فجّر سليمان فرنجية كافة الجسور مع العهد. حتّى الخيط الرفيع الذي كان لا يزال يربطه مع رئيس الجمهورية ميشال عون تكفّل مؤتمر بنشعي الناري بقطعه عبر جردة حساب قبل نهاية عهد “الجنرال” بنحو عامين: “ضحّيتم بالتيار وأتيتم بالمرتزقة الذين يقلبون مع كلّ العهود وسيتركونكم. حين وصلتم إلى السلطة انكشفتم وسلطتكم لن تدوم”.
فرنجية الغاضب خاطب القضاة الذين يعتبرهم تابعين لجبران باسيل، قائلاً لهم بنبرة تهديدية: “من يتلطّى بالعهد اليوم والموعود بمركز، حدّه الأقصى سنتان وشوي، وبعدها انتخابات نيابية. هذا حدّهم. بتفتحوا حرب رح تلاقوا حرب. ولن تستطيعوا أن تسوّدوا سمعة الآخرين. هذه الحرب أنتم الضعفاء والجبناء فيها، والتاريخ لن يرحم من يتمرجل على الناس وهو في السلطة. المستقبل ليس لكم”.
إقرأ أيضاً: فتش عن الرئاسة بين رياض وجبران .. وسليمان وسمير
رسمياً دشّن رئيس “تيار المرده” المعركة الرئاسية قبل أقل من عامين ونصف من استحقاق بعبدا. وفي لحظة كان عون يقرّ أمام زواره بأنّ “جبران باسيل يتعرّض لاغتيال سياسي ومعنوي”، وجد حليفه السابق، وحليف حليفه الاستراتيجي حزب الله، ينظّم أقسى مضبطة اتّهام بحق رئيس “التيار الإصلاحي”، وبطريقه ينزع الغطاء عن العهد برمّته معلنًا “سقوطه” نهائياً من اللحظة التي سيخرج فيها ميشال عون من قصر بعبدا.
لا يخفي مؤيّدو الحكومة مخاوفهم من تأثير الصراع السياسي القائم بين طرفين مسيحيين داعمين لها، خصوصاً أنّ جذوره ترتبط بالانتخابات الرئاسية التي، وللمفارقة، انطلقت بعيد وقت قليل جداً من جلوس “الجنرال” على كرسيّ بعبدا.
عاصفة تمرّد وزيري “المرده” على التعيينات المالية بايعاز مباشر من فرنجية مرّت من دون أن تهزّ كيان الحكومة ولاقاها رئيس الحكومة، وفق المعلومات، بتوجيه ما يشبه اللوم للوزيرين ميشال النجار ولميا الدويهي “لأنّ التضامن الوزاري فوق كل اعتبار ومرجعيتكما رئيس الحكومة وليس أي طرف آخر”، لكن لا شيء يضمن عدم تحوّل الكباش العوني – المَرَدي داخل الحكومة إلى “وجعة رأس” حقيقية للحكومة قد تكبّر من حجر خلاف الخصمين المسيحيين إلى حدّ خروجه عن السيطرة.
يكفي في هذا السياق رصد عجز حزب الله، أو ربما لامبالاته، أوّلاً في التمنّي على فرنجية عدم مقاطعة اجتماع بعبدا المالي رغم دعوة السيد حسن نصرالله للمشاركه فيه وتقديم الملاحظات، وثانيًا المونة عليه بعدم تجاوز السقف في مخاطبة العهد وجبران باسيل.
في مؤتمره الصحافي غير المسبوق لم يوارب فرنجية في منح البراءة المسبقة لمدير المنشآت النفطية سركيس حليس، المنتمي إلى المرده، و”المظلوم”، مؤكّداً أنه سيمثل حكماً أمام القضاء “لكن العادل وليس قضاء جبران باسيل، لأنّ الملف سياسي، والجهة التي فتحته تضغط على القضاء وأطلقت حكمها قبل التحقيق، ومن يحقّق من بعض القضاة موعودين بمراكز”، مؤكّداً “أنّ (مدّعي عام جبل لبنان) القاضية غادة عون أعطت إشارتها لعسكريين ليحضروا سركيس حليس من أمام قاضي التحقيق في المحكمة، وقالت لهم “كلبجوه وجيبوه”.
فرنجية الناقم ذهب إلى صلب الموضوع: “الرؤوس الكبيرة مطلوبة، والتحقيق يبدأ من فوق، وليس سركيس حليس وأورور الفغالي، منعملهم ضحية ومنكبّهم بعدين”.
تحرّر فرنجية في كلامه من كل الضوابط “ستة وزراء للتيار من أصل سبعة تعاقبوا على وزارة الطاقة والآن بعد عشر سنين يقولون هناك فيول مغشوش. في هذه الحال إما هبل أو حمير أو متواطئين وقابضين”، كاشفاً أنّ هناك شركات عدّة نزلت إلى المرفأ وضغطت لتعديل المواصفات و”ما حدن استدعاهم على التحقيق”، وذكّر بأن “جبران باسيل بنفسه ذهب عام 2010 الى الجزائر وروّج لعقد سوناطراك بوصفه أفضل العقود ووزراء التيار كانوا يجدّدون للعقد من دون تردّد”.
وفي لغة تخاطب لا تترك “للصلح مطرح” قال فرنجية: “مفكّرين سيطالون رأسي. من يطلبونهم للتحقيق أوادم. عندهم مشكلة معي فليواجهوني. وبدّهم حرب فليكن. المشكلة أنّهم يشتغلون ونحن جالسون في بيوتنا. وحين نأتي إلى الحقيقة فرنجية مطروح لرئاسة الجمهورية وباسيل ما بيعمل مختار”.
اتهم فرنجية باسيل صراحة بزيادة عجز الكهرباء ومنع الدولة من تأمين وفر بـ20 مليار دولار بسبب التمسّك بمعمل سلعاتا: “وشوشونا هيدي للمسيحيين
وموجّهاً سهامه باتجاه عون وباسيل معاً قال فرنجية: “كذّبتم على الناس بـ 1989 وكنتم تفاوضون السوري تحت الطاولة ودمرتم المناطق المسيحية، أعدتم البلد 100 سنة، وفي 2005 والآن أيضاً. قوتكم نابعة من السلطة فقط، وعندما تخرجون منها التاريخ سيحاكمكم”.
وتجاوز فرنجية جميع الخطوط بكشفه “كذبة بلوكات الغاز والنفط”، قائلاً: “ليخبروكم أن ليس هناك غاز، والدراسات التي قدّمت لشركات النفط لا تشبه طبيعة الأرض في المياه اللبنانية، وبأنّ “توتال” لن تكمل الحفر وستدفع البند الجزائي وترحل”.
واتهم فرنجية باسيل صراحة بزيادة عجز الكهرباء ومنع الدولة من تأمين وفر بـ20 مليار دولار بسبب التمسّك بمعمل سلعاتا: “وشوشونا هيدي للمسيحيين. هي ليست للمسيحيين بل لهم. لقد طيّروا الاقتصاد اللبناني من “شلوشه” بسبب موضوع سلعاتا. لو ذهبوا لخيار الغاز لكانت الخسارة صفر. لم يأخذونا إلى مكان إلا وفوّتونا بالحيط، وأخذونا على الحرب أو الكارثة”.
وفي ما يتعلق بصفقة البواخر كشف فرنجية لأوّل مرة أنّه “كان يعلم” بصفقة البواخر قبل عامين من حصولها وتلزيمها لسمير ضومط “وهذا إخبار. وجبران باسيل “وشوَشَ” يومها حزب الله و8 آذار قائلاً لهم: اشتريت سعد الحريري بسمير ضومط”.
ويكمل فرنجية: “الحريري قبل عام من المناقصة قال لي: جبران سيعطي المناقصة لضومط كي يحرجني. وتذكّرني رح ياخدها سمير. وأنا ما رح مشّيلو ياها”. وبالفعل الحريري “ما مشّاها”، لكنّها مرّت خلال ولاية نجيب ميقاتي”.