في ظلّ الخلاف القاسي الذي برز مؤخراً بين رئيس تيار المردة الوزير السابق وبين رئيس التيار الوطني الحر، يستعيد المسؤولون في حزب الله المقولة التي أطلقها السيد نصر الله قبل ثلاث سنوات عقب الخلافات حول الترشّح لرئاسة الجهورية: “هذه عيني وهذه عيني”.
يراقب المسؤولون في حزب الله بألم ما يجري بين حليفيهما، رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره جبران باسيل من جهة، وسليمان فرنجية من جهة أخرى.
يراقبون بحسرة وهم يدركون أنّ “هذه الخلافات لا تغني ولا تسمن من جوع”، ولا تؤدّي إلى أيّ نتيجة في هذه المرحلة الصعبة وفي ظلّ ما يواجهه البلد من تحدّيات داخلية وخارجية. لكن في الوقت نفسه يحرص المسؤولون في حزب الله على عدم التعليق على ما يجري إلا عند الضرورة القصوى، ومن أجل لملمة الوضع ومعالجة الأزمة. مرة أخرى نعود الى ما قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في آخر خطاب له: “نحن نعمل للتهدئة، ومستعدّون للتدخل إذا طُلب منا”. يستعين فيها مسؤولو الحزب بالكتمان والصمت من أجل معالجة الخلافات التي تتكرّر دائماً، إلا عند الضرورة القصوى، كما حصل سابقاً بين الوزير باسيل والرئيس نبيه بري بعد تسريب مواقف لباسيل يهاجم برّي عشية الانتخابات النيابية الأخيرة، فانحاز الحزب إلى الرئيس بري وعمل على معالجة الأزمة لاحقاً.
إقرأ أيضاً: الصيّاد سليمان فرنجية الطامح ليصير “أسد الغابة”
خلال الأشهر الأخيرة، ومنذ تكليف الدكتور حسان دياب لتشكيل الحكومة، حاول حزب الله فكفكة الخلافات بين الحلفاء لتسهيل تشكيل الحكومة واعتمد منطق “رجل الإطفاء” الذي يهبّ لإطفاء النيران المشتعلة، ومن ثَمّ يذهب لمعالجة أسباب اندلاع النيران، ويعمل بهدوء وصمت. وعند الضرورة يطرق بيده على الطاولة لينبّه الجميع إلى المخاطر.
عمد حزب الله إلى معالجة العديد من الخلافات والملفات سواء بين الرئيس نبيه بري والرئيس الدكتور حسان دياب، ومنها عودة المغتربين والإجراءات المالية وقرارات مكافحة الفساد. كذلك ساهم في تجميد الخلافات حول التعيينات المالية، ومنع استقالة الوزراء الذين سمّاهم تيار المردة.
يفضّل المسؤولون في حزب الله التحرّك بعيداً عن الأضواء لمعالجة الخلافات، ويتركون للسيد نصر الله التعليق أو إطلاق المواقف حول ما يجري داخلياً
واليوم، يراقب المسؤولون في الحزب ما يجري بين الحلفاء بقلق، وهم يردّدون في مجالسهم الخاصة إنّ “الاولوية اليوم لحماية الاستقرار الداخلي ومواجهة تداعيات أزمة الكورونا ومعالجة الأزمة الإقتصادية والاجتماعية والمالية ومتابعة ملف مكافحة الفساد، وليس هذا وقت النزاعات والخلافات الداخلية. وأما معركة رئاسة الجمهورية، فهي لا تزال بعيدة عنا، ولسنا معنيين بها الآن. ومن غير المصلحة فتح معركة الرئاسة اليوم لأنّ هذه المعركة لا تُحسم إلا في وقتها ووفقاً للظروف والمعطيات التي تتزامن معها”.
يفضّل المسؤولون في حزب الله التحرّك بعيداً عن الأضواء لمعالجة الخلافات، ويتركون للسيد نصر الله التعليق أو إطلاق المواقف حول ما يجري داخلياً. وهو سيطلّ اليوم الأربعاء في الذكرى السنوية لاغتيال مصطفى بدر الدين، وقد يكرّر الدعوة للهدوء داخلياً والإنصراف لمعالجة الأزمات الداخلية والمعيشية.
المسؤولون في الحزب ليسوا مرتاحين لما يجري، لكنهم يتركون السجالات بين الحلفاء تأخذ مداها، إلا إذا وصلت إلى الخطّ الأحمر فيتدخّلون في الوقت المناسب. وهذا ما قد نشهده في الأيام المقبلة.