كورونا 2: سلالة جديدة انطلقت من الصين.. والعالم يستسلم

مدة القراءة 5 د

 

في الصين، منشأ فيروس كورونا ومنبعه إلى بقية أنحاء العالم، وعلى الرغم من إعلان السلطات النصر النهائي عليه قبل أسابيع، استأنفت سلالة جديدة من الفيروس نشاطها في العاصمة بكّين، فاستنفرت الأجهزة الطبية والإدارية. السلالة الجديدة “أكثر خطراً”، بحسب نائب مدير قسم الأمراض البيولوجية في جامعة “ووهان”، يانغ زانكيو (Yang Zhanqiu).

الناطق باسم العاصمة تشو هيجيان (Xu Hejian) حذّر في مؤتمر صحافي من أن “الوضع في العاصمة خطير جداً”. وأضاف: “علينا الآن اتخاذ إجراءات صارمة لوقف انتشار كوفيد-19”.

إقرأ أيضاً: 32 قتلهم كورونا في لبنان: عن الخوف من الدفن

وفي إطار الإجراءات المتسارعة، أقفلت السلطات الصينية الاثنين كلّ مراكز الرياضة والترفيه في العاصمة. وأُخضعت الفرق الرياضية لاعبين ومدرّبين إلى الفحص، لأن مخيمات التدريب واقعة في الأقسام حيث ظهر الوباء، بحسب ما جاء في الصحافة المحلية.

ولاحتواء الموقف بسرعة وحزم، عُزلت أجزاء من العاصمة ليل الاثنين الماضي، حيث نُصبت حواجز تفتيش على مداخل الأحياء التي تضمّ المجمّعات السكنية حيث يقطن مصابون ومخالطون، لمنعهم من مغادرة المدينة. وصُنّف أكثر من 20 حيّاً بوصفه “متوسّط الخطر”، كما جاء في تقرير وكالة “رويترز”. وأكّدت السلطات الصحية أمس أنّ المعزولين في الأحياء الموبوءة سيزوّدون بالطعام والدواء.

وسُجّلت 137 حالة خلال ستة أيام، ومن ضمنها 31 حالة يوم الثلاثاء، وأثبت التعقّب بؤرة الإصابات في سوق الأطعمة في الجنوب الغربي من بكّين حيث يتمّ تداول أطنان الطعام يومياً، وزار السوق أكثر من 200 ألف شخص منذ 30 أيار الماضي. وفُحص أكثر من 8 آلاف عامل في السوق وأرسل إلى أماكن العزل. وتمّ تعقيم أسواق اللحوم الأخرى في بكّين، وأكثر من 30 ألف مطعم.

ما حدث يثير القلق ويجب التدقيق فيه والتحكّم بمساره وهذا بالضبط ما تقوم به السلطات الصينية

وفرضت المقاطعات الصينية، حتى البعيدة عن العاصمة مثل يونان (Yunnan)، إجراءات العزل على العائدين من بكّين. وأعلنت سلطات شنغهاي أنه على كلّ العائدين من المناطق ذات الإصابات المتوسطة والخطيرة الخضوع للعزل لمدة 14 يوماً. وفي العموم، أعلنت السلطات الصحية العودة إلى “حالة الحرب” مع الوباء. وعليه، أعلنت الصين رفع حالة الطوارئ في بكين من المستوى الثالث إلى المستوى الثاني، ولم يمر غير أسبوعين على خفض حالة الطوارئ. أُقفلت المدارس، وطُلب من الموظفين العمل من بيوتهم، وأُلغيت كل الرحلات الجوية الآتية إلى المدينة والراحلة منها، وبات الدخول إلى بكين والخروج منها خاضعاً للرقابة الشديدة.

وقال مدير الطوارئ في منظمة الصحة العالمية مايك رايان (Mike Ryan) إنه توقّع من السلطات الصينية نشر السلسلة الوراثية للفيروس في بكّين، معتبراً أن “ما حدث يثير القلق ويجب التدقيق فيه والتحكّم بمساره وهذا بالضبط ما تقوم به السلطات الصينية”. وقال الباحثون يوم الاثنين الماضي إنهم ما زالوا يدقّقون في أصول الوباء الجديد، مع افتراض بعضهم بأنه آتٍ من وراء البحار، أي من خارج الصين، مع مخاوف متزايدة من انطلاقة الموجة الثانية.

يأتي هذا في ظلّ عودة تدريجية إلى الحياة الطبيعية في أوروبا، على وقع تحذيرات “منظمة الصحة العالمية” من “موجة ثانية” من وباء كوفيد-19. وكما في أوروبا كذلك في أميركا الشمالية والشرق الأوسط، حيث بدأ استئناف الحياة شبه الطبيعية، مع الالتزام بالقيود الاجتماعية ولبس الكمّامة لا سيما في أماكن العمل والانتقال والاحتشاد.

كلّ الجهد العالمي في مكافحة كورونا، يمكن اختصاره في كلمتين: الكبح والمناعة

فخطر الانعزال القسري في المنازل بات يتخطّى خطر الإصابة بالفيروس. والأهم من ذلك، أن الفيروس المتقلّب والمتجدّد بحسب الأقاليم والظروف البيئية والمناخية، لن ينهزم قريباً. ويتبيّن للعلماء على مختلف مناهجهم ومدارسهم، يوماً بعد آخر، أن لا دواء فعّالاً متاحاً حتى اللحظة لمعالجة المصابين، وأن اللقاح تحوم حوله الشكوك على الرغم من النجاحات الأوّلية في أنحاء العالم، بعد القيام بتجارب أولى على عدد محدود من البشر، إذ قد يكون لقاحاً مؤقتاً، حتى لو عُثر عليه. والتعويل في نهاية المطاف هو على اكتساب المناعة المجتمعية تدريجياً، وهو ما يصطلح عليه بـ”مناعة القطيع”.

كلّ الجهد العالمي في مكافحة كورونا، يمكن اختصاره في كلمتين: الكبح والمناعة. كبح انتشار الفيروس ومعه الوباء، حتى يتساوق مع قدرة الجهاز الطبي في كلّ بلد على استيعاب تدفّق المرضى، واكتساب مناعة القطيع، إما لأن الفيروس ضعف زخمه، أو لأن الجسم البشري تكيّف أخيراً مع الفيروس، ووجد حلّاً أمام اختراق الفيروس لجهازه المناعي. أما الكبح الصارم وحده فلا ينفع، لأنه قد يمنع الناس من اكتساب المناعة، أو أنه بعبارة أدقّ يطيل مرحلة اكتساب المناعة، فتنهار الاقتصادات وتنهار معها الدول، وتنتشر الفوضى العالمية في كلّ شيء. بالمقابل، فإن التراخي الابتدائي أمام الفيروس أدّى إلى كوارث إنسانية هائلة، كما حصل في إيطاليا في الغرب وفي إيران في الشرق. ثم في إسبانيا وفرنسا وبريطانيا، ولا سيما في الولايات المتحدة التي تحتلّ المرتبة الأولى في الإصابات التي تتجاوز المليونين، وفي الوفيات التي تخطّت المائة ألف. وتبعتها روسيا والبرازيل، للأسباب نفسها، أي التغافل عن الخطر والاستخفاف به. ولو أن الدول المؤبوءة بدأت مبكراً بكبح الفيروس فلربما وفّرت مئات آلاف الضحايا. أما السويد التي التزمت منذ البدء باستراتيجية مناعة القطيع، فقد تراخت في حماية كبار السنّ فسقط منهم المئات في دور الرعاية الصحّية.

 

 

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…