بين جنبلاط وبن زايد: هكذا حمى بايدن الأسد

2021-11-16

بين جنبلاط وبن زايد: هكذا حمى بايدن الأسد

تشبه زيارة وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان إلى دمشق في التاسع من الشهر الجاري، زيارة رئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط دمشق ولقائه الرئيس بشّار الأسد، في العام 2010، بعد قطيعة استمرّت 5 سنوات منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 2005.

المشترك الأكبر بين الزيارتين، أنّهم تلتا زيارة كلّ منهما إلى واشنطن، وطيف بايدن يلوح في ظلال الزيارتين.

في معلومات “أساس” عن تلك الحقبة، أنّ الرئيس الأميركي رحّب بضيفه اللبناني، وقال له بلطف: لديّ 10 دقائق كي أتبادل الرأي معك. لكن فور انتهاء اللقاء، سيكون نائبي في انتظارك في مكتبه المجاور ليعطيك الوقت الذي تريد للتداول في مختلف الشؤون

ففي 13 تشرين الأول الماضي، حطّ وزير خارجية الإمارات في العاصمة الأميركية حيث التقى وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، ويائير لابيد وزير خارجية إسرائيل. ومثله زار جنبلاط قبل 11 عاماً، واشنطن، حيث استقبله الرئيس الأميركي باراك أوباما.

في معلومات “أساس” عن تلك الحقبة، أنّ الرئيس الأميركي رحّب بضيفه اللبناني، وقال له بلطف: “لديّ 10 دقائق كي أتبادل الرأي معك. لكن فور انتهاء اللقاء، سيكون نائبي في انتظارك في مكتبه المجاور ليعطيك الوقت الذي تريد للتداول في مختلف الشؤون”. وعند انتهاء العشر دقائق المخصّصة للّقاء، وقف الرئيس أوباما وصافح زائره مودّعاً.

ثمّ انتقل جنبلاط إلى مكتب نائب الرئيس الأميركي الذي كان في انتظاره. وكانت هذه هي المرّة الأولى التي يجتمع فيها جنبلاط بجو بايدن الذي كان وقتذاك نائباً لأوباما. ولم يكن يدور في بال أحد في ذلك الزمن أنّ نائب الرئيس الأميركي سيصل بعد 11 عاماً إلى سدّة رئاسة الولايات المتحدة. في أيّ حال، فإنّ أهمّ ما قيل في ذلك اللقاء هو تعبير بايدن عن موقف الإدارة الأميركية من نظام بشار الأسد. إذ قال إنّ سياسة بلاده تجاه هذا النظام “لا تنطلق من زاوية إسقاطه، وإنّما من منطلق تغيير سلوكه”. وهذه الكلمات التي ألقاها نائب الرئيس الأميركي على مسمع جنبلاط أحدثت تحوّلاً في مقاربة الأخير لعلاقته مع الرئيس الأسد، التي تردّت إلى أبعد حدود بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري.

رادارات المختارة

فور عودته إلى بيروت من واشنطن، بدأ جنبلاط مشاورات مع مقرّبين منه يثق بهم، واستقرّ رأي المختارة عند فكرة مدّ الجسور مجدّداً مع دمشق، بناءً على استشعار الرادارات لتحوّلات الموقف الأميركي. وهذا ما حدث فعلاً من خلال اتصالات غير مباشرة جرت أوّلاً مع الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، وانتهت باستقبال الأسد لجنبلاط.

ربّ قائل إنّ المياه عادت إلى مجاريها بين زعيم المختارة وحاكم دمشق عام 2010، لكنّها انقطعت في العام التالي بعد اندلاع الثورة السورية. بالتأكيد هذا ما حدث. إلا أنّ العبرة في تحوّلات تلك الحقبة أنّ قراءة ما قد ينتهي إليه نفق أزمة العلاقات بين جنبلاط ودمشق بيّنت أن “لا تغيير للنظام في دمشق، بل هناك مسعى لتعديل سلوكه”، كما قال نائب الرئيس الأميركي الذي أصبح اليوم رئيساً للولايات المتحدة.

لو أراد الأسد الالتزام، فهذا أمر شبه مستحيل في ظلّ الوجود الإيراني في سوريا. ولن تعترف طهران لموسكو بـ”المصالح الشرعية” من دون أن تعترف روسيا أيضاً لإيران بـ”مصالحها الشرعية في سوريا

بعد مرور أكثر من عشرة أعوام، لا تزال واشنطن عند موقفها من النظام السوري. فهل أفلحت في هدف تعديل سلوكه؟

الكاتب السعودي طارق الحميّد، في مقال له في “أساس” قبل أيام، ألقى الضوء على ما نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، تحت عنوان “الوثيقة الأردنيّة وملحقها السرّيّ”، عن خطة إعادة العلاقات مع النظام الأسدي. وهي وثيقة ناقشها العاهل الأردني مع الرئيسين الأميركي والروسي وقادة عرب وأجانب، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

تقول الصحيفة إنّ هذه الوثيقة سُمّيت “لا ورقة”، ولا تتضمّن جدولاً زمنيّاً، بل مراجعة للسنوات العشر الماضية، ولسياسة “تغيير النظام”، قبل أن تقترح “تغييراً متدرّجاً لسلوك النظام السوري بعد الفشل في تغيير النظام”. ويخلص حميّد إلى الدعوة لـ”قراءة متأنّية لسلوك النظام الأسدي. فمنذ وصل بشار الأسد إلى حكم دمشق، وهو لا يلتزم بقرار، ولا اتفاق، ولا عهود”.

“ولو أراد الأسد الالتزام، فهذا أمر شبه مستحيل في ظلّ الوجود الإيراني في سوريا. ولن تعترف طهران لموسكو بـ”المصالح الشرعية” من دون أن تعترف روسيا أيضاً لإيران بـ”مصالحها الشرعية في سوريا”. انتهى الاستشهاد بمقال حميّد.

إقرأ أيضاً: الأسد ينقذ الأردن… من نازحي لبنان؟

في الخلاصة، لن يكون مجدياً القول إنّ “التاريخ يعيد نفسه”. ربّما من الأجدى القول إنّ التاريخ يقدّم أمثولات، ومن المفيد جدّاً التأمّل فيها لأخذ العبر.

مواضيع ذات صلة

اليوم التّالي: لملمة الشّارع الشّيعيّ و”كولسة” رئاسيّة

قد يمرّ وقت طويل قبل أن يستوعب الداخل اللبناني حجم الإعصار الهائل الذي ضَرَبه باستشهاد الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله. لا يتوقّف الأمر على…

موقف لبنان الرسمي “مكربج”: ربط لبنان بغزّة مستمرّ

يلفّ الغموض موقف لبنان الرّسميّ في التّفاوض على ورقة “النّداء الدّوليّ” لوقف إطلاق النّار في لبنان. المؤشّرات تقول إنّ لبنان لا يزال مُصرّاً على إدراج…

اليوم التّالي: الحلّ بحيويّة داخليّة

غداة الاغتيال المدوّي للأمين العام للحزب ومن قبله وبعده قيادات رفيعة من فريقه، برزت الحكومة اللبنانية إلى الواجهة. الحمل الملقى على عاتقها ثقيل الوطأة وهي…

اغتيال “السّيّد”: عن “الخلافة” والمفاوضات… والتّشرّد

وقع الخبر كالزلزال ليل الجمعة. اغتيال إسرائيل الأمين العامّ للحزب. اعتبرته إسرائيل نصراً مبيناً. استمرّت في تأكيد نجاح عمليّتها طوال ساعات ما بعد الاعتداء ووثّقته…