بات احتمالاً كبيراً أن يغرق جبل لبنان كلّه صباح السبت، ومعه الشمال، ثم بيروت منتصف الأسبوع المقبل، في “عتمة” خلوية، بسبب انقطاع الشبكة، بعد توقّف محوّل سن الفيل الذي يغذّي الشوف وجبل لبنان ومحوّل أدما الذي يغذي الشمال، ومحوّل بيروت الكبرى، مع انقطاع الديزل نهائياً والاتكال فقط على ساعات التغذية المؤمّنة من شركة كهرباء لبنان، التي لا تزيد عن أربع ساعات يومياً في معظم الأحيان
السبب تقني لكن لا يخلو من الكيدية الإدارية، وهو أنّ شركتي “زين” و”أوراسكوم” أبقتا على التوقيع المالي بين يديهما، الذي من خلاله يمكن التوقيع على الإيصالات والفواتير، في حين ترفضان استخدام هذ التوقيع بحجة انتهاء صلاحية عقد التشغيل، وبالتالي ترفض الشركتان التوقيع على الدفع لمورّدي الديزل.
إقرأ أيضاً: بلبلة بين موظفي “ألفا” و”تاتش”… أين حقوقنا؟
لكنّ السبب الأعمق هو أنّ الشركتين تماطلان في الدعوة لانعقاد الجمعيات العمومية، ومن ثّمّ تمكين الرئيسين التنفيذيين الجديدين جاد ناصيف وحياة يوسف من متابعة عمليات الدفع العالقة في “ألفا” و”تاتش” منذ 3 أشهر حتى الآن.
معلومات “أساس” أنّ الشركتين المشغّلتين تحاولان ابتزاز وزير الاتصالات بما يهّدد بانقطاع كامل للشبكة، إذا لم تحصلا على “براءة ذمة” تسبق نتائج “عمليات التدقيق” في الحسابات الجارية داخل الشركتين في مرحلة التسلّم والتسليم.. وهو أمر مريب بلا شكّ.
وبسبب انقطاع الديزل لن يكون المقر الرئيسي لشركة “ألفا” قادرًا على تشغيل نفسه عبر المولّدات. ويتوقع أن يحصل هذا الانقطاع في مقرّ “ألفا” اليوم الخميس، مع العلم أنّ “أوراسكوم”، أي “ألفا”، قد طلبت من موظفيها العودة إلى العمل صبيحة اليوم الخميس من دون معالجة أزمة الفيول، فيما يتوقّع أن تغلق مراكز مواقع الاتصالات الاستراتيجية الرئيسية نهاية هذا الأسبوع اذا لم تحلّ مشكلة الفيول.
يفترض أن تشهد أزمة رواتب الموظفين حلحلة يوم الجمعة بعد الاتفاق على مخرج قانوني
عملياً، يقول المعنيون إنّ مطالبة الشركتين ببراءة الذمة هو طلب غير قانوني إذا لم تنتهِ شركات التدقيق من عملها. ما يزيد من منسوب االشكوك حول نيات الشركتين بسبب عوارض التعطيل والأضرار التي ظهرت فجأة على جسم القطاع وشبكته. وفي ضوء ما يحكى عن أنّ الشركتين لم تقوما بأيّ إجراء جدّي يوحي بأنهما ستغادران المكاتب، وجلّ ما تفعلانه هو كسب الوقت وشراؤه، فيما الرهان الأساسي على إسقاط الحكومة وإسقاط قرار الاسترداد معها، فيما كان يفترض أن تكون فترة التسليم حوالي أسبوعين بدءاً من الرابع من حزيران. وقد مرّ حتى الآن أكثر من عشرة أيام، فيما الاجراءات لا تزال مكانها!
يضيف أحد المعنيين أنّ تجربة التسليم والتسلّم السابقة (2008)، لم تشهد كلّ هذه المظاهر من العرقلة والمماطلة. ولم تنتظر يومها وزارة الاتصالات تبرّع الشركتين المغادرتين لدعوة الجمعيات العموميات لنقل الصلاحيات لمجلسي الإدارة الجديدين، لأنّ القانون ينصّ على أكثر من آلية قانونية تسمح بملء هذا الفراغ الإداري والمالي، فيما لا يزال سلوك الوزير الحالي غير مفهوم وغير مبرّر!
في تلك المرحلة (2008)، اكتفى مجلس الوزراء بإصدار قرار تدير عبره وزارة الاتصالات الشبكة الأولى طوال الشهرين المقبلين إلى حين إنجاز المناقصة العالمية لإدارة وتشغيل شبكتي الخليوي، على أن تستمر “أم. تي. سي” في إدارة وتشغيل الشبكة الثانية خلال الشهرين الانتقاليين. وهذا ما حصل.
بالتوازي، يفترض أن تشهد أزمة رواتب الموظفين حلحلة يوم الجمعة بعد الاتفاق على مخرج قانوني يتيح دفعها من خلال منح المساهم الأول في “ألفا” (نيابة عن الدولة)، أي “فرنسبنك”، وفي “تاتش” “بنك عوده، (نيابة عن الدولة) رئيسَي مجلسي الإدارة تفويضاً لمدة 48 ساعة من أجل التوقيع على رواتب الموظفين، وذلك من مستحقّات الدولة، وليس من مستحقّات “زين” و”أراسكوم”، ليصار في ما بعد الى تسوية الحسابات بين الشركتين المشغّلتين وبين الدولة اللبنانية.
في خطاب “المئة يوم” الذي ألقاه في 21 أيار الماضي، وضع رئيس الحكومة حسان دياب في مصاف الإنجازات مسألة استرداد قطاع الخلوي إلى حضن الدولة بعد انتهاء عقد الشركتين المشغّلتين. وها هو القطاع يقترب من إغراقه في العتمة، وإرجاع اللبنانيين إلى عصر ما قبل الخلوي.