تزامناً مع الخطاب الأخير للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي أعلن خلاله الجهاد الزراعي والصناعي، اتخذ حزب الله سلسلة إجراءات من أجل تعزيز الصمود الداخلي وحماية النظام العام من الانهيار والسقوط بسبب الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة والعقوبات الأميركية.
إقرأ أيضاً: لا تنقذوا حزب الله من ورطة الحكم
يرفض المسؤولون في حزب الله الدخول في سجالات مباشرة أو الردّ على بعض الطروحات التي أُطلقتها مؤخراً مرجعيات دينية وسياسية، ويفضلّون التركيز على خطط العمل سواء التي يقوم بها الحزب مباشرة أو التي تنفّذها الحكومة والمؤسسات الرسمية، والهادفة لتنويع الخيارات الاقتصادية وتأمين مقوّمات الصمود ومنع الانزلاق إلى مخاطر جديدة خلال الأشهر الأربعة المقبلة.
الهدف الأساسي للحزب في هذه المرحلة، حماية النظام اللبناني من السقوط
ومن أهمّ الإجراءات الداخلية التي اتخذها الحزب مؤخراً إنشاء وحدة تنظيمية جديدة باسم: “وحدة الأمان الاجتماعي”. ومن مهامّ هذه الوحدة، الاهتمام بكلّ مقوّمات الصمود الداخلية من خلال تأمين المواد المطلوبة من غذاء وطحين ومشتقات نفطية، وتقديم المساعدات للعوائل للمحتاجة، والبحث عن مصادر جديدة لكافة الحاجات الأساسية. وعمل هذه الوحدة يتكامل مع ما تقوم به المؤسسات الرسمية الحكومية الجهات الأخرى تلك الأهلية أو مؤسسات المجتمع المدني أو البلديات، وبالتعاون مع القوى السياسية والحزبية في المناطق اللبنانية كلّها. والحزب سيكون منفتحاً للتعاون مع الجميع بدون استثناء لمنع الانهيار والفوضى ولحماية الأمن الاجتماعي الداخلي.
الدعوة الى الشرق لا تعني التخلّي عن علاقات لبنان مع الدول الغربية أو العربية
وبعكس ما تروّج له بعض الجهات الداخلية والخارجية، يؤكد المسؤولون في حزب الله أنّ “الهدف الأساسي للحزب في هذه المرحلة، حماية النظام اللبناني من السقوط. وليس الهدف تغيير النظام أو إسقاطه أو أخذه إلى مسارات جديدة سياسية أو طائفية أو ثقافية، وأنّ المطلوب اليوم استكمال عملية الإصلاح، ومواجهة الفساد المالي والاقتصادي من خلال الآليات الدستورية والمؤسسات المعنيّة. أما طرح مشروع تغيير شامل أو إعادة النظر في خريطة التحالفات والأولويات الداخلية، فغير موجود في برنامج الحزب الداخلي حالياً. بل إنّ الحفاظ على الحكومة، ومنعها من السقوط، يهدف إلى منع البلد من السقوط في المزيد من الانهيار، ولإعطاء الحكومة فرصة لتنفيذ خطة الإصلاح المالي والاقتصادي، ومتابعة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والبحث عن مصادر دعم جديدة لإنقاذ البلد من أزمته الحالية، مع الاستعداد لبحث أيّ حلول سياسية أو اقتصادية تطرح بشكل عملي. والمهم إنقاذ البلد من الانهيار.
ويوضح المسؤولون في الحزب، وهذا ما أشار اليه السيد نصر الله في خطابه الأخير، أنّ “الدعوة الى الشرق لا تعني التخلّي عن علاقات لبنان مع الدول الغربية أو العربية”. ولذلك، يفضلّون استعمال مصطلح جديد وهو: “تنويع الخيارات”. وبالنسبة إليه فأنّ الأولوية اليوم لإقفال الجرح النازف وليس لإجراء عملية جراحية كاملة، لأنّ المطلوب إنقاذ المريض ومنع انهياره الكامل. ولذلك، فإنّ ما بدأت الحكومة القيام به من اتصالات ولقاءات سواء مع السفير الصيني أو الوفد العراقي أو السفير الإيراني، سيستكمل بسلسلة لقاءات مع جهات أخرى خارجية، إن عبر السفارات في بيروت أو عبر زيارات واتصالات مباشرة لتأمين كلّ ما يمكن من دعم مالي واقتصادي. وهناك وعود وأفكار كثيرة تطرح في هذا الإطار سيتمّ الإعلان عنها قريباً.
لا ينفي المسؤولون في الحزب الترابط بين الأزمة المالية والاقتصادية الداخلية وبين المتغيّرات والتطوّرات الجيو – سياسية في المنطقة وفي العالم
يفضّل المسؤلون في الحزب العمل بصمت وهدوء لمعالجة كلّ التباينات الداخلية على صعيد الوضع المالي والنقدي، وعدم الدخول في خلافات حول تحديد حجم الخسائر وكيفية معالجتها. وهم على تواصل مع الجهات المعنيّة سواء في وزارة المالية أو حاكم مصرف لبنان، أو المصارف أو الخبراء الاقتصاديين، وأصحاب البنوك والأحزاب العاملة، في سعي إلى إيجاد خيارات جديدة لمواجهة الأزمة. وهم منفتحون على كلّ الآراء والأفكار، وليس لديهم تحفّظ على الحوار والنقاش. ولا يعملون على فرض وجهة نظرهم على أحد. بل يعملون للوصول إلى نتائج عملية لإصلاح الوضع المالي والاقتصادي والنقدي. وهم يدركون حجم المخاطر القادمة، ويعملون للتخفيف منها ومعالجتها.
ولا ينفي المسؤولون في الحزب الترابط بين الأزمة المالية والاقتصادية الداخلية وبين المتغيّرات والتطوّرات الجيو – سياسية في المنطقة وفي العالم. ويشيرون بوضوح إلى ارتباط الأزمة الداخلية مع الضغوط الأميركية والخارجية على لبنان، ولا سيما بسبب تصاعد دور حزب الله داخلياً وخارجياً. لكنهم يؤكّدون أنّ الأسباب الداخلية للأزمة تتقدّم على الأسباب الخارجية. ولذا، يجب العمل لمعالجة هذه الأسباب، سواء على المدى القريب أو المتوسط أو البعيد المدى. وهم يعتبرون أنّه لدينا مهلة أساسية لأربعة أشهر تقريباً، حتّى موعد الانتخابات الأميركية. والمطلوب الصمود أولاً، وتحقيق ما أمكن من إصلاحات. فإذا نجحنا، نتابع البحث في كيفية تطوير النظام المالي والاقتصادي. وإلا، فسيكون لبنان أمام مخاطر كبيرة. وعلينا جميعا الاستعداد لمواجهة كلّ الاحتمالات القائمة داخلياً وخارجياً.