من يعيد السُنّة إلى المعادلة الوطنية؟

مدة القراءة 4 د


.. بعيداً عن كل التنازلات والسقطات، والتي قد تجد من ينظّر دفاعاً عنها مبرراً حصولها أو ظروف حصولها، ما هو محسوم ولا جدال فيه أنّ السُنّة كمكّون أساس من مكّونات هذا الوطن باتوا خارج المعادلة الوطنية، هي النتيجة التي حصدها السنّة مع المسار الذي انتهى باستقالة الرئيس سعد الحريري وصولاً إلى نيل حكومة الرئيس حسان دياب الثقة البرلمانية.

.. لقد، ربط الرئيس الحريري وجود السنّة في المعادلة الوطنية، بوجوده شخصياً برئاسة الحكومة. مما جعل خروجه من السراي، خروجاً للسنّة من صناعة القرار الوطني والتأثير فيه. وهو، ما لم يحصل في تاريخ السُنّة اللبنانيين، منذ عهد الاستقلال، عندما كان رجل الاستقلال رياض الصلح رئيساً للحكومة. الزعماء السُنّة عبر التاريخ، هم شركاء في المعادلة الوطنية كانوا على رأس الحكومة أو خارجها. مرتين، كان رياض الصلح رئيساً فيهما للحكومة في ظل رئاسة بشارة الخوري للجمهورية. والخلاصة، لا يمكنك أن تذْكُر بشارة الخوري، دون أن تَذْكُرَ رياض الصلح. رغم مرور ثمانية رؤساء للحكومة في عهده غير رياض الصلح. كما، أن الرئيس صائب سلام، شغل منصب رئاسة الحكومة ثلاث مرات، وفي إحداها لأربعة أيام فقط في آخر عهد بشارة الخوري. ومن يستطيع أن يتجاهل دور صائب سلام كزعيم وشريك أساس في المعادلة الوطنية، حتى يوم وفاته عن عمر 95 سنة عام 2000.

إقرأ أيضاً: دياب.. أو الطائفة التي سقطت

فيما اللافت، أنّ الرئيس عبد الله اليافي هو الأكثر تولياً لرئاسة الحكومة (ست مرات). إحداها قبل الاستقلال عام 1938، لم يكن تأثيره بالمعادلة الوطنية كتأثير من وصل أقل منه لرئاسة الحكومة. أو كتأثير آل الصلح في الحياة الوطنية والذين أنتجوا أربعة رؤساء للحكومة (رياض – سامي – تقي الدين -رشيد).

أخطأ الرئيس سعد الحريري، من حيث يدري أو لا يدري. عندما ربط  دور السنّة في المعادلة بشخصه وبمدى نجاحه أو فشله في إدارة السلطة، فكانت إدارته المتساهلة للتسوية الرئاسية مدفوعة الثمن من رصيد السُنّة. بدا الأن تدهور علاقاته مع بعض الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، هو تدهور للعلاقة بين المملكة والسُنّة في لبنان. فبات خضوع أيّ مسؤول أزرق في الدولة للمساءلة، قانونية كانت أم تأديبية، كيدية كانت أم غير كيدية، هي مساءلة للطائفة السنّية برمتها. فأصبحت المعادلة تقول إنّه عند الفوز يحصد سعد الحريري الغنائم لشخصه، وعند الخسارة يدفع السُنّة كل السُنّة الثمن.

هذا ما وصلنا إليه، والسؤال الآن من يعيد السنّة إلى المعادلة الوطنية؟ بداية وجب التصحيح بفاعل الفعل أي إعادة صياغة السؤال كما يلي، كيف يعود السنّة إلى المعادلة الوطنية؟ الفاعل المطلوب هنا، لا يمكن أن يكون ضمير مفرد بل ضمير جمع، لقد خرج السُنّة بفعل عمل رجل واحد ولا يمكنهم العودة إلا بفعل عمل جماعي. أليسوا هم من يُوصفون بالأمة وليس بالطائفة؟!.

المعادلة الوطنية عندما يقصى عنها السُنّة، تتحول الى المعادلة القاتلة للوطن

هذه العودة، تستوجب أولاً صياغة الخطاب، وعدم التلهي بالحديث عن غياب المشروع، مشروع السنّة واضح لا لبس فيه. كان وما زال وسيبقى هو الدولة. والخطاب المطلوب، هو خطاب بناء الدولة، الموجّه لكل الشركاء حول محورية ودور السُنّة في عملية البناء المطلوبة.

على السُنّة بالصوت الجماعي، أن ينبّهوا الآخر، كل شريك آخر في الوطن. أن المعادلة الوطنية عندما يقصى عنها السُنّة، تتحول الى المعادلة القاتلة للوطن، وما نفع الجميع إن مات الوطن.

هامش: يروى أنّ اللقاء الاسلامي الذي كان يرأسه المفتي الشهيد حسن خالد بالشراكة مع الراحل الرئيس تقي الدين الصلح ويحضره الوزراء والنواب السُنّة أسبوعياً، كان الرئيس السوري حافظ الأسد ينتظر البيان الصادر عن اللقاء فور صدوره ليطّلع عليه.

مواضيع ذات صلة

اليوم التّالي لـ”الحزب”: تعايش السّلاح مع الرّقابة الأميركيّة؟

ستّون يوماً ستحدّد وجه لبنان لعشرين سنة مقبلة. وما سيحدث (فيها) خلالها سيكون أكثر تعقيداً ومشقّة من أن تحسم أمره بنود الاتّفاق الذي أنجزه المفاوض…

لا تنخدعوا “بفائض الضّعف” كما خُدعتم “بفائض القوّة”

يقول دبلوماسي عربي في مجلس خاصّ: “خدع “الحزب” اللبنانيين وخدع نفسه وجمهوره بمقولة فائض القوّة. على اللبنانيين اليوم عدم خداع أنفسهم بالمراهنة على فائض الضعف…

إيران تتعظ… وتتراجع تكتيكياً

يتراءى للبعض أنّ رياح تغيير الأسلوب الإيراني بدأت تعصف في طهران مع السماح بوصول مسعود بزشكيان للرئاسة، ليتوطّد هذا النهج بعد فوز دونالد ترامب بولاية…

الحروب ليست حلّاً…  

عالم الحروب اليوم أعمق وأخطر، وقد وصل إلى قلب أوروبا بهجمة روسيا على أوكرانيا عام 2022 التي استمرّت حتى اليوم. وكأنّما كانت إسرائيل تنتظر مسوِّغاً…