بين ثمانية آلاف ليرة من وفيق العجوز وأربعين ألف ليرة من المحامي إدمون معلوف، تمكّن عماد حاسبيني من التحليق في السماء عبر الانتساب إلى معهد تعليم الطيران في اسكتلندا.
بالنسبة إلى ابن جميل حاسبيني، فإنّ قصاصة من صحيفة تحمل إعلاناً من شركة “طيران الشرق الأوسط” للراغبين بتعلّم قيادة الطائرات، كانت السبب بالتحوّل الأساس في حياته، بعدما عانى والده من أزمة مالية في السنوات الأربع الأخيرة من أعوامه المدرسية.
يروي حاسبيني أنّه في أحد الأيام كان يزور عمته ولم يكن يملك المال ليشتري جريدة. قرأ إعلاناً عن الطيران في “الميدل إيست” والشرط الأساسي كان “إجادة اللغة الإنكليزية”: “وأنا كانت لغتي الثانية هي الإنكليزية، وفي ذلك الوقت كانوا قلة الذين يتقنونها، إضافة إلى شرط دفع 8 آلاف ليرة نقداً للشركة و40 ألف ليرة كي أسافر. ولم نكن نملك من هذا المبلغ شيئاً”.
إقرأ أيضاً: عاصفة ثلاثية تضرب اتحاد العائلات.. فوزي زيدان يكشف المستور: كل ما جرى احتيال باحتيال (2/1)
الراحل وفيق العجوز، مدير “الميدل إيست” كان صديق والده: “كنا نتردّد عليه، وقال إنّ الـ8 آلاف ليرة سيدفعها هو. ومن أجل تأمين الكفالة طلب والدي من بعض أصدقائه أن يكفلوني فرفضوا. وذهب إلى محامي العائلة إدمون معلوف فقال له: لماذا ذهبت إليهم؟ ألا تعلم أنهم يكذبون ولن يكفلوه؟ أنا سأكفله. لديّ أراضٍ في زحلة وسنكتب أرضاً باسمه كي لا يقال إدمون معلوف كفل ابن جميل حاسبيني”. والدي رفض وقال له: إكفله”.
ويتابع حاسبيني: “حينها دفع الكفالة. وعندما ذهبنا كي نشكره في مكتبه، أغلق الباب وأعطاني 100 ليرة كي أتدبّر بها أموري في الغربة وطلب مني الاهتمام بنفسي. ذهبنا إلى وفيق العجوز. لم يكن يملك أموالاً. فاستدان على راتبه ليؤمن لي المبلغ وأعطاني إيّاه دون أن يطلب مني التوقيع على ورقة”.
مساعدة البعض له كي يصبح طياراً لم تنسحب على انتخابات “اتحاد العائلات البيروتية” الأخيرة، فالكابتن لم يستطع الطيران بلائحته التي سمّاها البعض “لائحة المعارضة”. فلم يوفّق في نتائج الصندوق، بفارق صوت واحد. وهو ما دفعه ليذهب بعيداً في معارضته معلقاً عضوية عائلته في الاتحاد قائلاً لـ”أساس”: “اتحاد العائلات البيروتية اليوم هو لزوم ما لا يلزم، فلا ضرورة ولا جدوى لوجود الاتحاد بشكله الحاضر، ماذا يقدّم لأبناء بيروت؟ وما هي إنتاجيته؟ الدكتور وفيق سنو عندما أسّس الاتحاد قال لنا: “أسّسنا هذا الاتحاد كي نكون كلمة واحدة”، نحن ما الذي يجمعنا ببعض غير العائلات البيروتية؟ ليس لدينا أحزاب، والاتحاد هو الذي سيجمعنا. وفيق سنو غير موجود في الاتحاد أبداً إلاّ بصورة في المكتب وما أسّس له من فكر بيروتي جامع، ولا يشارك في الاجتماعات ولا حتّى في الإفطارات”.
حاسبيني الذي أكمل معركته في الانتخابات حتى النهاية وكاد أن يحقّق خرقاً بفارق ضئيل من الأصوات يرى أن هناك من كذب على الرئيس الحريري وقال له إن الحاسبيني يتبع لأحد نواب العاصمة وذلك بهدف الهيمنة على الاتحاد: “المشكلة أنّ المهيمنين على الاتحاد ولمصالحهم الخاصة فرضوا كلمتهم تحت عنوان أنّ هذا ما يريده الرئيس الحريري. وأقنعوه بأن لائحتنا من المعارضين له مع العلم أن لا مشكلة بيننا وبينه، لكنّه للأسف رفض الاجتماع بنا، فهو يعرف أني صاحب رأي مستقل ولا أستزلم لأحد”.
حاسبيني يحمّل مسؤولية ما حصل للرئيس الأسبق للاتحاد محمد أمين عيتاني: “فهو الذي يدير الاتحاد. والكلام عن الديمقراطية غير واقعي. وأوجّه رسالة إلى الرئيس سعد الحريري: “انظر لشؤون من انتخبك في بيروت وإلا فالحساب في الانتخابات”.
ما حصل في الانتخابات الأخيرة ترك لدينا امتعاضاً كبيراً بسبب التمديد وأمور أخرى ونحن كنّا من أسرة اتحاد العائلات منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي عمل على تجميع العوائل البيروتية وليس تفرقتها
من جهتهم “آل المصري” كانوا المبادرين إلى الانسحاب من الاتحاد. قالوها واضحة للرئيس سعد الحريري عشية الانتخابات: “اتحاد العائلات البيروتية وجد لجمع أهل بيروت وليس لتفرقتهم”. هذا ما أبلغوه به في بيت الوسط عشية إعلان العائلة تعليق عضويتها في الاتحاد اعتراضاً على سياسة الاستئثار… بقرار الاتحاد من قبل البعض ورفض تداول تحمل المسؤولية بين كافة العائلات.
أمين سر “جمعية آل المصري” عدنان المصري شرح لـ”أساس” خلفيات قرار العائلة بتعليق عضويتها: “ما حصل في الانتخابات الأخيرة ترك لدينا امتعاضاً كبيراً بسبب التمديد وأمور أخرى ونحن كنّا من أسرة اتحاد العائلات منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي عمل على تجميع العوائل البيروتية وليس تفرقتها”.
وأضاف: “بعد انسحابنا جرى التواصل معي مرّة واحدة من قبل محمد عفيف يموت بعد عودتي من زيارة الرئيس الحريري، وسألني عن أسباب انزعاجنا فشرحت له أن الرئاسة ليست حكراً على ناس دون الآخرين”.
وعن رفضه لقسائم المساعدات التي قدمها الاتحاد قال: “طبعاً أرفضها. 5 بونات لـ5 عائلات؟ ماذا تفعل بها؟ نحن عائلة المصري لا ننتظر هذه البونات”.
وختم المصري: “عليهم تجميع أبناء بيروت ويجب اعتماد المداورة على الرئاسة. نحن كعائلة المصري أخذنا مرتين العضوية وتركنا الدور لغيرنا. لسنا من الطامعين لا في الاتحاد ولا في العضوية لأنّ الاتحاد هو لمساعدة أبناء بيروت. الموضوع الرئيسي لاعتراضنا هو عدم تداول السلطة، فهناك أشخاص بقوا في رئاسة الاتحاد 8 دورات أو 10 دورات. دعوا الوجوه الجديدة تدخل”.