العالم في قلب موجة كورونا الثانية؟

مدة القراءة 7 د

 

مع استعداد بعض الدول في العالم لتخفيف إجراءات العزل والحجر، ظهرت إصابات مجدداً في الصين، الدولة التي أعلنت انتصارها مبكراً على الوباء، بسبب الاختلاط العائلي. أما في كوريا الجنوبية التي تصدّرت المشهد الكوروني بطريقة فريدة في مكافحة الفيروس، فقد تسبّب الاختلاط في نادٍ ليلي إلى انتشار إصابات جديدة. وارتفع مستوى العدوى في ألمانيا فوق الحدّ المقبول، مع انتشار الإصابات في المسالخ ودور العجزة.

الموجة الثانية أو مؤشراتها المحتملة، ترتبط بأُسرة، ونادٍ ليلي، ومسلخ. وكلّ هذه أماكن عامة، انتُهكت فيها قواعد التباعد الاجتماعي.

إقرأ أيضاً: شواطىء كورونا: الحجز المسبق ضروري هذا الصيف

هذه البلدان الثلاثة، تميّزت بنجاحها اللافت في كبح انتشار فيروس كورونا المستجدّ، الصين بنظامها الصارم، وألمانيا بتجهيزاها الطبية، وكوريا الجنوبية بتعقّب المصابين والمخالطين لهم إلكترونياً. لكنّ المؤشرات الجديدة توشك على مسح طعم النصر المبكّر، ما يفرض الاستعداد والتجهّز لموجة ثانية أبكر مما كان متوقّعاً.

فقد أفادت السلطات الصينية عن تسجيل 14 إصابة جديدة يوم الأحد الماضي، وهي المرة الأولى خلال 10 أيام، تتجاوز الإصابات فيها سقف العشرة. و11 إصابة من أصل الحالات المحلية الـ12، سُجّلت في المقاطعة الشمالية الشرقية، جيلين، ما دفع السلطات إلى رفع مستوى التهديد في إحدى مناطقها وهي شولان، إلى درجة الخطر الشديد، بعد أيام قليلة فقط من خفض مستوى التهديد في كلّ المناطق إلى درجة خطر متدنٍّ. ويقول المسؤولون الصينيون إن أصل انتشار الوباء في شولان، امرأة (45 عاماً) لم تسافر مؤخراً ولم يسبق لها أن اُصيبت من قبل. لكنّها نقلت الوباء إلى زوجها وإلى أخواتها وغيرهنّ من أفراد الأسرة. وعلى إثر ذلك، أوقف خطّ القطارات في المنطقة.

يقول سكرتير الحزب الشيوعي في جيلين، بايين شاولو: “إن التحكّم بالوباء وتجنّبه، مسألة جدّية ومعقّدة، وعلى السلطات المحلية ألا تُظهر تفاؤلها، وأن تبقى مستنفرة”. وتحاذي منطقة جيلين كوريا الشمالية، التي تصرّ على خلوّها من أيّ إصابة بالفيروس، وهو ما لا تصدّقه السلطات الصحية الدولية.

وفي كوريا الجنوبية أُفيد عن 34 إصابة جديدة مرتبطة بكوفيد-19، بين روّاد نادٍ ليلي، ما يهدّد بتبديد المكاسب الصعبة في وجه الوباء. إنّها الإصابات الأولى في البلاد منذ شهر. وهو ما دفع الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي – إن إلى طمأنة مواطنيه ودعوتهم إلى الحذر في الوقت نفسه: “فالاقتصاد قد أصيب حتى الآن بأضرار هائلة”.

وفي ألمانيا حيث تظاهر الآلاف في الأيام الأخيرة رفضاً للقيود المفروضة لكبح الوباء، يقول المسؤولون الصحيون فيها إن معدّل نقل العدوى ارتفع عن الواحد، أي إن المصاب الواحد ينقل العدوى إلى أكثر من فرد واحد، ما يعني أن حالات الإصابة ترتفع مرة أخرى، في حين أن معدّل نقل العدوى يجب أن يكون أقل من واحد حتى يقال إن الوباء يتراجع.

وبعد أن كانت ألمانيا قد نجحت في خفض عدد الإصابات اليومية إلى أقلّ من ألف إصابة يومياً قبل قرار التخفّف من القيود، شهدت بعض المناطق ارتفاعات مفاجئة، لها علاقة بالمسالخ ودور العجزة. ويوم السبت الفائت، قالت السلطات الصحية إن عدد الإصابات عاد ليتجاوز الألف يومياً، ما أثار قلق المسؤولين من العدد المتزايد للتظاهرات الكبيرة، وكانت إحداها في شتوتغارت الواقعة في الجنوب الغربي، وشارك فيها الآلاف.

وتدخلت الشرطة في برلين السبت بعدما أخلّ مئات المتظاهرين بقواعد التباعد الاجتماعي وأوامر الإغلاق في العاصمة الألمانية. وكانت المستشارة أنجيلا ميركل وحكام الولايات الستة عشرة الأسبوع الماضي، قد سمحوا بإعادة فتح المطاعم والفنادق والمحالّ.

فيما يستأنف اتحاد كرة القدم نشاطه الأسبوع المقبل، على الرغم من ظهور إصابات بكوفيد-19 لدى بعض اللاعبين المحترفين. ويعود مزيد من التلاميذ إلى المدارس ابتداء من هذا الأسبوع.

فرنسا التي لديها عدد ممائل من الإصابات كما ألمانيا، لكن مع عدد أكبر بكثير من الوفيات، سمحت أيضاً للتلاميذ الأصغر سناً العودة إلى المدارس، بعد إقفال دام شهرين. ولن يكون الحضور في الصفوف إلزامياً، مع ترك القرار الصعب بيد الأهل، حتى يقرّروا إن كان مأموناً إرسال أطفالهم إلى المدرسة أو لا.

وفي إسبانيا، يتمتع سكان بعض المناطق بالجلوس في أماكن محدودة في الحانات والمطاعم، وأماكن عامة أخرى، ابتداء من هذا الأسبوع، لكن مدريد وبرشلونة، وهما من أكبر المدن، ستبقيان في حال الإغلاق.

وفي بريطانيا، انتُقدت الحكومة المحافظة برئاسة بوريس جونسون بسبب تباطؤها في الاستجابة للوباء. لكن بعد إصابته نفسه بالوباء، بدأ يتشدّد في هذا الأمر. وفي خطاب إلى الأمة مساء الأحد كان متوقعاً منه إعلان الحَجْر لمدة 14 يوماً على كلّ المسافرين الآتين إلى المملكة المتحدة باستثناء الوافدين من أيرلندا، وذلك كجزء من الإجراءات الهادفة لتجنّب ذروة ثانية من الوباء. وكانت مجموعات منضوية في قطاع الطيران والسفر قد احتجّت على الإجراءات المتوقعة بوصفها مدمّرة للاقتصاد البريطاني.

بالمقابل، ما زالت روسيا تسجّل ارتفاعاً في الإصابات، فقد أفادت التقارير يوم الأحد الفائت عن 11.012 إصابة جديدة، وهي الحصيلة الأعلى في يوم واحد، فيما العدد الإجمالي للإصابات يناهز 210 آلاف، مع وفاة 1.915 فرداً. أما المسؤولون فيبرّرون ارتفاع عدد المصابين بارتفاع عدد الفحوص في البلاد، لكنّ خبراء الصحة في الغرب يرون أن الأرقام الروسية أقلّ بكثير مما هي في الواقع.

أما في الولايات المتحدة، فقد انتقد الرئيس السابق باراك أوباما بشدة طريقة تعامل دونالد ترامب مع جائحة كورونا، واصفاً إياها بأنها “كارثة فوضوية بالمطلق”. وقال أوباما أمام أعضاء سابقين في إدارته: حتى الحكومة الجيدة ستكون سيئة أثناء مكافحتها الوباء فكيف مع هذه الفوضى العارمة للإدارة الحالية؟ وذلك وفقاً لتسجيل حصلت عليه “ياهوو نيوز”. وأتى انتقاد أوباما، مع وصول عدد المصابين بالوباء في الولايات المتحدة إلى 1.3 مليون، وإلى ما يقارب 80 ألف ضحية. وهي الحصيلة الأكبر في العالم، بحسب تقرير جامعة جون هوبكينز.

قطاع الأعمال في الولايات المتحدة فيصارع من أجل البقاء مع اقتناع مزيد من العمّال المعطّلين قسراً بسبب كورونا، أنهم لن يعودوا إلى العمل في وقت قريب

وأدّى النقاش الدائر في الولايات المتحدة حول تخفيف الإجراءات إلى استقطاب سياسي بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي، في وقت سجّل 33 مليون أميركي أنفسهم كعاطلين عن العمل بسبب الجائحة، وتوقفت الأعمال. وأُلغيت التوصية الفدرالية بالبقاء في المنازل، وتُرك للولايات حرية اتخاذ القرار بشأن الإغلاق وطريقة الخروج منه، ما جعل أميركا تشهد حِزَماً من القرارات المختلفة. ففي مدينة نيويورك التي كانت البؤرة الساخنة الأكثر خطراً، قال الحاكم أندرو كيومو إنّ ثلاثة أطفال توفوا بمضاعفات محتملة لوباء كوفيد-19، من تورّم الأوعية الدموية ومشكلات في القلب. وتعرّض كيومو أيضاً للانتقاد واتّهم بعدم القيام بما يكفي لاحتواء ارتفاع عدد الوفيات في دور العجزة، حيث قضى حوالى 5300 مقيم فيها.

على صعيد آخر، أخضع ثلاثة أعضاء في فريق البيت الأبيض لمكافحة كورونا أنفسهم لحجر منزلي ومن بينهم الدكتور أنتوني فوتشي، بعدما اتصلوا بشخص تبيّن أنّ فحصه إيجابي، بوباء كوفيد-19.

وفيما وصل عدد الإصابات في العالم إلى 4 ملايين، وأكثر من 270 ألف وفاة، بحسب إحصاءات جامعة جون هوبكينز، فإن كلّاً من بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا، سجّلت عدداً من الوفيات يتراوح بين 27 ألفاً و32 ألفاً.

أما قطاع الأعمال في الولايات المتحدة فيصارع من أجل البقاء مع اقتناع مزيد من العمّال المعطّلين قسراً بسبب كورونا، أنهم لن يعودوا إلى العمل في وقت قريب. وقد فُتحت بعض مراكز التسوّق في جورجيا وتكساس، فيما سُمح بفتح المطاعم وصالونات الحلاقة وأعمال أخرى في ولاية نيفادا، يوم السبت الماضي، بعد شهرين من القيود.

وتظاهر مجدّداً حوالى 1500 معارض لأوامر البقاء في المنزل أمام الكابيتول، في حين أنّ بعض السكان الذي أبلغوا عن المنتهكين للحجر المنزلي، تعرّضوا لتهديدات من أنصار اليمين المتطرف بعد نشر معلومات شخصية عنهم على صفحات الفيسبوك. لكن على الرغم من تشجيع البيت الأبيض لهم، بهدف استئناف النشاط الاقتصادي بأيّ شكل من الأشكال، فإن بضعة مجموعات صغيرة في ولايات عدة، تظاهرت مطالبة برفع القيود.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

 

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…