من يتحمّل مسؤولية التفلّت الصحي الذي أصاب لبنان؟
من المسؤول عن عودة اللبنانيين إلى الحجر الصحّي لأربعة أيام؟
على من تقع الملامة؟ على المواطنين؟ أم على السلطات المعنية؟ وأين هو دور وزارة الداخلية والبلديات في هذا الشأن؟
منذ يومين، غرّد محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر عبر حسابه على تويتر أنّ مصاب قرية مجدلون “خالط 75 شخصاً، ووعد بإجراء فحوصات الـPCR لهم، مع الالتزام التام بالحجر المنزلي، وبالإشراف على التزامهم وتقديم الدعم النفسي لهم”، مهدّداً بأنّ “أيّ استهتار سيعرّض المخالط للملاحقة القانونية”.
إقرأ أيضاً: لبنان دخل موجة كورونا الثانية: أوقفوا رحلات المغتربين فوراً
هل يعقل لشخص واحد أن يخالط 75 آخرين في هذه الأيام العصيبة؟ إنها فعلاً لمهزلة. حتى لو قرّرت الحكومة تخفيف اجراءات الإغلاق والتعبئة العامة، إلا أنّ المسؤولية الفردية تقتضي بأن نكون على درجة عالية من الوعي والتقدير للموقف لجهة الالتزام بإجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي رغم انحسار حالات الاصابات.
ومع ذلك، لا يمكن تحميل الناس مسؤولية الموجة الثانية من الإصابات بالفيروس التاجي التي تهدّد العالم أجمع. هكذا، وبعد اعتقاد المنظمات الصحية والحكومات أنّ الوباء إلى انحسار بشكل يسمح بإعادة فتح الاقتصادات، عادت المخاوف من تفلّت الوضع الصحي بشكل قد يثير الفوضى الاستشفائية من جديد.
في لبنان، رفعت طائرات العائدين من بلاد الاغتراب من منسوب المخاوف نظراً لأنّها حملت معها نسبة عالية من الإصابات، بعدما كان يفترض أن السلطات المعنية تعمل على تطبيق سلّة الإجرءات والشروط الوقائية التي وضعتها “لجنة الطوارئ” مع إعادة فتح مطار رفيق الحريري الدولي والسماح بهبوط أوّل طائرة للمغتربين الراغبين بالعودة.
لكن خلال المرحلة الثانية من طائرات العودة، تبيّن أنّ الفوضى تسلّلت إلى الإجراءات الرسمية. فقد اشتكت العديد من البلديات من عودة مغتربين مصابين بالفيروس إلى قراهم وبلداتهم من دون إبلاغ السلطات المحلية بلوائح أعدادهم وأسمائهم، ما أدّى إلى حالات تفلّت صحي في الكثير من المناطق بعد اختلاط العائدين، من دون التقيد بشروط السلامة العامة. وهذا واحد من أسباب ارتفاع أعداد الإصابات بشكل كبير خلال الأيام الأخيرة.
وفق مصادر رسمية، تتوزّع مسؤولية التراجع في وضع لبنان الصحي جراء انتشار الفيروس من جديد، على جهتين: الجهة الأولى هي المواطنون الذين يتحمّلون مسؤولية معنوية تفرض عليهم حماية كلّ من حولهم من خلال التزام إجراءات الحجر لا سيما أولئك العائدين من دول الاغتراب وهم الأكثر احتمالاً بالإصابة. وكان يُفترض بهم توخّي الحذر وعدم تعريض غيرهم لأيّ احتكاك مباشر. أما الجهة الثانية، فهي الجهات الرسمية الموكلة متابعة كلّ الوافدين فرداً فرداً كما حصل في المرحلة الأولى حين حرصت السلطات المركزية كما المحلية على وضع آلية متابعة لرصد كلّ العائدين والتأكّد من التزامهم إجراءات الحجر.
يجيب وزير الداخلية محمد فهمي على التساؤلات المشروعة، فيقول لـ “أساس” إنّ “إبلاغ وزارة الداخلية في المرحلة الأخيرة بلوائح العائدين كان يتمّ بعد أكثر من ثلاثة أيام من وصول الطائرات لتقوم بدورها بتوزيعها على المحافظين ليتولّى هؤلاء توزيعها على القائمقامين والبلديات لكي تتابع الحالات في مناطقها. ولهذا وقعت الواقعة وحصلت حالات التفلّت”.
يدرك الوزير جيداً سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي يعيشه اللبنانيون، لكنّه يجد نفسه مضطراً للاستعانة بهذه الإجراءات حفاظاً على صحّة اللبنانيين
ويؤكد فهمي، وهو المعنيّ بشكل أساسي بعملية التواصل مع البلديات، أنه أثار المسألة مع المعنيين في لجنة الطوارىء، وشدّد على ضرورة تفعيل التنسيق والتعاون من جديد مع وزارة الداخلية بشكل فوري وعاجل يسمح بمتابعة كلّ حالات العائدين لإبلاغ البلديات بلوائحهم لكي تتمّ مراقبتهم ومساعدتهم عن كثب، مؤكداً حرصه على متابعة هذه المسألة بنفسه لما لها من تأثير على الأمن الصحي.
ويلفت فهمي إلى أنّ وزارة الداخلية تحاول من خلال قوى الأمن الداخلي تنفيذ تعليمات الحكومة بفرض حالة التعبئة العامة، كاشفاً عن تسطير أكثر من 2000 محضر ضبط خلال الساعات الثماني والأربعين الأخيرة.
يدرك الوزير جيداً سوء الوضع الاقتصادي والاجتماعي المزري الذي يعيشه اللبنانيون، لكنّه يجد نفسه مضطراً للاستعانة بهذه الإجراءات حفاظاً على صحّة اللبنانيين. ويشير ختاماً إلى أنّ المرحلة الثالثة من عودة المغتربين يفترض أن تشهد إجراءات متابعة أكثر صرامة وتنسيقاً للحؤول دون تفلّت الوضع من جديد.
من يتحمّل مسؤولية التأخير 3 أيام لإبلاغ الداخلية بلوائح الواصلين على الطائرات؟
سؤال لا بدّ من الاجابة عليه، لكي تتحمّل كل جهة مسؤوليتها عن تزايد حالات الإصابة بالوباء.