وزير الصحة “المقصّر” يلاحق هادي مراد لأنّه اتهمه بالتقصير

مدة القراءة 5 د


ربما هو الوقت المناسب ليفتح وزير الصحّة معارك مع الأطباء الغاضبين من تقصير الوزارة والحكومة. وبدلاً من التفرّغ لمواجهة “كورونا”، ها هو يهدّد الأطباء ويقدم على سحب إذن مزاولة المهنة من أحدهم، لـ”يربّي” الباقين ويكمّ الأفواه.
فأمس أصدر قرارا بوقف الطبيب محمد هادي مراد عن العمل، بسبب تجرّؤ مراد، عبر شاشة mtv، على اتهام الوزير بالتقصير و”الإجرام” بحقّ الشعب اللبناني.
في هذا الوقت فإنّ أعداد الإصابات تجاوزت المعلن عنه بالتأكيد، والفحوص الطبية للمشتبه بإصابتهم بدأت تتجاوز الألف يومياً، بحسب مرجع طبّي (رفض نشر اسمه خوفاً من الوزير الغاضب) في حديث لموقع “أساس”. والفترة المقبلة ستحمل في طياتها “إعصاراً صحياًّ” إذا ما وصلنا إلى أعداد
مصابين تتجاوز القدرة الاستيعابية للمستشفيات الطبية”.

إقرأ أيضاً: كورونا من نوع آخر يضرب طيران لبنان.. استعدوا للعزل!

وسط هذا المشهد الصحي الضبابي تفاجأ اللبنانيون بمحاسبة الطبيب مراد على خلفية تصريحاته حول كورونا، وتحميله لوزير الصحة المسؤولية في وصول الوباء إلى لبنان، ومطالبته وزير الصحة بالاستقالة في حلقة “صار الوقت” ليل الخميس الماضي: “الوزير أجرم بحق اللبنانيين بموجب قانون العقوبات المادة 605 و 606″، قال مراد.
وزير الصحة أصدر قراراً “إنتقامياً”، بحسب مصادر قانونية. وعلّله بأنّ مراد “خالف أحكام قانون مزاولة مهنة الطب وقانون الآداب الطبية، وتهجم وشهير بحق وزارة الصحة العامة، وشكك بإجراءاتها المتخذة للحفاظ على سلامة المواطنين في مواجهة وباء كورونا مهدداً الأمن الصحي والاجتماعي ومخالفا لقانون آداب المهنة” على أن يكون الاسترداد مؤقتاً للإجازة “لحين البت من قبل القضاء المختص بالقضايا المسندة إلى مراد”.
فهل كلام مراد هدّد الأمن الصحي والاجتماعي؟ بينما عدم الحجر على ركاب الطائرة الإيرانية التي جاءت بالوباء إلى لبنان مع أوّل حالة إصابة كورونا، وتأخّر إعلان حالة الطوارئ لا يهدّد أمننا الصحي والاجتماعي؟
القاصي والداني في لبنان بات يعرف أنّ أول إصابة بالكورونا لم يتم تشخيصها في لبنان، بل كانت الوزارة على علم مسبق بها، باعتراف مصادر طبية عديدة، وتم التعتيم على هذا التصرّف، لعدم الحجر على كامل ركّاب الطائرة، ولعدم توقيف الرحلات مع إيران.

بعد أعطاء الدكتور مراد إفادته في المباحث الجنائية، يعود القرار للنيابة العامة، فإما تحيله إلى محكمة المطبوعات كون “القدح والذمّ” حصل في وسلية إعلامية علناً، أو تدعي عليه أمام القاضي المنفرد الجزائي

لم يكتفِ وزير الصحة بقرار العزل الإداري، بل لجأ إلى القضاء أيضاً، وقد علم “أساس” أنّ الطبيب مراد، أمس أيضاً، غداة الحلقة التلفزيونية، ورده اتصالٌ من “المباحث الجنائية” يستدعيه إلى التحقيق يوم الاثنين المقبل الساعة العاشرة صباحاً، “بجرم القدح والذم”، وتفيد المعلومات بأنّ الدعوى مقدمة باسم المديرية العامة في وزراة الصحة ضد مراد.
يأسف مراد في حديث لـ”أساس” على هذا التصرف “المؤسف والمحزن والمستهجن”، ويؤكّد أنّه “بدلاً من أن تكثّف وزارة الصحة مجهودها لمحاربة كورونا وتبحث في سبل وطرق إعلان حالة الطوارئ للحدّ من انتشار الفيروس، ها هي تقوم بملاحقة أطباء كل ما قاموا به أنّهم صارحوا الناس بالحقيقة”.
لكن ماذا عن المسار القانوني للدعوى؟
المحامية جوديت التيني تؤكّد لـ”أساس” أنّه بعد أعطاء الدكتور مراد إفادته في المباحث الجنائية، يعود القرار للنيابة العامة، فإما تحيله إلى محكمة المطبوعات كون “القدح والذمّ” حصل في وسلية إعلامية علناً، أو تدعي عليه أمام القاضي المنفرد الجزائي.
وبحسب التيني: “في الحالة الأولى لا توقيف احتياطياً، بل تد!عي عليه النيابة بجرم المطبوعات بموجب المواد 20 و21 و22 قانون المطبوعات.

والمادّة الأخيرة تنصّ على القدح والذم الذي يوجّه إلى موظف بسبب وظيفته أو منصبه ويتولى سلطة عامة، وهنا تطبق هذه الحالة على الوزير، وتكون عقوبتها من 3 أشهر إلى سنة حبس. وفي الحالة الثانية تدّعي عليه بموجب المواد 582 و583 و 584 من قانون العقوبات، وعقوبة الذمّ في الأولى تصل إلى الحبس حتّى 3 شهور مع غرامة 200 ألف ليرة أو بإحدى العقوبتين، وعقوبة القدح من المادة الثالثة تكون عقوبتها حبس من أسبوع إلى 3 اشهر وغرامة مالية من 50 إلى 400 ألف ليرة، وهنا يمكن توقيفه احتياطياً، ولا حصانة للطبيب بهذه الحالة لأنّ جرمه غير ناشىء عن ممارسة المهنة”.

أما قرار الاسترداد المؤقت لمزاولة المهنة، فتشير التيني إلى أنّه “إداري يحقّ للوزير القيام به، وهو منفصل ومستقلّ عن الدعوى القضائية، ويمكن للطبيب أن يطعن فيه أمام مجلس شورى الدولة بمراجعة الإبطال لتجاوز حدّ السلطة بعد شهرين من تاريخ تبلغه القرار”.

فهل سنكون أمام قرار قضائي مجحف قد يمهّد لثورة كورونا في الشارع اللبناني، أم أنّ القرار سيكتفي بالغرامة المالية ليعود المعنيون إلى التفرّغ لمسؤولياتهم الطارئة والكبيرة في زمن الكورونا؟

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…