دراسة أميركية: الناجون من كورونا عرضة للاكتئاب والخرف

مدة القراءة 5 د


في وقت ظهور لقاح “فايرز” كمخلّص للبشرية من فيروس كورونا المستجدّ، فجّر مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي الدكتور فراس الأبيض مفاجأة، من خلال إعلانه عن دراسة أميركية أشارت إلى أنّ 20% من مرضى كورونا المتعافين يصابون بأمراض نفسية في غضون 90 يوماً من تعافيهم. وأوضح الأبيض عبر حسابه الخاص على “تويتر”، أنّ هذه الدراسة لحظت وصول معدّل الإصابة بأمراض القلق والاكتئاب والأرق إلى الضعف بعد الإصابة بالفيروس، بالإضافة إلى احتمال أكبر للإصابة بالخرف.

الدراسة التي تحدّث عنها الأبيض أعدّها باحثون بريطانيون من جامعة “أوكسفورد”، ونشرتها مجلة “The Lancet Psychiatry” الأميركية، وعمد العلماء خلالها إلى فحص السجلات الطبية لـ69 مليون مريض في أميركا من 20 كانون الثاني حتى 1 آب 2020، بينهم 62 ألف شخص تأكّدت إصابتهم بفيروس كورونا. ووفق الدراسة، فإنّ 18% من الناجين ظهرت عليهم أعراض الاضطراب النفسي، وهذا الرقم وفق “ناشيونال إنتريست” يقارب ضعف الأرقام المسجّلة عند الإصابة بباقي الأمراض الخطيرة كالسارس وغيره.

اختصاصية علم النفس هيفاء السيد، أوضحت لـ”أساس” أنّ “تأكيد هذه الدراسات ما زال في طور البحث، خصوصاً أنّ العلماء استندوا إلى الأعراض التي تظهر بعد الشفاء، كالآلام في العضلات، آلام الدماغ كالصداع، الدوار، والإرهاق، والضعف العام وأعراض أخرى”.

واعتبرت السيد أنّ “حالة الشك والخوف من المجهول بسبب تبعات كوفيد 19، تترك المتعافى في سلوك خارج عن السيطرة، كالوسواس القهري ونوبات الهلع”.

وتوقفت السيد عند الأفكار السلبية التي تنتاب المصاب بفيروس كورونا، حول الخوف من تلف أحد الأعضاء أو تدهور وضعه الصحّي كأن يصبح قريباً من الموت، موضحة أنّ “هذا الخوف يؤدّي إلى تدهور الحالة الصحية سواء النفسية أو الجسدية، ويقابل ذلك الشعور بالنبذ الاجتماعي بسبب المرض، وزيادة معدّلات البطلات، وافتقار الشعور بالأمان الاقتصادي، والخجل من السعي للعلاج. هذه الضغوطات جميعها تؤدّي إلى زيادة الضرر بالصحة النفسية”.

حالة الشك والخوف من المجهول بسبب تبعات كوفيد 19، تترك المتعافى في سلوك خارج عن السيطرة، كالوسواس القهري ونوبات الهلع

أما عن الحلول التي تنصح بها لتلافي إصابة المتعافي بمشاكل نفسية، تلخّصتها بالتالي:

1- الحفاظ على الهدوء والمرونة النفسية، من خلال الاسترخاء والتأمل. ما يتيح لنا التعامل بسهولة أكثر مع الأزمات والمواقف الصعبة.

2- الحصول على الدعم النفسي من خلال الأسرة والأصدقاء. وهنا يعدّ التواصل الإلكتروني ضرورياً لتعويض سلبيات التباعد الاجتماعي والحدّ من التداعيات النفسية.

3- الخروج إلى الطبيعة والتعرّض لأشعة الشمس مع القيام ببعض التمارين والأنشطة البدنية، كالمشي، والسباحة، والجري. وترافق ذلك مع تناول الطعام الصحي.

4- الاهتمام بالأسرة والتقرّب من أفرادها وقضاء الوقت معهم.

5- ممارسات الهوايات التي لم يكن هناك وقت في السابق لها، كالقراءة، ومشاهدة الأفلام، والطبخ، أو حتّى أعمال الصيانة.

6- الابتعاد عن الأخبار المضلّلة التي تنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذ المعلومات من مصادر موثوقة.

7- الانحياز إلى التفاؤل، والتفكير في قيمة اللحظة الحالية، وقيمة الصحة، والاعتراف بعدم يقين الأفكار السلبية وتجاهلها.

8- الابتعاد عن الأشخاص السلبيين وعن مصادر التوتر.

9- طلب المساعدة من خلال العلاج النفسي، على أن يكون ذلك عبر الإنترنت بتقنية الفيديو، والتعبير عن مشاعر الغضب والآلام النفسية والتحدّث عنها، لأن الكبت قد يؤدّي إلى الاكتئاب والأمراض النفسية لاحقاً.

وفي الختام، برأيها أنّه “ما من دراسات موثوقة تثبت أنّ المصابين بالكوفيد – 19 أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، من المصابين بسائر الأمراض المزمنة”، موضحة أنّ “الخوف من الفيروس له وجهان، سلبي وإيجابي. إذ يعتبر الخوف ردّ فعل للمحافظة على حياة الفرد من أيّ خطر يتعرّض له. أما الناحية السلبية فهي حين يتفاقم هذا الخوف ويصبح مفرطاً. في هذه المرحلة، فيتحوّل إلى عائق أمام إطلاق طاقة الفرد، ويضعف مناعة الجسم. من هنا ننصح بالإيجابية التي تعدّ نصف العلاج إن لم نقل غالبيته”.

من جهته يوضح الرئيس السابق للجمعية اللبنانية للأمراض الجرثومية الدكتور زاهي الحلو لـ”أساس ميديا”، أنّ “فيروس كورونا يؤثر أحياناً على الدماغ”، مضيفاً أنّ “مريض الكورونا يدخل في حالة نفسية صعبة، خاصة أنّ الجميع يبتعد عنه، فيعزل لوحده لمدة أسبوعين”.

ويميّز الحلو بين الكورونا وسائر الأمراض حتّى الخطيرة منها: “في مرض السرطان مثلاً، تهتم العائلة بمريضها. أما في حالة كورونا، فهناك هاجس العزلة، وهاجس الموت وحيداً إذ لا تشارك العائلة في الدفن”.

ما من دراسات موثوقة تثبت أنّ المصابين بالكوفيد – 19 أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية، من المصابين بسائر الأمراض المزمنة

ويلفت الحلو إلى أنّه “في أوروبا وأميركا هناك جمعيات تهتمّ بالناحية النفسية وتتابع الحالات. أما في لبنان، فهناك مشاكل عدّة تضاف إلى الكورونا، ما يفاقم الوضع النفسي، كتفجير 4 آب، والوضع الاقتصادي السيء. في المقابل، لا اهتمام في لبنان بالناحية النفسية ولا بغيرها”.

ويعتبر الحلو أنّ “نسبة الذين يصابون بمرض نفسي بعد الإصابة بفيروس كورونا في لبنان، أعلى من سائر الدول. فاللبناني يعاني من مشاكل عدّة صحية واقتصادية، كما يعاني أيضاً من صعوبة تأمين الدواء أو المال اللازم حتّى لإجراء فحص PCR”.

إقرأ أيضاً: كورونا: 50 مليون $ خسائر الإقفال يومياً.. وبوادر عصيان اقتصادي

ووفق الحلو، فإنّ “مريض الكورونا وعائلته يعانون في لبنان. في بعض الدول المتقدّمة تعوّض الدولة مادياً على الأشخاص الذين يخضعون للحجر، خلافاً للبنان حيث يشكّل الحجر ضغطاً جديداً يضاف إلى الضغوطات السابقة”.

وفي الختام، يدعو الحلو إلى التعامل بمحبة مع مريض الكورونا فـ”المرض ليس عيباً، وكلّ شخص معرّض للإصابة. لا بدّ من دعم المصاب، وتقبّله بعد الشفاء، ومساعدته على الانخراط في المجتمع”.

مواضيع ذات صلة

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…