سوريا.. مَن يُخرج مَن؟

مدة القراءة 3 د

نشرت صحيفة الشرق الأوسط “الوثيقة الأردنيّة وملحقها السرّيّ” لخطة إعادة العلاقات مع النظام الأسدي. وقد ناقشها العاهل الأردني مع الرئيسين الأميركي والروسي وقادة عرب وأجانب، بحسب صحيفة “الشرق الأوسط”.

وتقول الصحيفة إنّ هذه الوثيقة سُمّيت “لا ورقة”، ولا تتضمّن جدولاً زمنيّاً، بل مراجعة للسنوات العشر الماضية، ولسياسة “تغيير النظام”، قبل أن تقترح “تغييراً متدرّجاً لسلوك النظام السوري بعد الفشل في تغيير النظام”.

لو أراد الأسد الالتزام فهذا أمر شبه مستحيل في ظلّ الوجود الإيراني في سوريا، ولن تعترف طهران لموسكو بـ”المصالح الشرعية” من دون أن تعترف روسيا أيضاً لإيران بـ”المصالح الشرعية” بسوريا

وتظهر “الوثيقة” أنّ الهدف النهائي من خطوات التطبيع مع دمشق هو “خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من سوريا الذين دخلوا البلاد بعد 2011”. ويتضمّن هذا الهدف “انسحاب القوات الأميركية والتحالف من شمال شرقي سوريا”، والانسحاب من “قاعدة التنف الأميركية”، بعد سلسلة خطوات، ووفق مقاربة “خطوة مقابل خطوة” تشمل بداية “الحدّ من النفوذ الإيراني في أجزاء معيّنة من سوريا”، مع الاعتراف بـ”المصالح الشرعيّة لروسيا”.

حسناً، هل هذا أمر قابل للتطبيق؟ هل يمكن إخراج القوات الإيرانية والميليشيات، والاعتراف فقط بـ”المصالح الشرعية لروسيا”؟

من الممكن تفهّم فكرة الانسحاب الأميركي، خصوصاً أنّ واشنطن انسحبت من أفغانستان والعراق تدريجيّاً، لكن هل تنسحب واشنطن وتعترف بـ”المصالح الشرعية لروسيا” هكذا ومن دون مقابل؟

وفي حال تمّت هذه الانسحابات، وهو أمر غير قابل للتصديق، وتمّ الاعتراف بـ”المصالح الشرعية لروسيا”، هل تقوم موسكو بإعادة الإعمار في سوريا، أم يُطلَب هذا الأمر من الخليجيين؟ هل نعيد إعمار ما دمّره الأسد وإيران وإرهابيّو حزب الله وغيرهم؟

ماذا عن إسرائيل التي ترى سوريا “مصيدة جرذان”، حيث يتصيّد الإسرائيليون الإيرانيّين وإرهابيّي حزب الله، وهو ما حدث قبل يومين، ناهيك عن استهداف القيادات الإيرانية وقيادات حزب الله؟

هل تقبل إسرائيل بعمليّة التدرّج هذه، “الخطوة مقابل الخطوة”، التي كشفت عنها الوثيقة، من دون الاستمرار في استهداف إيران وعتادها، وميليشيات طهران في سوريا؟ وفوق هذا وذاك، ما الذي سيقدّمه الأسد بالمقابل؟

تتحدّث الوثيقة الأردنية عن ضرورة تطبيق القرار الأممي 2254، الذي يعني مشاركة النظام الأسدي في لجنة إصلاح الدستور، والإفراج عن السجناء، والكشف عن مصير المفقودين، والاتفاق على صيغة للحكومة، وإجراء الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة.

هل يفعل الأسد ذلك؟ هل يلتزم؟ هل يستطيع؟

الإجابة هنا لا تتطلّب “ضرب ودع”، بل قراءة متأنّية لسلوك النظام الأسدي، فمنذ وصل بشار الأسد إلى حكم دمشق، وهو لا يلتزم بقرار، ولا اتفاق، ولا عهود.

ولو أراد الأسد الالتزام فهذا أمر شبه مستحيل في ظلّ الوجود الإيراني في سوريا، ولن تعترف طهران لموسكو بـ”المصالح الشرعية” من دون أن تعترف روسيا أيضاً لإيران بـ”المصالح الشرعية” بسوريا.

إقرأ أيضاً: إخراج إيران من سوريا

يبقى السؤال الأخير والجوهري، ما دمنا قد عرفنا الآن أنّ الإدارة الأميركية على علم بمحاولة التطبيع العربية مع النظام الأسدي: هل نتحدّث الآن عن تطبيع عربيّ مع الأسد، أم تطبيع أسديّ مقبل مع إسرائيل، ولو لعبة، على غرار ما فعل الأسد بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان عندما كان يلعب دور الوساطة بين الأسد وإسرائيل؟

مواضيع ذات صلة

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…

الحرب الأهلية: هواجس إيقاظها بصورٍ كريهة

 اللغو اللبناني حول حظوظ البلد بارتياد آفاق حرب أهلية جديدة، ارتفع. قد يكون هذا الارتفاع على وسائل التواصل الاجتماعي سببه “شامت” بالوضع أو رافض لـ”الرفق”….

الرياض: حدثان اثنان لحلّ لبنانيّ جذريّ

في الأيّام القليلة الماضية، كانت مدينة الرياض مسرحاً لبحث جدّي وعميق وجذري لحلّ أزمات لبنان الأكثر جوهرية، من دون علمه، ولا علم الباحثين. قسمٌ منه…

الحزب بعد الحرب: قليل من “العسكرة” وكثير من السياسة

هل انتهى الحزب؟ وإذا كان هذا صحيحاً، فما هو شكل اليوم التالي؟ وما هي الآثار السياسية المباشرة لهذه المقولة، وكذلك على المدى المنظور؟ وما هو…