تحت صوت هدير الطائرات الحربية الإسرائيلية في أجواء المنطقة، شهد مقر قوّات اليونيفل في رأس الناقورة الجلستين الثانية والثالثة يومي الأربعاء والخميس، من مفاوضات ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، وقد حضرهما السفير الأميركي السابق لدى الجزائر جون ديسروشر، كوسيط، وتحت رعاية الأمم المتحدة ممثلة بمكتب المنسق العام في لبنان.
أحيطت الجلستان بإجراءات أمنية مشدّدة من الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل، من خلال دوريات مؤللة طيلة الجلستين. كما أعلن عن استئناف المفاوضات بعد أسبوعين. وعلى الهامش كان لافتًا الإعلان عن تخلل جلسة الخميس وجبة غداء، بدعوة من الوفد الأممي، ترافقًا مع استنفار الجيش الاسرائيلي على المقلب الآخر من الحدود، حيث كان يُجري قبل يومين مناورات تحاكي حربًا شاملة مع حزب الله. في حين أنّ عناصر من حزب الله تولّوا الاعتداء على مراسلين صحافيين لبنانيين، بينهم مراسلة تلفزيون لبنان، في إعلان ربما عن تبرّم الحزب وضيق صدره من التغطية الإعلامي التي أحرجته في الأسابيع الماضية.
إقرأ أيضاً: تفاؤل في لبنان وضغط في واشنطن: ترسيم الحدود واستراتيجية دفاعية!
الوفد اللبناني حمل معه في الجلستين خرائط ومستندات تُعبّرعن وجهة نظر لبنان فيما يخصّ ترسيم الحدود البحريّة انطلاقًا من نقطة رأس الناقورة الاستراتيجية، دون الاعتراف بتأثير صخرة “تخيلت” التي يعتبرها الجانب الإسرائيلي جزيرة مؤثّرة في الترسيم. ما يعني أنّ لبنان طالب في الجلسة بمنطقة تبلغ مساحتها أكثر من 2250 كلم مربعًا، تصل إلى حقل “كاريش” النفطي. وهذا الاقتراح من المتوقع أن يرفضه وفد تل أبيب الذي يعتبر أنّ الحقل يقع ضمن سيادته بالكامل. وتخللت الجلستان أيضًا عرض الجانب الإسرائيلي لوجهة نظره التي كانت معاكسة للرؤية اللبنانية بشكل تام. فالإسرائيليون يريدون الاحتكام إلى “التأثير الكامل” لصخرة “تخيلت” باعتبارها جزيرة.
اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، التي تلعب دور الوسيط بين الوفدين، أنّ المفاوضات طيلة اليومين كانت “بنّاءة”، فيما أشار الوفد اللبناني، الذي يحيط الجلسات بتكتّم شديد، إلى أنّ الأجواء “إيجابية”
عقد الجلستين في يوميين متتاليين اعتُبِرَ مؤشّرًا إيجابيًا على تسارع وتيرة التفاوض الذي كانت الولايات المتحدة قد حددت له مهلة بين الـ100 والـ120 يومًا لانجازه؟ ويتوقّع المراقبون أن ترفض حكومة بنيامين نتنياهو المُقترح اللبناني، إلا أنّها قد توافق على مُقترح الخط الذي رسمه السفير الأميركي السابق فريدريك هوف، الذي يحصر المنطقة المتنازع عليها بـ850 كلم مربعًا ويقسّمها نسبة 60% للبنان و40% لإسرائيل. إذ يحتسب خط هوف نصف تأثير صخرة “تخيلت”، بينما كان الجانب الإسرائيلي يعتبر أنّ الصخرة جزيرة ولها تأثير كامل على الترسيم. والجانب اللبناني يعتبرها صخرة ناتئة لا تأثير لها. ويتوقّع المراقبون أن ينتقل التفاوض لاحقًا على أساس خطّ هوف باعتباره “حلًا وسطًا” بين الجانبين بنصف تأثير.
وفي الإطار، اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، التي تلعب دور الوسيط بين الوفدين، أنّ المفاوضات طيلة اليومين كانت “بنّاءة”، فيما أشار الوفد اللبناني، الذي يحيط الجلسات بتكتّم شديد، إلى أنّ الأجواء “إيجابية”، فيما قالت الحكومة الإسرائيلية إنّ وفدها يهدف من خلال الاجتماعات إلى “استطلاع” إمكانية التوصل الى اتفاق لتحديد الحدود البحرية لإتاحة تنمية الموادر الطبيعية في المنطقة.