لقد أخبرنا الرئيس حسان دياب في بيانه أمس السبت من السراي الحكومي ما طُلب منه أن يخبرنا إياه، وهو أنّ الدولة اللبنانية وللمرة الأولى ستتخلى عن دفع المستحقات المالية المتوجبة عليها من دون أي تنسيق واتفاق مع الدائنين ومن دون خطة واضحة حول كيف ستتعامل مع تداعيات هكذا موقف.
لم يكن مفاجئاً موقف الرئيس دياب الذي قرأه عن ورقة مطبوعة كما كل مواقفه السابقة، لقد أعلمنا به الشيخ نعيم قاسم قبل أيام والذي مُهد له باستبعاد المراسلين الصحفيين، وحشد الوزراء الذي جلسوا في الصفوف الأولى ليس فقط لالتقاط الصورة بل أيضاُ لحجب أي سؤال مفاجئ لصحفي مشاغب يُنغّص الاطلالة التلفزيونية المطلوب أن تقتصر على تلاوة البيان، فيما تبيان البيان ليس بالحسبان.
إقرأ أيضاً: من يعيد السُنّة إلى المعادلة الوطنية؟
الرئيس دياب وفي بيانه استنسخ اعلاناً شهيراً لأحد المصارف مؤكداً أن خمسين دولة قد تمنعت عن دفع ديونها قبل لبنان وكأنه يقول كما قيل في ذاك الاعلان “شو وقفت علينا”، إلا أنّه لم يخبرنا عن الخطط التي وضعتها تلك الدول السباقة لليوم الذي تلا هذا التخلف، وما هي الاجراءات التي نُفذت، أو ما هي التداعيات التي حصلت؟!
تتعامل الحكومة ورئيسها مع مسألة التخلف بالسداد كما تتعامل مع فيروس الكورونا تماماً هي كما غيرها من الدول تعلن يومياً عن عداد المصابين إلا أنّها لا تفعل كما تفعل غيرها من الدول لجهة إعداد مجتمعاتها لمواجهة هذا الفيروس، إن في الوقاية أو في منع تفشيه، وبالنهاية في حماية المجتمع من نتائجه.
الرئيس دياب وحكومته هم في المرحلة الأولى أي في مرحلة تناول الفلفل الحار إلا أن الوصول إلى بيع المنزل أي إلى صندوق النقد الدولي حتمي
لقد اقتصرت “خبرية” الرئيس دياب على أن الدولة اللبنانية لن تدفع ما عليها، لكنه لم يخبرنا أن الفقراء منّا سيزداد فقرهم، وأن الطبقة المتوسطة لدينا ستتجه بسرعة إلى الفقر، وأن الطبقة الميسورة إما ستهج خارج الحدود أو ستُسلم أمرها لرّب غفور.
يروى أن رجلاً تمنّع عن دفع دين، فألزمه القاضي أن يختار عقوبة من ثلاث: الأولى تناول عشرين قرناً من الفلفل الحار، والثانية أربعون جلدة، والثالثة أن يبيع منزله ليسدد دينه. فاختار العقوبة الأولى وبعد أن تناول عشرة قرون من الفلفل الحار استسلم وطلب العقوبة الثانية، ثم بعد خمس جلدات لم يحتمل، فطلب العقوبة الثالثة. الرئيس دياب وحكومته هم في المرحلة الأولى أي في مرحلة تناول الفلفل الحار إلا أن الوصول إلى بيع المنزل أي إلى صندوق النقد الدولي حتمي ولا مفرّ منه.