ملحوظة: الرجاء عدم إساءة النيّة قبل قراءة كامل المقال
ما تعرّض مقام ودور رئاسة مجلس الوزراء منذ استقلال لبنان عام 1943 وحتى يومنا الحالي لأضرار بقدر ما تعرّض له في عهد الرئيس سعد الحريري في حكومة جبران باسيل الأخيرة والرئيس حسان دياب في حكومة حزب الله الحالية.
إقرأ أيضاً: انقلاب على مين؟!
لطالما كانت رئاسة الحكومة، وتحديداً مع الرئيس رياض الصلح، وبعده صائب سلام ورشيد كرامي ورفيق الحريري، مركز توزيع السلطات وانضباطها. وما ينتج عنه من استقرار المؤسسات الرسمية. إلا أنها فقدت من دورها مع سعد الحريري وشغرت مع حسان دياب.
لقد كانت الشكوى الرئيسية لدى البيئة السيادية عامة والسنيّة خاصة، من الرئيس سعد الحريري، وهو في السراي الكبير، أنه “تساهل” في الكثير من الصلاحيات والأدوار، التي أُنيطت بالرئاسة الثالثة عبر الدستور أولاً وعبر العرف الوطني، الذي لطالما تميزت به رئاسة الحكومة قبل الطائف وبعده عن باقي المواقع الرئاسية. كان رياض الصلح ضمانة اللبنانيين عند العرب وضمانة العرب عند اللبنانيين، فيما كان الرئيس صائب سلام ضمانة للبنان الرسالة كبلد للحريات والديمقراطية بوجه التغوّل الأمني والنظام البوليسي، كما كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري ضمانة العيش المشترك المحصّن بالقوة الاقتصادية والمجتمعية بعد إنهاء العدّ والتعداد..
غفل الرئيس دياب أن الآخرين ربما هم “بعض” وقد يكبر هذا البعض أو يصغر، لكن المؤكد أنّ الرئيس دياب ليس ذا صلاحية تخوّله تصنيف هذه الأحجام، فيما رئاسة الحكومة بحضوره، لم تعد شيئاً
اليوم مع حسان دياب تزداد الصورة قتامة في السراي الكبير، حتى وصلت إلى درجة لا يمكن رؤية ملامح الوجوه داخل جدران هذا الصرح التاريخي الكبير، بالرغم من اتخاذه كسكن عائلي كما لم يفعل من سبقه وسبق من سبقه..!
هي حالة شغور واضحة، تعيشها رئاسة مجلس الوزراء، التي تحوّلت إلى ما يشبه صفيحة الجبنة، التي تتشابه أطرافها، لا بل تتطابق بحيث لا يمكن لأحد التمييز بين “وجهها وقفاها*” مشط الرئيس دياب، مهما استعمل لا يمكنه تحسين الصورة، التي أُنتجت خلال الأشهر الفائتة. عن رئاسة تتخذ قراراً ثم تتراجع عنه بعد أيام، وعن رئاسة تتهم وزيرة بالإشراف عليها، ولقاءات رئاسية ضابطها ومراقبها “واحد” مهمته بعد أيّ لقاء إجراء اتصال.
في لقاء بعبدا للقوى الداعمة لحكومة الممانعة، وصف دياب القيادات السنّية المقاطعة للقاء الذي لا طائل منه أو لزوم ما لا يلزم كما قال بيان رؤساء الحكومات السابقين، “ببعض الأشخاص” و”بعض الأطراف”. وقد غفل الرئيس دياب أن الآخرين ربما هم “بعض” وقد يكبر هذا البعض أو يصغر، لكن المؤكد أنّ الرئيس دياب ليس ذا صلاحية تخوّله تصنيف هذه الأحجام، فيما رئاسة الحكومة بحضوره، لم تعد شيئاً. وأجمل تعبير هي ابتسامة الرئيس ميشال عون وهو يعطي الكلام لدياب في لقاء بعبدا حين قال له “تفضل”، فتحدّث دياب وعيناه في قفاه*.
*** “القفا” في اللغة العربية وفقاً لقاموس المعاني هو مؤخر العنق (يُذَكر ويُؤنث) ويقال قفا الدهر: آخره، وعيناه في قفاه أي منهزم وخائف.