المحاصصة “سيدة” الخليوي: حواط بدأ منذ ساعات فقط… إجراءات التسلّم والتسليم

مدة القراءة 7 د


أعلن وزير الاتصالات طلال حواط أسماء مجلسي الإدارة المؤقتين الذين سيديرون قطاع الخلوي بعد استرداد الإدارة من الشركتين المشغّلتين، مؤكداً أنّ الوزارة “على مشارف الاستلام الفعليّ لإدارة شركتي الخليوي”، وذلك بعد أكثر من شهر من إعلان القرار من جانب رئيس الحكومة حسان دياب.

في شركة “ألفا”، جاد ناصيف رئيساً لمجلس الإدارة، والأعضاء هم رفيق حداد، آلين كرم، محمد ناصر وعماد حامد. أما في شركة “تاتش”: حياة يوسف رئيسة مجلس الإدارة، والأعضاء هم شربل قرداحي، ماجد عبد الجواد، علي ياسين وجواد نكد. وهي الأسماء التي تمثل التحالف الحكومي، المسيحيين لجبران باسيل، والشيعة  لحركة أمل، والسنّة لفيصل كرامي، والأرجح أنّ حزب الله غير موافق على هذه التشكيلة. وقد عقد كرامي اجتماعاً قبل يومين مع الحاج حسين الخليل المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله، ولم يسفر الاجتماع  عن نتائج إيجابية وترك الخليل لكرامي أن يسمّي حياة اليوسف، وهي شمالية وموظفة في الشركة، رئيسة لمجلس إدارة “تاتش”، بدلاً من رولا أبو ضاهر الأعلى رتبة من اليوسف في الشركة نفسها، والقادرة على “التفاهم” أكثر مع مقرّبين من الحزب.

لكن فعلياً، لم تمضِ إلا ساعات معدودة، كما تقول معلومات خاصة بـ”أساس” على إبلاغ كل من “زين” و”أوراسكوم” الانطلاق العملي في مسار التسلّم والتسليم، وفق كتاب خطي تمّ توجيهه إلى الشركتين.

إقرأ أيضاً: قطاع الخلوي… الاتجاه إلى تمديد “شهري” للشركتين

أغلب الظن أنّه حين رست ترشيحات وزارة الاتصالات على اسم طلال حواط، كان الاعتقاد سائداً أنّ حقبته ستكون وفق قاعدة “الرجل المناسب في المكان المناسب”، بعد أكثر من تجربة لوزراء أتوا من خارج هذا السياق وحاولوا التعلّم من “كيس” تحديث الوزارة وقطاعاتها الحيوية. مع حواط، الآتي من عالم الخلوي وتقنياته المعقّدة، ظنّ كثر أنّ الرجل سيصنع الفرق فور تخطيّه عتبة الوزارة.

منذ يومين حلّ وزير الاتصالات ضيفاً على لجنة الإعلام والاتصالات لاستيضاحه حول إجراءات استرداد ادارة القطاع، عن أهميتها في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي تضرب الكرة الأرضية، وعن تطوّرها، خصوصاً أنّه مضى أكثر من شهر على إعلان القرار وتبليغ شركتي زين وأوراسكوم بالقرار… والأهم من ذلك كلّه لسؤاله عن خطته لتحديث القطاع.

وإذ بالصاعقة تحلّ على النواب المشاركين في الجلسة: بدا وزير الاتصالات خبيراً في كل شيء إلا في الخلوي. بمقدوره أن يدخلهم في ألف متاهة ومتاهة من دون يوصلهم إلى برّ التقاط أفكاره. باستطاعته أن يفتي بالشيء وبنقيضه في آن معاً. حتّى قال أمامهم إنّه يفاوض الشركتين المغادرتين على تركيبة مجلسي الادارة اللذين يفترض أن يديرا القطاع بعد رحيلهما!

لم يفهم النواب لماذا على الوزير مفاوضة الشركتين، وإذا كان لا بدّ من مفاوضتهما فلماذا لا يديران المرحلة الانتقالية التي سيصار خلالها وضع دفتر شروط جديد وإجراء مناقصة عالمية؟

أكثر ما كان يؤرق النواب هو عمر تلك المرحلة الانتقالية: ما هي الضمانات التي تثبت أنّ المرحلة الانتقالية لن تكون دائمة؟ وما هي المعايير المعتمدة لاختيار أعضاء مجلسي الادارة؟

النقطة المركزية التي دار حولها حواط معتبراً أنّها المحطة المفصلية في عملية التسليم والتسلم، هي تشكيل مجلسي الإدارة المؤقتين، مشيراً إلى أنّ مسار الاسترداد يبدأ فعلياً بعد تشكيل هذين المجلسين. جلّ ما نجح الوزير في توضيحه هو تأكيد حرصه على اعتماد معيار الكفاءة، متجاهلاً أنّ التسريبات الإعلامية التي سبقته إلى الجلسة بيّنت بما لا يقبل الشك أنّ المحاصصة السياسية هي وحدها المتحكّمة بمسار التعيينات… ولو أنّ النائب فيصل كرامي “الوصي السياسي” على وزير الاتصالات، يحاول، في الكواليس، قدر الإمكان، التخفيف من وطأة هذه المحاصصة لمصلحة الكفاءة.

إلا أنّ المفاجأة الكبرى كانت بالنسبة إلى المتابعين في الرسالة الخطية التي وجّهها، كما تكشف معلومات خاصة بـ”أساس” إلى مالك شركة “أوراسكوم” نجيب ساويريس والمؤرّخة بتاريخ 4 حزيران، أي منذ ساعات قليلة، يبلغه فيها أنّ الوزارة جهّزت لائحة وثائق يفترض تسليمها في إطار “التسليم والتسلّم”، كاشفاً عن تشكيل هيئة تسلم من جانب الوزارة لتقوم بالمهمة، مانحاً شركة “أوراسكوم” مهلة أسبوعين لتسليم تلك الوثائق.

ويتردّد أنّ هذه الهيئة تضمّ عن:

“تاتش”: ناجي عبود، ستيفاني صادر، وسوار خالد.

“ألفا”: أماني ناصر الدين، زياد زيادة، ونسرين حرب.

ماذا تعني هذه الرسالة؟

تعني أنّ إجراءات التسليم علّقت أكثر من شهر، لأسباب لا تزال مجهولة، إذ كان يفترض بدء هذا المسار في اليوم التالي على إعلان قرار الاسترداد وإبلاغه للشركتين.

في مجالسه الخاصّة، يشكو الوزير من خوضه معارك على أكثر من جبهة. هكذا يبرّر رفضه تسريع خطواته، ويعطي نفسه مهلاً طويلة قبل اتّخاذ أيّ قرار

ومع ذلك كله، يقول المتابعون إنّ هذا “اللف والدوران” من جانب الوزراة لاسترداد الإدارة لا يزال غير مفهوم وغير مبرّر، سواء بالنسبة لتأخير الإجراءات العملانية أو لتشكيل مجلسي إدارة. إذ يغفل وزير الاتصالات أنّ توصية هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بشأن قضية استرداد الدولة لإدارة شركتي الخليوي “تفتي بأنّ عقدي إدارة قطاع الخلَوي الموقّعين مع شركتي “زين” و”أوراسكوم” قد انتهت مفاعيلهما منتصف ليل الثلاثاء 31/12/2019، وبالتالي  يتوجب على وزارة الإتصالات، ممثّلة بشخص الوزير، أن تبادر بشكل فوري وتلقائي، من الساعة صفر ليوم الأربعاء الواقع فيه 1/1/2020، إلى اتخاذ الإجراءات الإدارية والعملية وسواها كافة لاستلام إدارة القطاع الخليوي، على أن تتولّى وزارة الإتصالات، بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة، مهمة الإدارة، وذلك من دون الحاجة لأيّ ترخيص أو موافقة تصدر عن أي مرجع آخر سواء في السلطة التنفيذية والقضائية والتشريعية”.

تقول الهيئة صراحة إنّه بامكان الوزير الاستعانة، وفوراً، بالمديرية العامة للاستثمار والصيانة للإدارة ولا حاجة بالتالي لتضييع الوقت في تشكيل مجلسي إدارة من موظفي “ميك1” (“ألفا” حالياً) و”ميك2″ (“تاتش” حالياً)، وهما الاسمان التجاريان للشركتين اللتين تملكهما الدولة. وذلك لاستكمال إجراءات الاسترداد، لا سيما أولئك الذين تدور حولهم شبهات فساد. ومع ذلك يفعلها الوزير.

وفي مجالسه الخاصّة، يشكو الوزير من خوضه معارك على أكثر من جبهة. هكذا يبرّر رفضه تسريع خطواته، ويعطي نفسه مهلاً طويلة قبل اتّخاذ أيّ قرار. فهو على سبيل المثال دشّن عهده بسلسلة قرارات تخفيضية في عداد موظفي “هيئة الإشراف” من قبل المالكين على الشركتين المشغلتين أو ما يعرف بالـOSB . هذه الهيئة هي “جنّة الملاذ الضرائبي” للوزراء للذين تعاقبوا على حقيبة الاتصالات. إذ تضمّ جيشاً من الموظفين والمنتفعين والمستشارين وكلّ لزوم عدّة الوزير، من ضمنها مثلاً مكتبه. هذا لأنّ رواتبهم تقتطع من عائدات الشركتين المشغّلتين بنسبة مقدرة بـ1 على 1000 من المدخول.

ولأنّ وجود الهيئة مرتبط بوجود مشغّل أجنبي، فقد عمد الوزير فور وصوله إلى الاستغناء عن عدد من العاملين فيها (أكثر من 40 شخصاً)، فتمّ الاستغناء في الدفعة الأولى عن أكثر من عشرة أشخاص معظمهم من المحسوبين على “تيار المستقبل” (الأغلبية بينهم من التنفيعات السياسية)، فيما طالت الدفعة الثانية أكثر من 15 شخصاً (أعاد أربعة منهم إلى العمل بحجّة المساعدة في عملية التسلّم والتسليم)، فيما توجه أكثر من عشرة من المستغنين عن خدماتهم إلى القضاء لتقديم شكاوى، آخرهم كانت ميرا الشامي، التي تقدّمت بواسطة وكيلها المحامي عيسى نحاس بشكوى أمام مجلس العمل التحكيمي بحقّ “الهيئة” ممثلة برئيسها ناجي عبود، وبحقّ الدولة اللبنانية ممثلة بوزير الاتصالات طلال حواط، لتحصيل حقوقها.

فهل ستعوض إجراءات التسلم عن تخبّط الأسابيع الماضية؟ وهل سيكون بين المجلسين الجديدين من يبيّض صفحة الإدارة؟

مواضيع ذات صلة

الجماعة الإسلامية: انقلاب يقوده الأيّوبيّ ومشعل

إذا أردت أن تعرف ماذا يجري في “الجماعة الإسلامية”، فعليك أن تعرف ماذا يجري في حركة حماس،  وعلاقة الفرع اللبناني بالتحوّلات التي تشهدها حركة حماس……

لا تعهّد إسرائيليّاً بالانسحاب

قابل مسؤولون إسرائيليون الشكاوى اللبنانية من الخروقات المتمادية لقرار وقف إطلاق النار، بسرديّة مُضلّلة حول “الانتشار البطيء للجيش اللبناني في جنوب الليطاني، بشكل مغاير لما…

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…