تطوّران مهمان شهدهما الإقليم في الساعات الماضية، الأول إعلان التحالف العربي البدء بوقف إطلاق النار في اليمن وموافقة الحوثيين على المبادرة، ودعم ممثّل الأمم المتحدة في اليمن لها، والثاني توافق القوى السياسية العراقية على مرشح جديد لرئاسة الحكومة وهو مسؤول المخابرات العامة مصطفى الكاظمي، وهو يحظى بعلاقات قوية دولية وإقليمية وعربية.
قد لا يكون التزامن في توقيت حصول هذين الحدثين مقصوداً أو مرتّباً، لكن من الواضح أنّنا نشهد اليوم تغيّرات عديدة في المنطقة والعالم سواء بسبب انعكاسات انتشار فيروس كورونا، أو بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة في العالم، وتراجع أسعار النفط، أو نظراً لوصول الصراعات الإقليمية إلى الحائط المسدود وحاجة جميع الأطراف الإقليمية والدولية إلى فترة هدنة كي تستطيع التفرّغ لمواجهة تداعيات انتشار فيروس كورونا، وقد سبق للأمين العام للأمم المتحدة أن وجه نداء لكلّ الأطراف في العالم لوقف الحروب والتضامن من أجل مواجهة الخطر الجديد الذي يطال كلّ البشرية.
إقرأ أيضاً: مصادر حزب الله: إمكانات “الحرب” بتصرّف كورونا
ومن المؤشرات الأخرى الإقليمية، توجّه إيران لطلب المساعدة من صندوق النقد الدولي كي تستطيع مواجهة فيروس كورونا ودعوة العديد من الجهات الدولية من أجل وقف العقوبات الأميركية ضد إيران من أجل السماح لشركات الأدوية والمعدات الطبية لتصدّر ما تحتاجه إيران من احتياجات لمواجهة فيروس كورونا.
إذا كان لفيروس كورونا إيجابية أساسية، وهي: وقف كلّ هذه الصراعات، وتوحّد العالم لمواجهة الخطر الجديد، فإن ذلك يجعلنا نقبل بكلّ التداعيات السلبية الأخرى التي حصلت في حياتنا خلال الأسابيع الماضية
لسنا الآن في صدد طرح حسابات الربح والخسارة بين الأطراف الدولية والإقليمية على صعيد الأزمات الحاصلة، ومن هو المستفيد من وقف الصراعات والحروب والانتقال لمواجهة العدو الجديد الذي يواجهه العالم اليوم. لكن الأهم هو الاستجابة العملية لنداء وقف الحروب والصراعات وتجميد كلّ الأزمات القائمة، لأن ما يجري فرصة كبيرة لنا في الإقليم وعلى الصعيد العالمي كي نوقف هدر الإمكانيات والطاقات في صراعات مدمرة ونتوجّه جميعاً للعمل سوية لمصلحة الإنسان.
وفي لبنان، فإنّ وزير خارجية حكومة الرئيس حسّان دياب، أصدر بياناً أدان القصف الحوثي للرياض وجيزان، في سابقة هي الأولى من نوعها، ومن حكومة يقول خصومها إنّها حكومة حزب الله، وهذا تطوّر مهمّ في سياق تحسين العلاقات اللبنانية الخليجية.
من الواضح أن جميع الاطراف الإقليمية والدولية تراجعت حساباتها السياسية، وقد نشهد في الأيام المقبلة المزيد من المبادرات الإنسانية والدولية للتعاون في مواجهة فيروس كورونا ووقف كلّ الصراعات والحروب. وإذا كان لفيروس كورونا إيجابية أساسية، وهي: وقف كلّ هذه الصراعات، وتوحّد العالم لمواجهة الخطر الجديد، فإن ذلك يجعلنا نقبل بكلّ التداعيات السلبية الأخرى التي حصلت في حياتنا خلال الأسابيع الماضية، ويكون ضحايا هذا الفيروس قرباناً من أجل مصلحة الكون والعالم والإنسانية.