الفيول المغشوش: التياّر الوطني الحرّ يقبض على نفسه ..

مدة القراءة 5 د


يجزم أكثر من مصدر متابع ومعني بملفّ الفيول المغشوش، أنّ لا أحد يخطّط ليفلش بقعة “الفيول المغشوش” تحت الأضواء، كما يحصل راهناً. وحدها الصدفة حوّلت قضية كان من الممكن أن تمرّ مرور الكرام، لتتدحرج ككرة ثلج قد تكشف الكثير من الألغاز والأسرار.

لكن الأكيد أنّ فريق “التيار الوطني الحر”، كما يتّهمه خصومه، يسعى إلى تسييس الملف واستثماره لإبعاد الشبهة عن الإدارة السياسية لملفّ النفط، وهي إدارة منوطة بالوزير جبران باسيل، ومستشاريه، منذ عقد تقريباً. لا سيما وأنّ القاضية غادة عون، المحسوبة على باسيل نفسه، هي التي تتولّى متابعة هذا الملف قضائياً.

وللمفارقة أن وزيران من التيار الوطني الحر هما  ندى البستاني وسيزار أبي خليل، يمسكان بالملف إعلامياً ويتولّيان الاتهامات الفنية والسياسية كأنهما ليسا معنيّين بسيرة وزارة الطاقة “العطرة” بروائح الفيول والبواخر والكهرباء المشعشعة . 

إقرأ أيضاً: أورورا… إلهة إغريقية نهبت وزارة الطاقة؟

ليست المرة الأولى التي يُحاط أداء القاضية عون بالكثير من علامات الاستفهام. رئيس الحكومة السابق سعد الحريري أعلن بشكل واضح قبل يومين إنّه لا يثق بها “لأنّها تأتمر من القصر”، وها هو “تيار المردة” ينضمّ إلى المحور الذي يشكو من “التباسات” في سلوكها، ويضع مجريات ملف “الفيول المغشوش” في إطار التصويب السياسي عليه، من “بندقية” القاضية عون.

عملياً، ثمة نقطتان تختصران هذا الملف: العقود الموقعة من جانب الدولة اللبنانية مع شركة سوناطراك منذ العام 2005، واكتشاف الغشّ بالفيول، الذي دفع مدعي عام جبل لبنان القاضية عون إلى وضع يديها على الملفّ لتسطير بلاغ بحث وتحرٍّ بحق رئيس المنشآت النفطية سركيس حليس، المحسوب على “تيار المردة”، ليعود قاضي التحقيق الأول في جبل لبنان، نقولا منصور، ويتّخذ قراراً بتوقيف المديرة العامة للنفط في وزارة الطاقة، أورور الفغالي، المحسوبة على “التيار الوطني الحرّ”.

في النقطة الأولى، تقول جهات قانونية معنية بهذا الملفّ إنّ كلّ التحقيقات الجارية تجاوزت مسألة مهمة وهي مسؤولية شركة “سوناطراك” التي، وفق العقد الموقّع معها، هي المسؤولة أمام الدولة اللبنانية عن كلّ الأعمال التي تقوم بها. وفي المقابل تمحورت التحقيقات حول اتّهام تيدي رحمة في القضية عن طريق اتباع استنتاجات مسبقة لا أساس قانونياً أو واقعياً لها. علماً أنّ شركة “ZR ENERGY DMCC” التي اشترت منها شركة “سوناطراك” شحنة باخرة BALTIC، هي شركة إماراتية مسجلة في دبي، لم يكن رحمة يوماً مفوّضا بالتوقيع عنها، ومع ذلك أصدرت عون بلاغ بحث وتحرّ بحقّ كلّ من صاحب شركة “ZR energy” تيدي رحمة ومدير الشركة  لتغيّبهما عن الحضور.

وفي سياق التأكيد على مسؤولية الدولة اللبنانية، تذكر معلومات خاصة لـ”أساس” أنّ القاضية هدى الحاج المكلفة بالاستشارات القانونية لدى وزارة الطاقة، وضعت تقريراً من حوالي 16 صفحة على أثر فتح تحقيق إداري داخلي، خلصت فيه الى مسألتين: أولاً، ليس هناك من علاقة للدولة اللبنانية على الاطلاق بنوعية الفيول المستورد باعتبار أنّ شهادة المنشأ وفحص العيّنات هي المعيار الأساس لاعتبار الفيول مطابقاً للمواصفات أو غير مطابق. ثانياً، إنّ المسؤول الوحيد والمباشر تجاه الدولة هي شركة “سوناطراك” بمعزل عن مصدر الفيول خاصة وأنّ العقد الموقع مع الدولة اللبنانية لا يتضمّن أيّ قيود أو حظر يمنع شركة سوناطراك من شراء مادة الفيول من أيّ مصدر تراه مناسبا. واقترحت تعديل العقد لجهة أن تكون شهادة مطابقة العيّنات في لبنان وليس في بلد المنشأ.

تشير المعلومات إلى أنّ شركة “ZR energie” تقدّمت بطلب نقل الملف إلى بيروت إلى أمام مدعي عام التمييز نظراً للتسييس الذي يحيط بالقضية

… ومع ذلك، لم يتحرّك القضاء اللبناني لمساءلة شركة “سوناطراك”. وإنما استمعت القاضية عون لممثل الشركة في تخليص المعاملات طارق فوال، وتمحور التحقيق معه، وفق معلومات “أساس” عن هوية الأشخاص الذين يتلقّون الهدايا منه. وهو سمّى أكثر من 15 موظفاً في وزارة الطاقة، إلا أنّ حليس ليس بينهم، كما يقول أحد المحامين المطلعين على الملف. وقد استدعت عون كلّ الموظفين الذي سمّاهم فوال، حيث يتردد أنّ حجم ملف التحقيق تجاوز الـ400 صفحة إلا أنّ أياً ممن استمعت اليهم عون لم يأتِ على ذكر حليس. ورغم ذلك سطّرت بلاغ بحث وتحرٍّ بحقه.

ولهاذا فإنّ الخشية من تسييس الملف هو الذي يدفع حليس إلى عدم المثول أمام القاضية عون، كما يؤكد المقرّبون من “تيار المردة”، خصوصاً في ضوء ما ينقله مسؤولون في “التيار الوطني الحر” يتابعون هذا الملف، نقلاً عن القاضية عون، عن طلبها من القاضي منصور توقيف كلّ من حليس وتيدي رحمة فور مثولهما، لتتولّى هي بنفسها استجوابهما قبل تحويلهما إلحاقاً بالملف. وبناء عليه، يؤكد المدافعون عن حليس أنّ الأخير سيمثل أمام القضاء فور تأكده من عدم تسييس الملف.

ولهذا السبب أيضاً تشير المعلومات إلى أنّ شركة “ZR energie” تقدمت بطلب نقل الملف إلى بيروت إلى أمام مدعي عام التمييز نظراً للتسييس الذي يحيط بالقضية. فيما ترى جهات قانونية متابعة أن كلّ الإحالات هي جنح تتصل بتلقي الهدايا وليست جنايات، ما يعني أنّه حتّى الآن لم يصل القضاء المختص إلى الظنّ بوجود تزوير في هذا الملف. وإذا صحّ الكلام عن هدر بقيمة 3 مليار دولار، فلماذا لا يتوسّع التحقيق في هذا المجال؟ ولماذا يقتصر إلى الآن على الموظفين الذي تلقوا الهدايا؟

ورغم كلّ هذه الملاحظات، فإنّ الأهم هو فتح ملف بهذا الحجم عشية انتهاء مدة عقد “سوناطراك” لكي تعمل وزارة الطاقة على وضع دفتر شروط جديد شفاف يؤمن مصالح الدولة اللبنانية!

هذا الملف عمره 15 سنة، معظمها كانت الوزارة المعنية بيد التيار الوطني الحرّ، فما الذي طرأ، حتى يعلن “التيّار” إلقاء القبض على “الوطني الحر” …

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…