5 آلاف مليار ليرة خرجت ولم تعد: من رفع الدولار 600 ليرة في ساعات؟

مدة القراءة 4 د


يواصل الدولار إرتفاعه الجنوني لدى صرافي السوق الموازي، حيث بلغ سعر صرفه يوم أمس في بيروت 3800 ليرة لبنانية، في حين لامس عتبة الـ4 آلاف ليرة في بعض المناطق مثل البقاع وصيدا، فعمد بعض الأهالي إلى قطع الطرق احتجاجاً في البقاع، كما توقف العديد من المحال عن بيع السلع ترقباً لما قد يحصل في الساعات المقبلة.

ويبدو أن بلوغ عتبة الـ5 آلاف ليرة، التي سبق وأشرنا إليها في “أساس” الأسبوع الفائت، لم يعد بعيداً عن التحقّق، خصوصاً وسط تخبّط يصيب الحكومة والمجلس النيابي، عمّق الأزمة وزاد في منسوب عدم الثقة بين المواطنين من جهة وبين المصرف المركزي والمصارف المحلية من جهة أخرى.

إقرأ أيضاً: تعميم سلامة: ستشحدون دولاراتكم… بـ”اللبناني” المجهول

مصادر صيرفية كشفت لـ”أساس” أنّ الطلب على الدولار يوم أمس كان “مرتفعاً جداً”، وهذا ما دفع بسعر الصرف إلى الصعود، بشكل دراماتيكي وسريع، منوّهة إلى أنّ الطلب أمس “لم يكن تجارياً” يخصّ أعمال التجارة الخارجية والحاجة إلى الدولارات كما في العادة، وإنما طاف صنف آخر على سطح طلب الدولار وهو “الطلب الشخصي” لأفراد يحملون العملة اللبنانية ويميلون إلى تحويلها للدولار بغية الاحتفاظ به، كاشفة أنّ الأرقام المطلوبة تدرجت من فوق 30 ألف دولار إلى ما دون 500 دولار. والمبالغ “الشخصية” الكبيرة نسبياً، بعشرات آلاف الدولارات، وبشكل غير مسبوق، ربما تشير إلى “تلاعب” ما، لا يزال مصدره مجهولاً حتّى الساعة. ومن الضروري التذكير هنا بأنّ هناك أكثر من 5 آلاف مليار ليرة لبنانية خرجت من مصرف لبنان إلى السوق قبل 17 تشرين الأوّل 2019، ولم تعد إليه، ولا يعرف مصرف لبنان أين ذهبت أو من احتفظ بها وخزّنها. فهل آن اليوم أوان ضخّها أو بداية استعمالها في السوق، لرفع سعر الدولار وضرب الليرة، وما الهدف؟ وهي ترتبط بالتظاهرات؟ 

المصادر عزت انكفاء التجار عن طلب الدولار الكاش، أمس، إلى الحديث الجدّي عن قرب “إطلاق المنصة التي وعد بها مصرف لبنان” في تعميم سابق، وهي التي باتت في مرحلة التحضير التقني، بحسب ما علم “أساس” من مصادر مصرف لبنان. والأخير أشار إلى المنصّة في أكثر من تعميم خلال الأيام الماضية، بشكلٍ ضمنيّ، في الإشارة إلى “سعر السوق”، ذاك اللغز الذي أربك المودعين.

رأت المصادر أنّ عملية التداول “يُفترض أن تُفتتح بسعر ما لا أحد يعلم كيف سيُحدد”، كما ستُغلق على سعر آخر “بحسب حجم التداول الذي سيكون كفيلاً بكشف الكثير من التفاصيل”

وقيل في هذا الصدد إنّ المنصة التي يُفترض أن يبدأ التداول داخلها، بسعر سيضع المصرف المركزي، الذي سيدخل مضارباً في سابقة غير مألوفة، إلى جانب المصارف والصرّافين المصنفين فئة “أ”، وربما تنطلق غداً. لكن  مصادر مصرفية مطّلعة شككت بتوقيت إطلاق المنصة، ورأت أنّ اطلاقها في أوّل أيام شهر رمضان قد يكون خطوة غير محسوبة تماماً من حيث التوقيت، لأنّ اليوم الجمعة معروف بقصر ساعات العمل فيه مصرفياً، وبالتالي قد لا يكون كافياً لترك الانطباع الإيجابي المأمول في السوق.

كما رأت المصادر أنّ عملية التداول “يُفترض أن تُفتتح بسعر ما لا أحد يعلم كيف سيُحدد”، كما ستُغلق على سعر آخر “بحسب حجم التداول الذي سيكون كفيلاً بكشف الكثير من التفاصيل”.

فهل يُعقل أن يكون حجم التداول اليوم 50 مليون دولار أميركي يومياً على سبيل المثال؟ (وهو مبلغ مرتفع، لكن نأخذه فقط على سبيل المثال)، فيما تمتنع المصارف عن دفع الدولارات للمودعين أو تتمنّع عن فتح اعتمادات للتجار بحجّة عدم توفر الدولارات؟ أمّا إذا افتُتحت المنصة غداً أو بعد أسبوع أو شهر من دون ذكر حجم التداول بشكل صريح، وهذا غير منطقي… “فإنّ اللعب على الأرجح لن يكون نظيفاً”.

مواضيع ذات صلة

هذه هي الإصلاحات المطلوبة في القطاع المصرفيّ (2/2)

مع تعمّق الأزمة اللبنانية، يصبح من الضروري تحليل أوجه القصور في أداء المؤسّسات المصرفية والمالية، وطرح إصلاحات جذرية من شأنها استعادة الثقة المفقودة بين المصارف…

لا نهوض للاقتصاد… قبل إصلاح القطاع المصرفيّ (1/2)

لبنان، الذي كان يوماً يُعرف بأنّه “سويسرا الشرق” بفضل قطاعه المصرفي المتين واقتصاده الديناميكي، يعيش اليوم واحدة من أخطر الأزمات النقدية والاقتصادية في تاريخه. هذه…

مجموعة الـ20: قيود تمنع مواءمة المصالح

اختتمت أعمال قمّة مجموعة العشرين التي عقدت في ريو دي جانيرو يومي 18 و19 تشرين الثاني 2024، فيما يشهد العالم استقطاباً سياسياً متزايداً وعدم استقرار…

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…