لا تتهاون فعاليات بلدية بشرّي في التعامل مع فيروس الكورونا. عدد الإصابات أُعلن عنه بشفافية، وقرار عزل البلدة بأكملها بدأ تنفيذه منذ صباح السبت الفائت، بالتزامن مع فحوصات سيصل عددها إلى 500، بحسب المعنيين في البلدة.
الوضع في بشرّي “لا يحتمل”، بحسب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي أعلن حجر المنطقة في رسالة وجّهها لأهاليها عبر حسابه على “فيسبوك” قبل يومين، مشجّعاً الأهالي بأنّه “في زمن الحرب كانت المرجلة ألّا نبقى في المنزل، أما الآن المرجلة هي أن نبقى في منازلنا”.
عدد الإصابات التي سجّلت حتى اليوم في بشرّي هو 64، بحسب رئيس البلدية فريدي كيروز في حديث لـ”أساس”. والحالات ليست خطرة: “آخر المؤشرات إيجابية، فالـ54 فحصاً الذين تمّ إجراؤها بشكل عشوائي يوم الجمعة، جاءت نتيجتها جميعاً سلبية، والـ123 فحصاً التي أجريت يوم السبت سجلّت فقط 3 حالات إيجابية. ونحن بانتظار نتيجة 78 فحصاً، فيما تمّ إجراء 70 فحصاً جديداً اليوم. ونحن متفائلون جداً، وفي ضوء نتائج اليوم وغد نتخذ قراراً إما بتشديد الإجراءات أو بالتخفيف منها”.
“لا خوف” يقول كيروز: “هدفنا العودة إلى صفر إصابات”، ويذكّر بأنّ “البلدية كانت أعلنت التعبئة العامة قبل الدولة، غير أنّ الحالة التي وصلت إلى المنطقة لم تكن متوقّعة”.
إقرأ أيضاً: قبل 30 ألف فحص لا معلومات عن انتشار كورونا في لبنان
وفيما يوضح رئيس البلدية أنّ انتشار الفيروس تمّ حصره في نقطتين جغرافيتين وأنّ الحالات جميعها مترابطة، يطمئن إلى عدم العثور على “نقاط جديدة، فالحالات فقط في هاتين النقطتين والمتفرّعة عنها، وأُجريت فحوص عشوائية لكلٍّ من احتكّ بهم من أصحاب المحالّ التجارية والمصالح، والنتائج كانت مبشّرة”.
عزل بشّري لا يعني حرمانها من المواد الغذائية يقول رئيس البلدية: “المواد الغذائية تدخل بعد تعقيمها، والحركة في المدينة تتبع قرار التعبئة، فيمكن لشخص واحد فقط أن يذهب بالسيارة لتأمين حاجيات عائلته”.
أما رئيس مجلس إدارة مستشفى بشري الحكومي الدكتور أنطوان جعجع فيشرح لماذا تغلّب سيناريو العزل على سيناريو “مناعة القطيع”، إذ أنّ “مناعة القطيع تعني السماح بإصابة 60 % من أهالي البلدة (وهم 8000 شخص)، أي إصابة 4800 شخص. بينما عدد المصابين لم يتخطّ حتى اليوم الـ64”. ويوضح الطبيب أنّ الإجراءات التي تنفّذ في البلدة هدفها منع الوصول إلى مناعة القطيع: “استراتيجيتنا هي الحفاظ على حياة كبار السنّ، لذلك نجري أكبر عدد من الفحوصات. ولن نترك البلدة كي ينتشر فيها الفيروس وتسجّل إصابة عدد كبير أغلبهم من الختايرة”.
العدد المتوقّع للوفيات في حال اتباع خطّة مناعة القطيع في المدينة يتراوح بين 120 و250، وهذا ما يعمل الجميع في بشرّي على تفاديه. والخطة التي تتبعها البلدة هي: الفحص والتعقّب والعلاج ” treat T3 = test track”، والإصابات حتّى الآن لا يوجد بينها حالة حرجة، بحسب تأكيد الدكتور جعجع: “أكثر الإصابات ضمن معيار الدرجة الأولى وحتّى أقل، لدينا 18 حالة لم تظهر عليها أيّ عوارض، وباقي الحالات وضعها طبيعي”.
المشكلة في بشرّي أنّ العدوى انتقلت من أحد الأطباء. والضرر أصاب عائلتين في البلدية، وذلك بسبب عدم التزام الضوابط ضمن محيط العائلة الواحدة
تتبع بشرّي الاستراتيجية نفسها التي طبقتها ألمانيا، كوريا الجنوبية وسنغافورة، وتقوم هذه الاستراتيجية على السيطرة على الفيروس عبر متابعة كلّ شخص احتكّ بالمريض. أما فيما يتعلّق بحجر بلدة بشرّي فيقول الطبيب: “الحجر التام هو لمنع الناس من الخروج من منازلها، هذا المرض لا دواء له وعلاجه الوحيد البقاء في البيت، ونحن نريد من هذه الخطوات منع انتشار الفيروس في البلدة”، موضحاً أنّ “الحالات لا تزال محصورة في نقطتين جغرافيتين ونحن نهدف لإبقاء الفيروس في هاتين الدائرتين كي نقضي عليه”.
نسأل زياد كرم (33 عاماً) المصاب بالفيروس، كيف انتقلت العدوى إليه؟
فجيبب: “لدينا 12 إصابة في العائلة”، ويوضح لـ”أساس” أنّه لم يكن يشعر بأيّ عوارض عندما خضع للفحص. في منزل زياد 3 مصابين بالمرض، هو وخالته وجدّته، ويخضعون جميعهم للحجر، مع اتّباع الإجراءات الوقائية. أما الخوف فهو على جدّته التي تخضع للعلاج في مستشفى رفيق الحريري.
زياد كان ملتزماً بالحجر “لكنّ المشكلة في بشرّي أنّ العدوى انتقلت من أحد الأطباء. والضرر أصاب عائلتين في البلدية، وذلك بسبب عدم التزام الضوابط ضمن محيط العائلة الواحدة”.
بشرّي الرائدة في العزل التام تشهد أيضاً فحوصات كلفتها رمزية وهي 20 ألف ليرة فقط، وتشهد تعقيماً يومياً وتشدّداً في فرض تطبيق التعبئة العامّة من قبل شرطة البلدية.