“وَعْد” ميقاتي الوزاري يصطدم بفيتو شيعيّ

مدة القراءة 7 د

لا استئناف لجلسات مجلس الوزراء “قريباً” كما وَعَدَ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. فالحكومة لن تلتئم قبل سفر ميقاتي إلى الفاتيكان يوم الأربعاء المقبل وسفر رئيس الجمهورية إلى قطر، ولا حتّى قبل جولة يزمع ميقاتي القيام بها إلى تركيا ومصر..

بعد لقائه الرئيس نبيه برّي والنائب سليمان فرنجية والوزير جورج قرداحي، قَصَد الرئيس نجيب ميقاتي أمس قصر بعبدا ليعلن لاحقاً عزمه الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء قريباً “لعودة الأمور إلى طبيعتها”.

لكنّ الإعلان الميقاتيّ أتى في ظلّ معطى أساسي تمثّل في عدم وجود توافق بعد على آليّةٍ لتنحية المحقّق العدلي طارق البيطار أو تسليم الأخير، ومعه الهيئة العليا لمحكمة التمييز، بعدم صلاحيّة المحقّق العدلي ملاحقة الرؤساء والوزراء.

معلومات “أساس” تفيد بأنّ الرئيس برّي وحزب الله غير موافقين على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ “الستاتيكو” الراهن، وبأنّ ميقاتي “وَعَد” رئيس الجمهورية بما لا قدرة له على تنفيذه

وقد ظهر عدم التوصّل إلى حلّ على صعيد هذا الملفّ من خلال موقف الشيخ نعيم قاسم الذي أكّد على ضرورة “معالجة الأسباب التي أدّت إلى توقف اجتماعات الحكومة قبل انعقادها مجددّاً”، ومن خلال بيان كتلة الوفاء للمقاومة، الذي صدر قبل يومٍ واحدٍ وتضمّن نداءً إلى “القائمين بشؤون السلطة في لبنان بأن يمارسوا حقّهم وصلاحيّاتهم الدستورية، من دون أيّ انحياز أو مجاملة، لاتّخاذ القرار المناسب والمسؤول من أجل معالجة الموانع التي تحول دون انعقاد مجلس الوزراء وأدائه لدوره وصلاحيّاته وفق النصوص الدستورية والقوانين المرعيّة الإجراء”.

وبدا النداء موجّهاً إلى قطبيْ السلطة رئيسيْ الجمهورية والحكومة اللذين يتوافقان على استئناف جلسات الحكومة في أقرب وقت بمعزل عن المخرج القضائي لقضية طارق البيطار، ومع الدفع إلى استقالةٍ “تأتي بمبادرة شخصية من الوزير قرداحي”.

وفيما تردّد في الساعات الماضية مَنْح الرئيس برّي وحزب الله وفرنجية موافقتهم على فصل المسار بين الملفّيْن، واستئناف الحكومة لاجتماعاتها بدءاً من الأسبوع المقبل، رَبَطت مصادر احتمال حصول هذه الخطوة بـ”خطورة الأوضاع القائمة، ولأنّ جزءاً كبيراً من التوصيات التي خرجت بها لجنة معالجة تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية في شأن بعض التقديمات الاستثنائية للقطاع العام تتطلّب مواكبة فورية من مجلس الوزراء، إضافة إلى ضرورة بتّ العديد من المسائل التي لم تعد تحتمل التأجيل”.

لكنّ معلومات “أساس” تفيد بأنّ الرئيس برّي وحزب الله غير موافقين على الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء في ظلّ “الستاتيكو” الراهن، وبأنّ ميقاتي “وَعَد” رئيس الجمهورية بما لا قدرة له على تنفيذه، وغير قادر على الدعوة إلى جلسة بمَن حَضَر، ولا يرغب بذلك أصلاً.

وفي هذا السياق تجزم أوساط الثنائي الشيعي: “ميقاتي يُناور، وتحديداً أمام رئيس الجمهورية الذي يضغط بقوة لاستئناف جلسات مجلس الوزراء. فهو لن يدعو إلى جلسة للحكومة قبل حلّ أزمة استقالة قرداحي التي لم تحلّ بعد. وقد كان الأخير واضحاً في لقائه مع رئيس الحكومة حين أكّد له أنّه مستعدّ لتقديم استقالته لكن “خلال جلسة لمجلس الوزراء أستمع فيها إلى آراء زملائي، وبناءً عليه أتّخذ قراري”، فيما يشترط ميقاتي الاستقالة مسبقاً بناءً على إلحاح من الفرنسيين والكويتيين، وكبادرة حسن نيّة تجاه السعودية، محاذراً الذهاب نحو خيار الإقالة الذي سيأخذ طابعاً صداميّاً هو بغنى عنه”.

وتضيف الأوساط: “لكنّ انعقاد مجلس الوزراء نفسه يحتاج إلى إزالة لغم البيطار الذي لا يزال حتّى اللحظة يعرقل التئام الحكومة، ولا مؤشّرات تدلّ على أنّه على طريق الحلّ”، مشيرة إلى أنّ “عون يستعجل انعقاد الحكومة، متناسياً أنّه عرقل ولادة الحكومة 11 شهراً لمنع وصول سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة”.

وتخلص الأوساط إلى القول: “لا يجوز لأحد في  موقع كرئاسة الحكومة أن يُضلّل الرأي العام بهذا الشكل ويراهن على معطيات غير دقيقة ولا توصل إلى مكان، وتأثيراتها سلبية إلى حدّ أنها قد تنعكس مزيدًا من الفوضى والإرباك والتلاعب في سوق سعر صرف الدولار”.

تصف مصادر سياسية كلام الرئيس عون بـ”الخطير جدّاً، لأنّ فيه تلميحاً لتكرار سيناريو 1990 الانقلابيّ

وعَكَس محيط الرئيس بري وحزب الله  أمس تململًا كبيرًا من تصريح ميقاتي “الذي اتسم بالخفّة وقلّة المسؤولية”. وتؤكّد مصادر قريبة من الثنائي الشيعي بأنّ “الأمورمسكّرة ومسدودة إلى حين حلّ أزمة البيطار. ويوم الاثنين الذي يراهن عليه ميقاتي لإحداث خرق في جدار الأزمة لن يكون على “هوى” رئيس الحكومة”.

ويتصرّف الثنائي الشيعي على أساس أنّ الطابة في ملعب وزير العدل هنري خوري، حيث يفترض بعون وميقاتي التواصل معه من منطلق أن من عيّن المحقّق العدلي  بالتوافق مع مجلس القضاء الأعلى هو صاحب الصلاحية الوحيد بإنهاء هذا التعيين”. ويقول مصدر بارز: “بالنظر إلى أخطاء القاضي البيطار الجسيمة ممنوع أن يبقى في موقعه دقيقة واحدة والحلّ القانوني والدستوري موجود”.

 

استقلال فوق “جثّة”!

على الضفّة الأخرى، يرتسم مشهد سوريالي. احتفال رئاسي بالاستقلال يوم الإثنين المقبل فوق “جثّة” دولة. هكذا يمكن اختصار مشاركة الرؤساء الثلاثة في الاحتفال الرمزي لمناسبة عيد الاستقلال في وزارة الدفاع.

مع ذلك، بدت المساعي السياسية ناشطة لإعادة إنعاش “الجثّة” بإجراءات تبدو أعجز من أن تغيّر في مسار أكبر كارثة إنسانية واقتصادية واجتماعية ومعيشية يتعرّض لها لبنان في تاريخه الحديث.

وتحت سقف هذه المساعي، يبدو مشهد “العودة” إلى السراي تفصيلاً فحسب أمام هول فاجعة قد لا يكون لأيّ حكومة قدرة على تحمّل تداعياتها. وبالتأكيد لا تؤثّر فيها “إجراءات استثنائية” كتلك التي أعلنها الرئيس ميقاتي، والتي يكفي سعر دواء واحد مرفوع الدعم عنه بتطيير قيمتها!!

وقبل إعلان رئيس الحكومة نيّته الدعوة إلى جلسة، تقصّد رئيس الجمهورية، خلال حديثه إلى جريدة “الأخبار”، الكلام عن “إشارات معالجة نحاول العمل عليها بكتمان، علّها تأتي بنتائج إيجابية من أجل فتح الحوار” (حول مسألة الحكومة)، ملوّحاً باللجوء إلى خيار انعقاد المجلس الأعلى للدفاع “الذي تتمثّل فيه كلّ الأجهزة، وذلك عندما يكون هناك مَن يصرّ على تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء”.

لكنّ الكلمة المفتاح في حديث عون، التي سترسم ملامح المرحلة المقبلة، هي تأكيده أنّه “بعد انتهاء ولايته لن يُسلّم إلى الفراغ”، معرباً عن خشيته “تعذّر انتخاب خلف لي، فيكون على الحكومة القائمة تسلّم صلاحيّات رئيس الجمهورية. أخشى أنّ ثمّة مَن يريد الفراغ. أنا لن أسلّم إلى الفراغ”.

ويُعتبر كلام عون أوّل إقرارٍ رسميّ وعلنيّ من رئيس الجمهورية بأنّه “باقٍ في بعبدا في حال عدم الاتفاق على انتخاب رئيس للجمهورية… وبشروطه”، والأهمّ صعوبة فصل هذا التوجّه الرئاسي عن الأزمة الحكومية القائمة وآفاق حلّها.

وتصف مصادر سياسية كلام الرئيس عون بـ”الخطير جدّاً، لأنّ فيه تلميحاً لتكرار سيناريو 1990 الانقلابيّ”.

إقرأ أيضاً: مصير الحكومة بيد “الريّس عبّود”!!

وتضيف المصادر أنّ “الخارطة واضحة جدّاً: التشديد على إجراء الانتخابات النيابية في أيار، بحيث تكون بعدها فترة الفراغ معقولة ومقبولة. ومع انتخاب مجلس نيابي جديد (إذا افترضنا أنّ الانتخابات ستُجرى) تصبح حكومة نجيب ميقاتي مستقيلة على بُعد خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية، وهي فترة غير كافية للتوافق على حكومة جديدة قبل نهاية ولاية عون، وذلك بالتزامن مع صعوبة التوافق على هويّة الرئيس الجديد الذي لمّح عون في مقابلته بوضوح إلى أنّه لن يكون إلا ذا قاعدة شعبية، ولم يكن ينقص إلا أن يقول جبران باسيل”.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…