابة أشرار، تارة تدعو للتظاهر أمام المصرف، وتارة توعز لبعض المحامين بالادّعاء على حاكم المصرف، وتارة أخرى للقضاء بقبول الادّعاء، وكلّ ذلك على حساب الليرة، وقيمتها، والخزينة اللبنانية، ومؤونتها.

رياض سلامة بملامحه الجسدية، وجمود معالم وجهه، والموسيقى الرتيبة المرافقة لكلامه المثقل بالأرقام، لا يمكن أن يوصلك إلى محبته، أو على الأقل بناء شيء من الكيمياء الإنسانية معه. فالرجل يشبه الليرة، التي تسعدك عندما تحصل عليها، وتلعن ساعتها عندما تفقدها أو تُطالبُ بها. فأنت ملزم بحبّها، ومدفوع لكرهها دون أن تمتلك القدرة على التخلّي عنها.

رياض سلامة بملامحه الجسدية، وجمود معالم وجهه، والموسيقى الرتيبة المرافقة لكلامه المثقل بالأرقام، لا يمكن أن يوصلك إلى محبته

المعارضون لرياض سلامة، هم أشبه بالشخصية الكرتونية المعروفة باسم “سنفور غضبان”. الذي يعلن أنّه يكره أيّ عمل يُنجز، أو يُطلب منه. ثم تراه يشارك في العمل، ويقلّده، ويمارسه. هم يعلنون رفضهم وغضبهم من الهندسات المالية لرياض سلامة، ثم يطالبونه باستعمال الاحتياطي النقدي لدعم سياساتهم ورواتب وزاراتهم، وهو الاحتياطي الذي لم يكن ليتكوّن لولا هذه الهندسات المالية..!

هم يرفضون وينتقدون موافقته على طلبات استدانة الدولة من المصرف وموجوداته، ثم يتقدّمون اليوم لاستدانة الرواتب، وكلفة الدعم الذي يتبخّر في وزارة الطاقة، ويُسرق في الأفران تحت عين وزارة الاقتصاد. هم يريدون تغيير رياض سلامة ليس من أجل تغيير سياساته وسلوكياته، بل من أجل الجلوس مكانه. فالإطلالة على بيروت من هناك مُغرية بالنسبة لهم.

خمسة حكّام في 57 عاماً، رقم يعني الكثير من الاستقرار والديمومة والصلابة. هو رقم يوحي بالثقة، وهنا يكمن سرّ مصرف لبنان وحاكمه

عند الدخول إلى الطابق السادس في المبنى “أ” لمصرف لبنان، وبعد أن تتجاوز الباب الحديدي الذي يشعرك وكأنك داخل إلى سجن من معتقلات الأنظمة الراقية، تواجهك في الصالون المشترك ما بين الحاكم ونوابه خمس صور للحكّام الذين تناوبوا على مصرف لبنان منذ تأسيسه عام 1963. فيليب تقلا، ثم الياس سركيس، فميشال خوري، وصولاً إلى إدمون نعيم، وفوقهم صورة رياض سلامة.

خمسة حكّام في 57 عاماً، رقم يعني الكثير من الاستقرار والديمومة والصلابة. هو رقم يوحي بالثقة، وهنا يكمن سرّ مصرف لبنان وحاكمه. إنّها الثقة التي تمنحك إياها الليرة التي وكما قلنا بداية: تحبها تارة وتكرهها تارة أخرى، لكن لا قدرة لك على التخلّي عنها.

مرجعية سياسية كبيرة وفي جلسة خاصة قال: “يريدون إزاحة رياض سلامة كي يجلسوا مكانه في مصرف لبنان، اتركوه بداية كي ينقذ لبنان، ليبقى هناك مصرف كي تحكموه”.

مواضيع ذات صلة

قمّة الرّياض: القضيّة الفلسطينيّة تخلع ثوبها الإيرانيّ

 تستخدم السعودية قدراً غير مسبوق من أوراق الثقل الدولي لفرض “إقامة الدولة الفلسطينية” عنواناً لا يمكن تجاوزه من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، حتى قبل أن…

نهج سليم عياش المُفترض التّخلّص منه!

من جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة في 2023، لم يكن سليم عياش سوى رمز من رموز كثيرة…

لبنان بين ولاية الفقيه وولاية النّبيه

فضّل “الحزب” وحدة ساحات “ولاية الفقيه”، على وحدانية الشراكة اللبنانية الوطنية. ذهب إلى غزة عبر إسناد متهوّر، فأعلن الكيان الإسرائيلي ضدّه حرباً كاملة الأوصاف. إنّه…

الأكراد في الشّرق الأوسط: “المايسترو” بهشلي برعاية إردوغان (1/2)

قال “أبو القومية التركية” المفكّر ضياء غوك ألب في عام 1920 إنّ التركي الذي لا يحبّ الأكراد ليس تركيّاً، وإنّ الكردي الذي لا يحبّ الأتراك…