“فجر الجمهورية”: روكز يطلق حزباً جديداً

مدة القراءة 6 د


هل بدأ النائب شامل روكز رحلة تكوين تيار سياسي منفصل عن التيار الوطني الحرّ؟ وهل قرّر الابتعاد نهائياً عن بعبدا، وخوض رحلة سياسية مستقلّة عن القصر الذي لجبران باسيل، الكلمة الأولى فيه؟

في الأسابيع الماضية تبلورت أكثر معالم خارطة تحرّك الجنرال السابق في الجيش. إجتماعات مكثّفة ونقاشات وتوسيع لمروحة الاتصالات مع قوى “الثورة”، لكن لبّ حراك روكز يكمن في سعيه إلى إعادة لمّ الشمل بين الضباط والعسكر المتقاعدين ومحاولة كودرتهم بشكل منظّم، مع رصد تنسيق ثابت بينه وبين قياديين عونيين سابقين انضووا تحت تسمية “التيار الخطّ التاريخي”.

بات “العميد” رسمياً في المقلب المُواجِه للعهد بكلّ رموزه. تَحَرّرَ بالكامل من تحالفات صيف الانتخابات المُحبِط، بعدما اختبر معركة أهل البيت البرتقالي ضدّه الى درجة “الوقاحة”، كما قال يومها، حين تعرّض لمحاولة اغتيال انتخابية. فقَلَبَ الطاولة بوجه جبران باسيل، وغادر ميرنا الشالوحي ولم يعد، ثم انغمس “إلى العظم” في معركة “حقوق العسكر” خلال مناقشة موازنة 2019 في مجلس النواب، مستفزًا حتّى الرئيس ميشال عون.

إقرأ أيضاً: روكز: حكومة “المستشارين” لن تصمد طويلاً

 

طريق القصر الجمهوري صار “معبراً” لغداء أو لقاء عائلي لا أكثر. الجرّة انكسرت ليس مع ميشال عون بل مع “الحاشية”، من جبران وجيش المستشارين ونزولاً. سلسلة مآخذ لا تنتهي عن إخفاقات كان تكتل “لبنان القوي” شريكاً أساسياً، برأيه، في صناعتها. في ملفات الكهرباء، والسدود، والنفايات، والتعيينات الركيكة، وسلسلة التدخّلات الفاضحة في القضاء والأمن والجيش…

من العسكر وإلى العسكر يعود. شامل روكز يحضّر مع ضباط وعسكر متقاعدين لولادة تجمّع “فجر الجمهورية” على أنقاض إخفاقات الحكومات المتعاقبة مع خطّ أحمر وحيد: “معركتنا ليست بوجه رئيس الجمهورية”، حتّى لو كان “صيت” العهد القوي وهيبته بالدقّ.

نحو 45 ضابطأ فرّقتهم الأجندات سابقاً وتوزّعوا “جبهاتٍ” متفرّقة في عزّ معركة حقوق ورواتب العسكر منذ 2017 مع إقرار سلسلة الرتب والرواتب ولاحقاً الموازنة. وأظهروا شراسة في استخدام الشارع، وها هم يلتقون الأسبوع الماضي في مكتب شامل روكز في ساحل علما. من بينهم طوني عبد النور، جورج نادر، مارون خريش، سامر الرماح، وأندريه ابو معشر… وبات الجميع يجلس على طاولة واحدة.

ورشة جماعية مفتوحة أفضت منذ الاجتماع الأول يوم الخميس الماضي إلى حصول مصارحة كاملة قضت بوضع الخلافات الشخصية جانباً، وفق مشاركين في الاجتماع. وقد انبثق عن اللقاء لجنة مكلّفة وضع المبادئ الأساسية لتجمّع بات يحمل اسم “فجر الجمهورية”، كما تمّ تكليف ضابط لمتابعة الاتصالات مع ضباط دورته لمزيد من التنسيق والتواصل، مع توجه الى تعيين لجان في كلّ قضاء.

الاجتماعات تتوالى والهدف شدّ الأحزمة وتشكيل قوة ضغط من دون ضرب موعد مع الشارع حتى الآن. يقول النائب شامل روكز لـ “أساس” إنّ “المتقاعدين كانوا عبارة عن مجموعات وفئات متفرّقة. ونحن نسعى اليوم للعمل ضمن مجموعة واحدة، والتوافق على طرح سياسي ومبادئ ثابتة. وقد قطعنا شوطاً كبيراً في ذلك”.

ويسلّم روكز بوجود “ماكينة كذب شغّالة” تستهدفه بشكل مباشر عمرها من عمر دخوله المعترك السياسي، وهي سابقة للانتخابات النيابية، وليست وليدة لحظة اختياره التماهي مع خطاب الشارع بعد التخلّي عن مقعده على طاولة “تكتّل لبنان القوي”.

لكنّ المفارقة أنّ هذه الماكينة، بتأكيد مطلعين، كانت ولا تزال تحرّكها أصابع مؤيّدي “العديل” بهدف “الحرتقة”. لكنّ “التشويش” لم يعطّل مشروع شامل روكز مع رفاق السلاح في الإعلان قريباً عن تجمّع “فجر الجمهورية”. يحصل ذلك، فيما “العهد القوي” يدخل سنته الخامسة بعد خمسة أشهر وكأنّه الى أفول!

خلال مؤتمره الصحافي الأخير بدا نائب كسروان كمنّ يفجّر الجسور مع تركيبة سياسية متكاملة من ضمنها تلك التي أوصلته الى البرلمان. نادى بـ “الثورة والتمرّد والانقلاب ورفض الطاعة ومنطق المزرعة”، وأطاح بشعار العهد و”التيار البرتقالي” قائلاً: “محاربة الفساد باتت شعاراً فارغاً من المضمون طالما أن ليس هناك من يُلاحَق أو يُحاسَب”!.

برأي روكز أنّ “دور العسكر المتقاعد سيكون مهمّاُ في مسار الثورة والتغيير وحماية الجيش، ونحن نشكّل قوة ضغط كبيرة”، معتبراً أنّ “ما حصل في السابق من صدام بين الطرفين لم يكن أمراً طبيعياً خصوصاً أنهما في خندق واحد كون المعاناة واحدة، وأحد أوجهها تبخّر قيمة الرواتب بالليرة اللبنانية”.

ساء روكز ورفاقه رؤية الجيش في مواجهة ناسه. يعتبر نائب كسروان أنّ “هذه طبقة متلاحمة مع بعضها البعض وهي تدفع اليوم ثمن الفساد والهدر، وتصحيح المسار لن يكون بالتأكيد بالصدام بين الجيش والمتظاهرين”، جازماً بأنّ “هناك من يجرّ الجيش الى هذا الفخ”، ومتّهِماً “التركيبة السياسية التي أوصلت البلد الى هنا بأنها المستفيدة من هذا الصدام”.

لا اتهام لميشال عون بتزكية هذا الصراع. سيعود بعض الضباط بالذاكرة إلى لحظة تحوّل هواء “صوت المدى” وبعض نشرات التلفزيون البرتقالي إلى وصفة صريحة لتأليب الرأي العام بوجه الجيش الذي تريّث في الأيام الأولى للثورة وامتنع عن فتح الطرقات بالقوّة!

رغم الكلام “الدبلوماسي” المنقول عن روكز بوجود علاقة الحدّ الأدنى مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “تفرضها الضرورات”، إلا أنّ المعطيات تفيد بأنّ العلاقة مقطوعة بالكامل بين صهريّ رئيس الجمهورية

يبدو “حزب” روكز ورفاق السلاح كمنّ يريد تصويب البوصلة في أكثر من اتجاه: في “التدخل السريع” لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. في إتيكيت التعامل مع الجيش، وفي منع السياسيين من تسخير بعض ضباطه لمآربهم وأجنداتهم. في تحريم الصدام بين العسكر وناسه. في المجاهرة بضرورة بقاء الجيش والقضاء بمنأى عن حسابات أهل السلطة. في الدفع باتجاه مطالب إصلاحية وتغييرية من ضمنها الانتخابات النيابية المبكرة. وفي حضّ الحكومة على اتخاذ قرارات إصلاحية جريئة “كي لا تبقى آلية اتخاذ القرار معطّلة” كما يقول روكز.

يرفض نائب كسروان تحميل “حكومة المئة يوم كامل المسؤولية، لكنّها ليست مستقلة وليس لديها جرأة اتخاذ القرار بوجود وزراء لا يزالون ينصتون لمرجعيتهم السياسية التي عيّنتهم”.

لا يشذّ وزراء رئيس الجمهورية  و”التيار الوطني الحر” الممثّلين في الحكومة عن قاعدة أخذ الإملاءات من أولياء تعيينهم، بحسبه. مع ذلك، لا يكفّ باسيل عن لعب دور المعارض الأوّل. يقول روكز: “إذا كان باسيل موالياً، فلديه أكثر من طريقة لعرض مآخذه إن داخل الحكومة أو باستقالة وزرائه أو تقديم نوابه استجواباً للحكومة أو طرح الثقة، لكن أن يكون موالياً ومعارضاً في الوقت نفسه فهذا انفصام غير مقبول”.

ورغم الكلام “الدبلوماسي” المنقول عن روكز بوجود علاقة الحدّ الأدنى مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل “تفرضها الضرورات”، إلا أنّ المعطيات تفيد بأنّ العلاقة مقطوعة بالكامل بين صهريّ رئيس الجمهورية، فيما الأخير يتبنّى بالكامل “مظلومية” نائب البترون مُعلِنًا من على كرسيّه الرئاسي بأنّ “جبران باسيل يتعرّض لمحاولة اغتيال سياسية”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…