هل حقّاً أنّ الحكومة الجديدة هي حكومة حزب الله؟ أو هي حكومة اللون الواحد؟ وأين موقع حزب الله من هذه الحكومة الجديدة؟ وهل هو من يقف وراء التشكيل وإزالة العقبات؟ ولماذا تمّ تسريب بعض المعلومات عن انسحاب حزب الله و”نفض يديه” من عملية التأليف، قبل ساعات قليلة من ولادة الحكومة، وذلك احتجاجاً على أداء حلفائه ومواقفهم؟ وهل صحيح أنّ الحزب لا يمون على حلفائه في عملية التأليف؟
كلّ هذه الأسئلة وغيرها طُرحت في الأوساط السياسية والدبلوماسية والإعلامية والشعبية في بيروت، خلال الأيام القليلة الماضية، ولا سيّما في الأسبوع الأخير من عملية تأليف الحكومة وبعد إعلانها.
ومن أجل محاولة الإجابة على هذه الأسئلة واستيضاح صورة علاقة حزب الله بالحكومة الديابية الجديدة نسجّل الملاحظات التالية:
أولاً: إلتزم الحزب وحركة أمل بعدم التمثّل بشخصيات حزبية، وحاولا اختيار شخصيات “تكنوقراطية” ليس لها مهمّات حزبية، استجابةً لمطلب الرئيس المكلّف.
ثانياً: في الحكومة شخصيات كانت تُعتبر، في التفكير والأداء، أقرب إلى قوى 14 آذار، ومنها وزير الخارجية الدكتور ناصيف حتّي، والوزير دميانوس قطار. وكان الوزيران على تواصل كبير مع الجهات العربية والدولية ويدعوان لإبعاد لبنان عن المحاور الإقليمية والدولية.
ثالثاً: لم يتم اختيار شخصيات مستفزّة لتيار المستقبل، كما جرى اختيار شخصية قريبة من رئيس “الحزب التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط، وهي الدكتورة منال عبد الصمد.
رابعاً: معظم الشخصيات في الحكومة من خرّيجي الجامعات الأميركية واليسوعية، وبعضهم يحمل الجنسية الأميركية، مثل الوزير عماد حب الله.
خامساً: أولوية الحكومة الاهتمام بالوضع الإقتصادي والمالي والمعيشي وبناء علاقات إيجابية مع الدول العربية والأجنبية.
سادساً: صدرت مواقف صريحة وواضحة من رئيس الوزراء ببقاء حاكم مصرف لبنان في منصبه حالياً، ومن وزير الداخلية ببقاء اللواء عماد عثمان في موقعه، وأشاد به وبجهوده.
سابعاً: لم يتم إعطاء الوزير جبران باسيل أو التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية الثلث المعطّل.
ثامناً: نجح الرئيس نبيه برّي وحزب الله بفرض معادلة جديدة من خلال دعم تمثيل “تيار المردة” كقوّة مسيحية فاعلة، رغم المواقف الحادّة الوزير سليمان فرنجية تجاه الوزير جبران باسيل، وهو كان حريصاً على التمايز عن كل قوى 8 آذار وتأكيد خصوصيته السياسية.
تاسعاً: بذل الحزب والرئيس نبيه بري جهوداً كبيرة لمعالجة الخلافات بين قوى 8 آذار، ومن الواضح أنّ هذه القوى تواجه مشاكل داخلية وليس لديها مشروع سياسي موحد.
عاشراً: فرض رئيس الحكومة الدكتور حسّان دياب موقعه في الواقع السياسي ولم يكن مجرّد “باش كاتب” أو تابع للقوى السياسية والحزبية التي اختارته.
على ضوء كل هذه الملاحظات نحن أمام إعادة تموضع جديد من قبل حزب الله، ولسنا أمام حكومة حزب الله أو حكومة اللون الواحد، بل نحن أمام حكومة تريد حيازة الثقة الشعبية وثقة المجتمع العربي والدولي قبل ثقة المجلس النيابي.
وأتت الحكومة في ظلّ مؤشرات جديدة في المنطقة من خلال التواصل السعودي – السوري والإمارتي – الإيراني، ودعوة إيرانية للتصالح مع الدول العربية، وتزامنت مع فتح قنوات اتصال إيرانية – سعودية، وإعادة بحث جديدة من قبل الإيرانيين في التعاطي مع ملفات المنطقة بعد اغتيال اللواء قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس.
فهل حكومة الدكتور حسان دياب هي حكومة المواجهة وحكومة اللون الواحد أو بداية تموضع جديد لإيران وحزب الله في المنطقة؟
هذا ما سيجيب عنه أداء الحكومة وبيانها الوزاري ونيل الثقة.