.. ابنتي في العشرين من عمرها، وفازت في الجامعة الأميركية بالانتخابات. تريد تغيير العالم إلى الأفضل، مؤمنة بوطنها، وتهتم بتفاصيل السياسة وأخبار الرؤساء. إلاّ أنها كلما تحدثت عن الحكومة ورئيسها، قالت الرئيس سليم دياب. أصحّح لها المعلومة قائلاً: “يا ابنتي اسمه حسان دياب، وسليم هو رئيس سابق لفريق الأنصار البيروتي الذي يمارس كرة القدم والكثير من الألعاب”. فتتساءل ابنتي مستغربة: “بالله عليك والدي. لماذا لا أذكر اسمه كما أذكر اسماء كلّ الرؤساء؟!”.
.. يعيش حسان دياب أزمة بنيوية، أنه لا يصدّق أنّ الناس تصدّق أنه بات رئيساً للوزراء، فبدأ يسعى خلف الإنجازات. وعندما لم يجدها قرّر أن يعتبر كلّ ما يقوم به هو من الإنجازات، فطوره وغداؤه ووجبة العشاء. ثم تسريحة شعره، ومشطه الشهير، حتى ارتداؤه للنظارات. كانت كلّ هذه الأشياء بنظره 97 إنجازاً وبقي من الـ100 ثلاثة إنجازات. وعندما تحوّلت تلك الإنجازات إلى نكات على وسائل التواصل الاجتماعي، لجأ إلى نغمة الانقلاب. وبدأ بينه وبين نفسه بإحباطها، فوحده صدّق ذلك، وصار يستيقظ صارخاً من نومه كلّ مساء: “أوقفوا الانقلاب، حاصروا الانقلابيين، لا تسمحوا لهم أن يقتحموا الأسوار”. ثم يقفز من سريره حاملاً نظارته على أنها سيف، ويبدأ بمقاتلة ومنازلة الهواء.
إقرأ أيضاً: حسان استقال ونوّاف في السراي..
هل من أحد المستشارين أو المقرّبين، وهم كثر أن يوقظ حسان دياب قائلاً له: “دولة الرئيس عن ماذا تتحدّث، عن أيّ انقلاب؟” المتظاهرون في ساحة رياض الصلح راكبو الدراجات النارية حلفاؤك رعاة حكومتك. فلا تقلق فلا أحداً يفكّر بالانقلاب بخاصة ان الانقلاب يحتاج لمنقلبين ولمن يُنقلب عليه. ومن المؤكد أن عنصراً من العنصرين غير متوفّر إن لم يكن غياب للعنصرين.
من روائع الكوميديا المصرية فيلم اسمه “عوكل” للفنان محمد سعد، حيث يجد نفسه فجأة في اسطنبول، يهرب من الشرطة التركية ويلجأ الى أحد المقاهي التي يخرج منها صوت أغنية لأم كلثوم، فيبتهج فرحاً صارخاًً: “مقهى المصريين.. تعالوا نقاتل المحتل. تعالوا نطرد الدخلاء”. هو يظنّ أنه ما زال في القاهرة، وأن الشرطة التركية هي جيش الاحتلال، يضحك روّاد المقهى عليه ويقولون له: “عن ماذا تتحدّث، عن أيّ انقلاب”.
الخشية كل الخشية أن يصدر الرئيس حسان دياب في نهاية ولايته كتاباً جديداً عن الإنجازات يذكر فيه أنه نجح بإحباط عشرة من الانقلابات.