فحص الفيول: ثلاث نتائج متضاربة

مدة القراءة 5 د


هل الفيول المستورد من جانب الدولة اللبنانية عبر شركة “سوناطراك” مغشوش أم غير مطابق للمواصفات؟ وما هي حقيقة النتائج التي أجريت للفيول، وتحديداً لشحنة باخرة MT Baltic التي وصلت في آذار الماضي؟ وهل من تضارب بين النتائج؟

تفيد المعلومات المستقاة من محامين يتابعون القضية عن وجود اختلاف كبير في نتائج الفحوصات التي أجريت للشحنة الثالثة، لم يخرج بعد إلى الضوء، من شأنه أن يزيد من علامات الاستفهام حول حقيقة ما حصل مع هذه الشحنة.

وتشير المعلومات إلى أنّ الفحص الذي قامت به شركة Bureau Veritas في دبي، أظهر أنّ نسبة الترسّبات النفطية في الشحنة بلغت 4.26، فيما يفترض ألا تزيد على 0.1. “سوناطراك”، مع انطلاق الباخرة، كانت أعلنت أنّ النسبة أقلّ من 0.1. .

إقرأ أيضاً: فيول مغشوش أو غير مطابق للمواصفات: الجواب عند سوناطراك

جديد التطوّرات، أنّ القاضية غادة عون طلبت من المختبر المركزي فحص عيّنة من الشحنة، إلا أنّ نتيجة الفحص لا تزال غير معلنة، في حين تفيد المعلومات أنّ النتيجة بلغت 0.4. ولذا، صار لهذه الشحنة ثلاث نتائج. وهذا ما يثبت، وفق المتابعين، أنّ طريقة أخذ العيّنة للفحص من شأنها أن تؤثر في النتيجة، وقد تكون العيّنة التي أرسلت إلى دبي أخذت من خطّ الأنابيب المستخدم للضخّ من الباخرة إلى الخزانات، وتحمل نسبة عالية من الترسّبات. وهذا ما يفترض أن توضحه الملاحقات القانونية.

المسألة في ملف الفيول تكمن في مدى تطابق المشتقات المستوردة مع لائحة المواصفات التي تضعها الدولة اللبنانية من جهة، واحتمال تزوير شهادات نوعية هذا الفيول من جهة أخرى. لكن وفق بعض المحامين، فإن احتمال التزوير نادر جداً لأنّ كلّ شحنة تصل الشاطىء اللبناني يتمّ فحصها من جانب شركة “كاراديننيز”، وليس هناك مصلحة لأيّ شركة في التلاعب بالمواصفات لأنها ستكشف عاجلاً أم آجلاً. ولهذا لم تردّ الشركة المشغّلة لمعملي الجية والذوق أيّ باخرة بحجّة عدم مطابقتها المواصفات.

عادة، تصل الباخرة المحمّلة بالفيول إلى الساحل اللبناني، تأخذ مديرية النفط عيّنة منها لفحصها. وإذا تأكّدت مطابقتها للمواصفات تفرّغ الحمولة في خزّانات كهرباء لبنان. في هذه المرحلة تحديداً، وأثناء عملية التفريغ، تبدأ “كارادينيز” (بواخر إنتاج الطاقة) بالحصول على العيّنة الخاصة بها، عن طريق التنقيط طوال فترة التفريغ. بعدها ترسل عيّنتها إلى شركة الفحص في دبي Bureau Veritas، ولا تستعمل الفيول إلا بعد التأكّد من مطابقته للمواصفات المطلوبة.

المشكلة تكمن في المواصفات التي تضعها الدولة للفيول. قبل عام 2013، لم تكن وزارة الطاقة تشترط أن تكون مواصفات الفيول مطابقة لـ”آيزو 8217″. لكن الأمر تغيّر يوم التعاقد مع شركة “كاردينيز”. حينها تبيّن أن الفيول المعتمد لا يصلح للمحرّكات العكسية، وقد يسبّب لها ضرراً بالغاً، والأمر نفسه يشمل معملي الذوق والجية الجديدين، اللذين يعملان على المحرّكات نفسها.

وهنا تقول الرواية إنّ “التفتيش المركزي” دعا في العام 2013 إلى تغيير أجهزة التنقية والتصفية لحمايتها من الضرر، لأنّ المحرّكات العكسية الموجودة على البواخر تستخدم 8 مراحل تنقية قبل وصول الفيول إلى المحرّكات، فيما محرّكات معملي الجيّة والذوق لا تستخدم أكثر من 3 مراحل تنقية، ولهذا فهي تتعرّض للأعطال باستمرار، فيما تبقى محرّكات البواخر سليمة ولو أنّهما يستخدمان النوعية ذاتها من الفيول.

وقيل يومها إنّ المتعهد سلّم وزير الطاقة نظام تنقية وتصفية دون المستوى المطلوب، ولذا بقيت الأجهزة المعتمدة في البواخر أكثر تطوّراً من أجهزة المعامل الجديدة. الأهم من ذلك، يتردّد أيضاً أنّ “سوناطراك” وافقت حينها على تسليم لبنان الفيول الجديد بسعر الفيول القديم، ولهذا جرى الإبقاء على العقد مع الشركة الجزائرية لاعتبارات مالية وتسهيلية قد لا تؤمّنها أيّ شركة أخرى.

وعلى هذا، تصير المسؤولية على عاتق الجهات المشرفة: وزير الطاقة، ومؤسسة كهرباء لبنان والمديرية العامة للنفط، كونها الجهة التي تستلم الفيول، خصوصاً إذا تبيّن أن هناك غشّا في شهادات النوعية.

في الخلاصة، تحوّل الفيول إلى مسألة وطنية. أدخِل اللبنانيون في متاهتها… على “العتمة”، وبلا أيّ أفق.

تقنياً، يقول المعنيون إنّ المقصود بـ”الفيول الرديء”، هو عدم تناسب المواصفات المطلوبة من الدولة اللبنانية مع متطلّبات المعامل العكسية.

في الساعات الأخيرة تمّ تداول تسجيل صوتي منقول عن أحد المواطنين يستعرض “شهادة” أحد المسؤولين في قطاع الكهرباء. المسؤول، بحسب التسجيل، يقول إنّ “جحيم انقطاع التيار الكهربائي الذي يعيشه اللبنانيون مردّه إلى أنّ خزّانات الفيول مقفلة بالشمع الأحمر بسبب التحقيقات، ولا يمكن لأيّ باخرة جديدة أن تفرغ حمولتها مع العلم أنّ كلّ يوم تأخير للباخرة يكلّف 50 ألف دولار”. (تشير المعلومات إلى أنّ الكلفة الحقيقية تقدّر بين 25 و30 ألف دولار يومياً).

وينهي “المواطن” حديثه بأنّ السلطات الرسمية تعاند حتى اللحظة تشغيل المعامل على الغاز لأنّه “ليس هناك من غاز مغشوش لاستيراده!”.

تقنياً، يقول المعنيون إنّ المقصود بـ”الفيول الرديء”، هو عدم تناسب المواصفات المطلوبة من الدولة اللبنانية مع متطلّبات المعامل العكسية.

وإلى حين حلّ هذه الدوامة والخروج من الحلقة المفرغة، سنظلّ غارقين في العتمة الجزئية، وندفع 30 ألف دولار يومياً (تقريباً)، حتّى يرفع الشمع الأحمر عن خزّانات الفيول.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…