غادة عون “لغم” التشكيلات القضائية

مدة القراءة 5 د


عقدٌ قليلة، لكن حسّاسة، لا تزال تتحكّم بالتشكيلات القضائية المتوقع صدورها خلال أيام قليلة. إذ سيعقد مجلس القضاء الأعلى آخر اجتماعاته بعد عودة رئيس التفتيش القضائي القاضي بركان سعد من السفر يوم الجمعة.

على رأس العقد القاضية “غادة عون”. مدعي عام جبل لبنان ضربت بقدمها على الأرض: “لا أقبل أن أكون “ضحية” هذه التشكيلات بعدما نجحت في مهمتي”. في معيار القاضية التي يشهد كثيرون بقدراتها القانونية، أنّ نقلها من مركزها لن يكون سوى إعلان تسليم بعدم كفاءتها وإدارة الظهر لواقع تحوّلها الى رأس حربة عهد رَفَع شعار مكافحة الفساد وتنظيف القضاء والمؤسسات والإدارات من “أزلامه”، فيما المطلوب تقديرها على “عطاءاتها” في مجال مكافحة الفساد.

تعثّر التشكيلات استدعى حصول لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود للجوجلة وللتباحث في “أزمة” القاضية عون، خصوصاً في ظلّ توجه مجلس القضاء الأعلى لإرسال التشكيلات إلى وزيرة العدل ماري كلود نجم، تتضمّن تعيين القاضي إيلي الحلو في موقع مدعي عام جبل لبنان، مع العلم أنّ وزيرة العدل تعهدت بإحالة التشكيلات إلى مجلس الوزراء من دون أي تعديل عليها: “إلا إذا لَمست فيها اقتصاصاً من قضاة من دون مبرّر وهذا ما سترفضه”، على حدّ قول مطلعين.

إقرأ أيضاً: الحاكمون بأمر التشكيلات القضائية… خارجها

يعترف قاضٍ كبير، في مقارنة بين تشكيلات 2017 والتشكيلات الحالية: “الخطأ ليس في تدخل السياسيين إنما في سماح مجلس القضاء الأعلى للسياسة أن تدخل اليه. في التشكيلات الماضية أتى بعض القضاة “بما يطلبه السياسيون” إلى داخل طاولة مجلس القضاء الأعلى و”دبكوها جوّا”، دفاعاً عن حصص بعض السياسيين. هذا ما لا يحصل اليوم حيث تقف رغبات السياسيين عند عتبة “المجلس”، مع ذلك ثمّة مراكز خلافية لا تزال تحتاج الى بعض الوقت”.

يضيف القاضي عينه: “أستطيع أن أجزم أنّ ميشال عون لم يطلب أي اسم لا في التشكيلات الحالية ولا اليوم. وللدلالة على ذلك، كان هناك اسمان تمّت تزكيتهما في التشكيلات الماضية من قبل قريبين من رئيس الجمهورية، بينهم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية بيتر جرمانوس، الذي تقدّم مؤخراً بطلب إنهاء خدماته. لكن حين قيل للرئيس عون يومها إنّ هذين القاضيين لا يتمتعان بالمواصفات المطلوبة لشغل موقعيهما كان ردّ رئيس الجمهورية واضحاً: فليكن الرأي لمجلس القضاء الأعلى في ما يراه مناسباً في التعيين في المراكز المناسبة”.

لا يختلف “وضع” القاضية غادة عون عمّا سرده هذا القاضي. فمدعي عام جبل لبنان نتاج خيار عوني وقفت خلفه بنات رئيس الجمهورية بموافقة الوزير جبران باسيل. يومها نُصِح الرئيس عون بأنّ غادة عون قاضية صلبة ومتمرّسة في القانون ونظيفة الكف عاصية على الاغراءات وتعمل كـ”البولدرزر”، لكن ليست هذه هي المواصفات المطلوبة فقط لموقع المدعي العام، الذي هو على تماس مع الجميع، من الكبير للصغير ومع السياسة وتوازناتها. هو موقع يحتاج الى إدارة متكاملة من صفاتها الحكمة والتوازن وعدم الانسياق الى ردات الفعل والاصطدام مع “المحيط القضائي”. يومها كان هناك خيار بتعيينها رئيسة الهيئة الاتهامية في جيل لبنان لكنّ الإصرار العوني دفع إلى تثبيتها في مركز مدعي عام جبل لبنان”.

في المعطيات، ثمّة خيار مطروح على طاولة مجلس القضاء الأعلى بتعيين القاضية عون مكان رئيس محكمة التمييز القاضي كلود كرم الذي يحال الى التقاعد بعد شهرين، على أن تبقى في هذا الموقع لمدة خمسة أشهر إلى حين إحالة رئيس محكمة التمييز العسكرية القاضي طاني لطوف الى التقاعد، فتعيّن حينها مستشارة في محكمة التمييز، ثم يتم انتدابها لتشغل موقع رئيس محكمة التمييز العسكرية. موقع يتمتّع بهامش كبير من الاستقلالية ويحلم قضاة بالوصول اليه. لكن حتّى الآن القاضية عون تتمرّد على واقع نقلها من موقعها وترفضه.

وعقدة غادة عون هي ضمن عقدة أكبر تتعلق بقضاة النيابات العامة. فمع التسليم بواقع بقاء بعض قضاة الجزاء في مواقعهم، كما هو الحال مع مدّعي عام الشمال القاضي نبيل وهبي ومدعي عام البقاع القاضي منيف بركات، فإنّ نقل مدعين عامين آخرين من مواقعهم، سيوحي بوجود قاضٍ جيّد وآخر غير جدير بمسؤولية الموقع الذي يشغله. فحتى اليوم، وفق المعطيات، لا تزال عقدة مدعي عام بيروت قائمة أيضاً. من يعيّن في هذا الموقع يعرف بـ”مدعي عام الجمهورية”، نظراً لحساسيته وأهميته، خصوصاً على مستوى الإمساك بالأمن الاجتماعي والخيط الرفيع الفاصل بين القانون و”الحكمة في تجاوز القانون أحياناً”.

تفيد المعلومات بأنّ عقدة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لم تُحسم بعد

مدّعي عام بيروت الحالي القاضي زياد أبو حيدر “لا غبار عليه”. وثمّة رأي داخل العدلية يقول “إنّه جدير بالبقاء في موقعه، ولا ضرورة لتغييره إلا إذا حصل تغيير كامل على مستوى المدّعين العامين في كل المناطق”. وهي حالة تنطبق على مدّعي عام الجنوب رهيف رمضان، إذ يتمسّك فريق ببقائه إذا لم يحصل تغيير شامل”.

ويأتي ذلك في ظلّ خيار مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات – الذي لم يقيّد بنفسه بمعيار الأقدميات – بأن يأتي بالفريق الذي يرتاح له على رأس النيابات العامة، ومن ضمنه تعيين القاضي رجا حاموش مدّعياً عاماً لبيروت. أما عرّاب التشكيلات القاضي سهيل عبود فمن يعرفه يجزم بأنّه سيكون قائد سفينة تشكيلات “نظيفة وعادلة” قد تكون الأهمّ منذ عقود.

كما تفيد المعلومات بأنّ عقدة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية لم تُحسم بعد. فتقدّم خيار القاضي كلود غانم لتعيينه في هذا المركز يقابل بوجود فريق “فادي الثلاثي” الذي يحارب هذا الخيار على طريقته والمؤلف من القضاة فادي عقيقي وفادي صوان وفادي عنيسي، فيما يظهر أنّ رئيس مجلس القضاء الأعلى وقضاته لا يأخذون فقط بمعيار الدرجات، بل بسلّة متكاملة قائمة على الإنتاجية والنزاهة والكفاءة ونظافة الكفّ.

 

 

مواضيع ذات صلة

روايات ليلة سقوط الأسد… وخطّة الحزب “لإعادة التموضع”

في الحلقة الثانية من هذا التحقيق، تلاحق مراسلة “أساس” روايات العائلات النازحة في البقاع الشرقي وتحديداً منطقة الهرمل. وتسألهم عن ليلة السقوط الكبرى. كما تسأل…

لماذا يخاف شيعة البقاع من “بُعبُع” المعارضة السّوريّة؟

سقط بشّار الأسد وعاد عدد كبير من النازحين السوريين إلى بلدهم. لكن في المقابل شهدت مناطق البقاع، وتحديداً بعلبك الهرمل، نزوحاً معاكساً هذه المرّة للسوريين…

إسرائيل تضرب حيّ السّلّم للمرّة الأولى: هل تستعيده الدّولة؟

بقي حيّ السلّم على “العتبة”، كما وصفه عالم الاجتماع وضّاح شرارة ذات مرّة في كتابه “دولة حزب الله”. فلا هو خرج من مجتمع الأهل كليّاً…

أمن الحزب: حرب معلومات تُترجم باغتيالات (2/2)

لا يوجد رقم رسمي لمجموع شهداء الحزب في حرب تموز 2006، لكن بحسب إعلان نعي الشهداء بشكل متتالٍ فقد تجاوز عددهم 300 شهيد، واليوم بحسب…