الصيارفة: لا حلّ من دوننا.. والدولار قد يتبخّر!

مدة القراءة 5 د


ترتفع تدريجياً حالة الاستنفار العامة في البلاد. في الأحوال العادية يمكن لأيّ حكومة أن تجد نفسها وسط مأزق حقيقيّ في مواجهة كارثة وبائية كفيروس كورونا الآخذ في التمدّد وزرع الرعب في العالم. أما في الأوضاع الاستثنائية كتلك التي تضع لبنان على حافة الإفلاس الشامل فتصبح مواجهة “الأوبئة”، الجرثومية منها والسياسية والمالية، أكثر صعوبة وتتطلّب استنزافاً في الوقت والامكانيات.

داخل السراي الحكومي ثمّة ورش حقيقية مفتوحة بكل الاتجاهات. جميع المكاتب من دون استثناء “محتلّة” من قبل اللجان والمستشارين لتقديم اقتراحات الحلول للأزمات المتراكمة  خصوصاً بعد إعلان التعبئة العامة. وفي الأيام الماضية سجّل تقدّم على جَبهة تَدخُل في صِلب “التعثر” في مواجهة “فيروس” التلاعب بسعر صرف الدولار.

إقرأ أيضاً: حسابات “الهيركت”: أكبر مما تظنون (1/2)

فالاجتماع الذي عقده رئيس الحكومة حسان دياب مع كبار رؤساء الأجهزة الأمنية قبل أيام والذي تناول في شقّ منه مهمّة الأجهزة الأمنية في فرض الإقفال التام لكلّ المؤسسات والمحال و”منابع” التجمّعات التي يمكن أن تؤدّي إلى انتشار الفيروس، حَضَر على جدول أعماله “أمر المهمّة” في تنفيذ إجراءات أمنية أكثر صرامة في ما يتعلق بالصيارفة غير المرخّصين، من ضمن المواكبة لتنفيذ تعميم حاكم مصرف لبنان الأخير، الذي طلب خلاله من مؤسسات الصيارفة التقيّد استثنائياً ولستة أشهر بحدّ أقصى لسعر شراء العملات الأجنبية مقابل الليرة اللبنانية، لا يتعدّى نسبة 30 في المئة من السعر الذي يحدّده مصرف لبنان في تعامله مع المصارف، وعدم اعتماد هوامش بين سعر البيع وسعر الشراء للعملات الأجنبية، كما قال، عن “العادات المألوفة وعدم التوقف عن القيام بعملية الصرافة بكافة أنواعها”.

سريعاً ظهرت النتائج العملانية من خلال قيام الجيش والأجهزة الأمنية  بسلسلة توقيفات بوتيرة متسارعة طالت صيارفة غير مرخّصين ولا يلتزمون بالسعر المحدد، لكنّ ذلك لم يحل دون الاستمرار في التلاعب بسعر صرف الدولار لدى الصرّافين حيث تراوح يوم أمس بين 2400 و2500 ليرة للدولار الواحد.

عملياً، أدّى تعميم الحاكم بعيد صدوره إلى جوّ من البلبلة في تسعيرة سعر صرف الدولار ومن ضمن مبرّرات الصرافين “الشرعيين”: “لا أحد يطلق النار على نفسه”. وبالتالي بدا أنّ هناك صعوبة في الامتثال إلى تعميم سيقودهم إلى خسارة أرباحهم من خلال بيع الدولار للعملاء وفق سعر الـ 2000 ليرة بعدما كانوا قد اشتروه ما بين حدّي 2500 و 2700 ليرة في الآونة الأخيرة!

ومع ذلك، جزمت أوساط مؤسّسات الصيارفة أنّ “بالامكان الالتزام بالتعميم في حال التخلّص من ظاهرة الصيارفة غير المرخصين، وأولئك من يصفونهم بـ”حمّالي الشنطة” الذين يتجوّلون في الشوارع ويصطادون الزبائن الخارجين من محال الصيارفة التي تمتنع عن بيعهم الدولار”.

يقول عضو مجلس نقابة الصيارفة محمود حلاوي: “لقد اعتدنا على هذا النمط من الإجراءات الأمنية. في السابق كانوا يُلاحقون المخالفين ثم تفلت الأمور من جديد، لكن تظهر جدية ملحوظة في ملاحقة الصرافين غير المرخّصين مع سيطرة كاملة عليهم. لكنّ الأهم الاستمرار بالوتيرة نفسها”، مشيراً إلى أنّ “الأجهزة الأمنية أخذت حتى باقتراحنا بوضع نقاط ثابتة في الساحات الرئيسية ما يسهّل القضاء على هذه الظاهرة وهو الأمر الذي نوقش في جلسة السراي”.

مع ذلك يجزم حلاوي بأنّ “الالتزام بالتعميم سيكون صعباً ويتطلّب مجهوداً كبيراً كونه مخالف لطبيعة المنطق المالي ويُواجه قوة السوق  لأن العملة يَحكمها العرض والطلب وليس التثبيت، إلا إذا كانت هناك جهة مالية قوية تتولى تثبيتها كما كان يدأب على ذلك مصرف لبنان. لكن  مع غياب القدرة اليوم على التثبيت، فالعملية تتطلّب التزاماً من الصرّاف المرخّص وقمعاً دائماً للصيارفة غير المرخصين”، مشيراً إلى “حصول انخفاض متوقع في قيمة تداولات السوق قد يصل الى 90%”.

كيف يمكن لهذه الشركات أن تؤمّن المواد الغذائية الاساسية واحتياجات المواطنين الملحّة في ظل عدم قدرتنا على تأمين الدولار

ومن ضمن سلسلة مخاوف أخرى يشير حلاوي إلى “أمر واقع فرضه تفشي فيروس كورونا وإعلان التعبئة العامة الذي دفع الناس إلى ملازمة منازلها ما أدى إلى شلّ الحركة الاقتصادية والمالية”. ويوضح حلاوي أنّ “هذا الانخفاض الذي قد يلامس نسبة 90% من تدفق الدولار النقدي لدى الصرافين سينعكس سلباً على عملية البيع للشركات المستوردة، واستطراداً كيف يمكن لهذه الشركات أن تؤمّن المواد الغذائية الاساسية واحتياجات المواطنين الملحّة في ظل عدم قدرتنا على تأمين الدولار”.

ويوجّه حلاوي لوماً “إلى المسؤولين عن الخطة الحكومية الجديدة بسبب عدم إشراك الصيارفة في خطة المواجهة وعدم الاستماع إلى هواجسهم، فنحن قمنا أصلاً بمبادرات عدّة، واليوم هناك ظروف استثنائية قد تقود إلى العجز عن تأمين المواد الغذائية الاساسية للمواطن”.

ويكشف حلاوي عن مسعى للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون “لوضعه في صورة هذه الأزمة، فخلال الأسبوع القادم إذا لم تكتمل عناصر تأمين تدفق الدولار النقدي ولم تتأمّن السبل المالية والعملية الصحيحة لها سينعكس ذلك بشكل سلبيّ جداً على مقومات الصمود”. ويختم قائلاً: “لا خطة ناجحة من دوننا، وسنطلق صرخة قريباً، فنحن بأهمية من تدعونهم إلى التداول في خطة المواجهة…. وإذا كان هناك من هو قادر على تأمين الدولار فليكن”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…