الإطلالة الأخيرة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله قد تكون الأطول والأكثر دسامة في المعلومات خلال السنوات الأخيرة. فقد استمرّت حوالي ساعتين وتضمّنت كمية كبيرة من المعلومات والمعطيات حول اللقاء بين نصر الله ورئيس التيار الوطني الحرّ، النائب جبران باسيل، والحديث حول العقوبات الأميركية، واستعدادات الحزب لمواجهة أيّ حرب إسرائيلية جديدة، وكيفية التعاطي مع انتخاب الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن، إضافة إلى كلّ التطوّرات الداخلية والإقليمية والدولية، والاحتمالات المتوقّعة في الشهرين المقبلين.
لكن على الرغم من طول الخطاب وأهميته الخاصة، فإن السيد نصر الله كان حذراً وغامضاً في مقاربة التطوّرات. وقد اتسم بالهدوء، وابتعد عن إطلاق المواقف الحادة والحاسمة، وترك الباب مفتوحاً لكلّ الخيارات والتوقّعات في التعاطي مع المرحلة المقبلة سواء على صعيد الوضع الداخلي أو الإقليمي أو الدولي.
وبعد كشفه تفاصيل اللقاء الأخير بينه وبين باسيل، فقد دعا نصر الله إلى إعادة مراجعة التفاهم بين الحزب والتيار الوطني الحرّ مؤكداً أنّ هذا التفاهم يحتاج إلى تطوير من أجل مواجهة التحدّيات الجديدة في ظلّ المتغيّرات الكبيرة التي شهدها لبنان في الفترة الأخيرة، ولا سيما بعد الحراك الشعبي الذي بدأ في السابع عشر من شهر تشرين الأول من العام الماضي.
السيد نصر الله كان حذراً وغامضاً في مقاربة التطوّرات. وقد اتسم بالهدوء، وابتعد عن إطلاق المواقف الحادة والحاسمة، وترك الباب مفتوحاً لكلّ الخيارات والتوقّعات في التعاطي مع المرحلة المقبلة
أما في مواجهة التهديدات والمخاوف من حصول عدوان إسرائيلي – أميركي جديد على حزب الله ومحور المقاومة، وبعد المناورات العسكرية الضخمة التي نفّذها الجيش الإسرائيلي مؤخراً، فقد كشف نصر الله عن تنفيذ المقاومة مناورات صامتة في جنوب لبنان، وتزامن ذلك مع كشف مصادر إيرانية ولبنانية عن تلقّي الحزب صواريخ جديدة. كما كشفت مصادر إسرائيلية عن وجود عشرات المواقع للحزب في جنوب سوريا وقريبة من منطقة الجولان من أجل الاستعداد لأيّ حرب مقبلة في حال حصلت.
ولأول مرة يتحدث نصر الله عن مواقف حزب الله من مفاوضات الترسيم مع العدو الصهيوني، وقد حدّد الضوابط التي تحكم المفاوضات وموقف الحزب منها، وأسباب الخلاف مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون حول طبيعة الوفد اللبناني وأعضائه.
وفي خلاصة المعطيات من أجواء الخطاب والمعطيات من داخل حزب الله، فإنّه من الواضح أنّ الحزب يعيش حالياً في حالة الاستعداد لمواجهة المرحلة المقبلة بعد الانتخابات الأميركية، وفي ظلّ التصعيد الأميركي عبر العقوبات والمخاوف من حصول تطوّرات عسكرية وأمنية خلال الأسابيع القليلة المقبلة. وفي الوقت نفسه، يستمرّ الحزب في تقييم التطوّرات الداخلية، ومراجعة العلاقات والتحالفات مع كلّ الأفرقاء على ضوء المستجدات التي حصلت خلال الأشهر الأخيرة.
إقرأ أيضاً: الحزب يفضّل بايدن.. ويؤجّل الاحتفال
ابتعد نصر الله في خطابه الأخيرعن إطلاق المواقف الحاسمة والتصعيدية وعن اللغة اليقينية. وحتّى على صعيد الموقف من الرئيس الأميركي جو بايدن، فقد كان حذراً. وعلى الرغم من إعرابه عن ارتياحه لهزيمة دونالد ترامب، فهو لم يرغب في الإحتفال الكبير بنجاح بايدن.
نحن إذاً أمام مرحلة دقيقة وحاسمة داخلياً وخارجياً، والحزب في حالة ترقّب وانتظار ومتابعة ومراجعة. وكلّ الاحتمالات والخيارات ممكنة من إمكانية الذهاب إلى تسويات جديدة إقليمياً ودولياً، وانعكاسها إيجاباً في لبنان، إلى التحضير والاستعداد لمواجهة أيّ تصعيد عسكري أو أمني إسرائيلي – أميركي في المرحلة المقبلة في لبنان وسوريا.