ينشر “أساس”، بدءًا منذ الأمس، سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث 2021، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022.
كُنّا قد تناولنا في الحلقة السّابقة رؤية رئيس الاستخبارات السّعوديّة السّابق الأمير تُركي الفيصل آل سعود للمُستجدّات على السّاحة الدّوليّة والملفّ النوويّ الإيراني.
تتناول الحلقة الثّانية من حوار “أساس” مع الأمير تُركي مُستجدّات الملفّ الأفغاني واليمني واللبنانيّ والسّوري.
س- انطلاقاً من الكتاب الذي نشرنا حلقات منه، هل سيطرة طالبان على أفغانستان تمهّد لإعادة إحياء الإسلام السياسي بعدما تلقّى ضربات عديدة من مصر إلى السودان، وليبيا، والمغرب، وتونس؟
ج- أعتقد أنّ الوقت مبكّر لكي نصل إلى حُكم في هذا الأمر، خاصة أنّ تسلُّم طالبان الحكم في أفغانستان لم يمضِ عليه شهران أو ثلاثة. ولكنّ هناك خلفيّة طبعاً لطالبان منذ إنشاء الحركة، وهي أنّهم يرون أنّهم هم مَن يمثّلون الإسلام الصحيح. وهي نزعة يتمتّع بها أو تشاركهم فيها أحزاب أو أفراد أو تجمّعات الإسلام السياسي. مع إبقاء ذلك في الذهن، يجب أن ننتظر لنرى ماذا سيفعل الطالبان بأسلوب الحكم الذي يتّبعونه. إلى الآن لم تظهر معالمه بوضوح، هناك بعض الغموض. ماذا سيفعلون في أمور عدّة ليس فقط بمواضيع التعامل مع الآخرين مثلنا ومثل الدول الأخرى، لكن أيضاً التعامل مع شعبهم الذي، كما نعرف، هو متعدّد الأعراق والمذاهب. فلا أستطيع أن أحكم إذا كان سيُعيد، كما تفضّلت، وهج الإسلام السياسي أم لا.
بين الشعب اللبناني والشعب السعودي أواصر محبّة وصداقة وتعاون تاريخي، فلا يستطيع أحد أن يفصل أو يكسر هذه الروابط، أو يقطعها بين الشعبين
س- منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان نشاهد حركة دبلوماسية غير اعتيادية في المنطقة كلّها، لقاءات بين خصوم، ومفاوضات، كسر جليد، توقيع اتفاقيّات، هل الانسحاب الأميركي من أفغانستان كان سبباً مباشراً لتلاقي هذه الدول، مثلاً تركيا مع مصر وإلى ما هنالك؟ ماذا يعني ذلك إن كان صحيحاً؟ وبمعنى آخر، إلى هذا الحدّ لم تعُد واشنطن محطّ ثقة لدى حلفائها، وباتوا يحاولون التلاقي مع الخصوم؟
ج- أعتقد أنّ المملكة شرعت في اتصالاتها بإيران قبل انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، بوساطة عراقية ودول أخرى. فمن هذا المنطلق لا أعتقد أنّ الانسحاب كان السبب لقيام هذه الاتصالات بين هذه الدول. وبصفة عامة، طبعاً مثلما تفضّلت، وأحد الإخوان وصف الانسحاب الأميركي من أفغانستان بأنّه انسحاب مهين لأميركا، فهذا له أثره ليس فقط على صدقيّة الولايات المتحدة معنا كمجموعة دول في منطقتنا، لكن أيضاً على صدقيّة أميركا في العالم كلّه. حتّى في أوروبا هناك الرئيس إيمانويل ماكرون في فرنسا، وقد بدأ يكرّر دعوته عقب انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، إلى أن يكون هناك قوة أوروبية، وتعاون عسكري أوروبي أكبر من القائم الآن. وبرّر ذلك بأنّ الوضع تغيّر في العالم، وأنّه يجب أن يكون لأوروبا هذه القوّة. وأعتقد أنّ غيرها من الدول بدأت تراجع نفسها، وترى ماذا لديها من إمكانيات، وماذا يمكن أن تصل إليه مع الجيران أو مع مجموعات أخرى. فالعالم ليس في وضع مستوٍ من ناحية التوجّه للمستقبل، بل هناك بلبلة في الأفكار، وعدم وثوق بالمعايير التي كانت تحكم الدول بصفة خاصة، والمسلّمات، إن كان صحّ التعبير، التي كانت قائمة في الأزمان السابقة. فكلّنا الآن، كما أعتقد، ليس فقط الحكّام، لكن أيضاً الشعوب، لدينا هذا الارتياب وعدم الاطمئنان إلى ما سيكون عليه العالم، إن كان في المستقبل القريب أو في المستقبل البعيد.
س- في ما يتعلّق بالملفّ اليمني، كان سموّ وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، في المقابلة الأخيرة التي أجراها عبر الشاشة السعودية، قد تكلّم عن الحوثي باعتباره فريقاً يمنيّاً ينبغي الحوار معه، والسير معه ضمن المبادرة السعودية التي تقدّمت بها الخارجية السعودية. لكن حتى اليوم لا تدلّ تصرّفات الحوثي على أنّه سيسلك طريق الحلّ السلمي والحلّ السياسي، خصوصاً مع إشراك عناصر أجنبية مثل عناصر حزب الله من لبنان، وعناصر من الحرس الثوري الإيراني في المعارك. وهذا الأمر لم يعد خافياً على أحد. فهل تعتقد أنّ الحوثي سيذهب نحو الحلّ السلمي؟
ج- بالنسبة لتصريح سموّ وليّ العهد لم يكن الأوّل، بل مواقف المملكة منذ نشوب الصراع في اليمن بعد احتلال الحوثيين صنعاء، تقوم على أنّ الحوثيين هم جزء مكمّل للنسيج اليمني، فهم شاركوا في الحوار الوطني في اليمن قبل احتلالهم صنعاء، بعد المشاكل التي نشأت نتيجة حكم الرئيس المرحوم علي عبدالله صالح. وهم لا بدّ أن يكونوا طرفاً في أيّ اتفاق يصل إليه إخواننا اليمنيون. والمملكة لم ترَ مطلقاً نفسها تقرِّر مَن سيشارك أو لا يشارك في أيّ مفاوضات تحصل بين الإخوة اليمنيين. فهذا موقف كان ثابتاً ولا يزال بالنسبة للمملكة. ومثلما تفضّلت، في كلّ ما صدر من مبادرات ومحاولات لإنهاء الصراع في اليمن، كان الحوثي يتفرّد بعدم قبول هذه المحاولات وهذه المبادرات، وآخرها طبعاً مبادرة المملكة في بداية هذا العام لإيجاد حلّ سلمي وتفاوضي في اليمن، بل كلّ ما نسمعه، وأنا لست مطّلعاً على الإجراءات الرسمية، لكن ممّا أقرأه وأشاهده وأسمعه من تصريحات رسمية أرى أنّ الحوثي لا يزال مُصرّاً على أنّه هو الذي يمثّل الشعب اليمني، ويتجاهل ويلغي ويتناسى أنّه جزء من أصغر الأجزاء المكوِّنة للنسيج اليمني. يساعده في ذلك قدرته على الحصول على السلاح من إيران، وعلى المتطوّعين الذين يأتون من لبنان وأماكن أخرى، ومن إيران نفسها، لمساعدته على الاستمرار في شنّ الحرب في اليمن. ففي الوقت الحاضر لا أرى أيّ تحرّك في الموقف الحوثي نحو التواصل مع الأمم المتحدة في سبيل إنهاء القتال في اليمن.
حزب الله هو المهيمن أو المسيطر على الوضع، ولا يريد هو ومن يدعمه في إيران أن يكون للبنان علاقة قوية أو حميمة ليس فقط مع المملكة
س- ما هو رأيكم في كيفيّة إنهاء الأزمة الإنسانية في سوريا التي تؤثّر سلباً على لبنان. أنتم تابعتم الأزمة منذ سنوات، كما كلّ المسؤولين السعوديّين، ونعرف أنّ بشار الأسد لم يستمع لنصيحة الملك عبدالله، رحمه الله، في استيعاب المسألة، وأصرّ النظام على استعمال القوة ضدّ شعبه. الآن وبعد عشر سنوات لا تزال أزمة اللاجئين في العالم، وهذه أضخم أزمة عربية في القرن الـ21؟ هل الحلّ بتطبيع العلاقات العربية وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية؟ وهل ثمّة حلّ عربي بعدما فشل الدوليّون في إنتاج هذه التسوية؟
ج- لا حول ولا قوة إلا بالله. يعني مثلما تفضّلت. المأساة في سوريا تُعتبر من أكبر المآسي التي يواجهها العالم في التاريخ الحديث. مئات الألوف قُتلوا، والملايين تشرّدوا وغيرها من المآسي. أنتم أعرف بها منّا، ولبنان إحدى الدول التي استضافت مشكورةً عدداً كبيراً من اللاجئين السوريين فيها.
بالنسبة للمملكة، سمعتم خطاب مندوب المملكة في الأمم المتحدة الأخير الذي تكلّم عن سوريا. هو يعبّر عن موقفنا من التطبيع، ومن مستقبل العلاقة بين المملكة وسوريا. فالمملكة ملتزمة بما صدر عن الأمم المتحدة في هذا الشأن. وستستمرّ بدعمها للشعب السوري بقدر الإمكان، من خلال المنظمات الدولية التي تصل بمساعداتها إلى المظلومين والمقهورين السوريين في سوريا، وهي أبسط المساعدات الإنسانية إن كان من ناحية المأكل أو الدواء أو غيرهما. أمّا غير ذلك، فليس لديّ معرفة شخصيّة بكيفيّة حلّ هذه المشكلة.
هناك الحلول التي قدّمتها الجامعة العربية في السابق، والمقترحات التي قُدِّمت في ذلك الحين، والتي قضت أن تكون حكومة انتقالية بين المعارضة وبين الحكم، وحُدّد في حينها على ما أذكر أن يكون ممثّل الحكومة الوزير فاروق الشرع. هذه المبادرة التي دفعت بها المملكة إلى الجامعة العربية وقبلتها الدول العربية في ذلك الحين، للأسف نُقِضت من قبل روسيا في مجلس الأمن. ولذلك انتهى ما قدّمته الجامعة العربية في هذا الشأن. ولكن أخيراً سمعت وقرأت ما صرّح به الأمين العام للجامعة العربية الأستاذ أحمد أبو الغيط من أنّ سوريا بلد عربي ويجب على العالم العربي أن يلتفّ حولها وينقذها، ويقدّم ما يمكن أن يقدّمه لها من مساعدات إنسانية. لكن كيف بلوغ ذلك فيما أصبحت الآن سوريا دولة محتلّة من قبل إيران، ومن قبل الروس، وحتى قرارات رئيس سوريا لا يؤخذ بها من الدولتين اللتين تحتلّان أراضيها.
س- بالانتقال إلى ملف الطاقة وتأثيراته حول العالم اليوم، كانت المملكة العربية السعودية ولا تزال على رأس الدول المنتجة للنفط، وهي التزمت بمسار إنتاج الطاقة البديلة، وخصوصاً مسألة الهيدروجين الأخضر، ومسألة الطاقة الشمسية. اليوم، حول العالم كما تعلمون، هناك نقاش كبير حول مسألة الانتقال من استخدام النفط إلى استخدام الطاقة البديلة، وهذه المرحلة الانتقالية تواجه مشاكل كبرى في أوروبا وفي أميركا، ولا سيّما في أوروبا حيث بدأوا يتحدّثون عن “البلاك آوت” بمسألة الكهرباء. برأيكم ما مدى حاجة العالم إلى النفط؟ وإلى أيّ مدى العالم ما زال محتاجاً إلى النفط؟ وكيف ترون هذه المرحلة الانتقالية في ظلّ الحديث عن التغيّر المناخي؟ وأين موقع المملكة برأيكم في كلّ هذا المشهد؟
ج- بالنسبة للنفط والطاقة أنا لست خبيراً فيهما، لكن ممّا قرأت وسمعت من المسؤولين، وصاحب السموّ الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان وزير الطاقة عندنا كان واضحاً جداً في مقولاته حول هذا الأمر، أرى أنّ المملكة ستستمرّ في توفير ما لديها من إصدارات نفطية وغيرها من منتجات، ما دام هناك حاجة وطلب لذلك على مستوى العالم. وهذا من الأمور التي أدّت إلى تنافس في مواقف الدول التي تطالب بإنهاء استخدام النفط مصدراً للطاقة. مثلاً اتّخذت الولايات المتحدة قراراً حكومياً وتشريعياً بأنّه، أظنّ في 2050، سينتهي انتهاء كاملاً استخدامُ أميركا للنفط والغاز مصادر لطاقتها. وبعد ذلك أتتنا طلبات من الولايات المتحدة بأن نزيد إنتاج نفطنا، لأنّهم وجدوا أنّه من جرّاء قرارهم هذا ارتفعت أسعار النفط عندهم في أميركا، وهذا ممّا سيؤثّر على وضع الرئيس في الانتخابات القادمة. فنحن، والحمدلله، نظرتنا لإمكانيّاتنا كدولة منتجة للنفط لا يشوبها غرور، لكنّنا وحدنا نستطيع أن نقرّر ذلك. نتعاون مع الآخرين من خلال أوبك وأوبك بلاس، وحتى مع الدول المستخدِمة للنفط. وهناك مركز في المملكة العربية السعودية أُنشئ في عهد الملك عبدالله، رحمه الله، يُعنى بتجميع ليس فقط المنتجين للنفط، لكن أيضاً المستفيدين من هذا الإنتاج كالمستوردين، سواء الحكومات أو حتى شركات النفط. وهو مركز قائم، ويقدّم دراسات. ويسعى إلى أن لا يكون هناك فجوة بين المنتجين وبين المستفيدين أو المستوردين للنفط. هذا بصفة عامة. لكن أين تقف المملكة من ذلك؟
طرحت المملكة في خلال رئاستها لمجموعة العشرين العام الماضي مشروعاً على أعضاء هذا التجمّع، وهذا المنتدى، الذي يسمّى بـ”الاقتصاد الكربوني الدائري”، ويرى أنّه يجب أن لا نعتبر الكربون مادة فقط علينا أن ننفيها من الوجود، لأنّ لها مصالح بالتصنيع، ومصالح في ضخّ الغاز نفسه لاستخراج النفط. ولا تزال المملكة تدعو إلى هذا الشيء. وفي الاجتماع الأخير الذي عُقد في إنكلترا، كان موقف المملكة واضحاً. نحن متّجهون إلى أن يكون لدينا نسيج. وكلمة نسيج هذه تأتي على لساني بسهولة كبيرة، لأنّها فعلاً تُعبّر عمّا يجب أن يكون عليه الأمر. نسيج من كلّ مصادر الطاقة، لا نستثني مصدراً، على الرغم من أنّ هناك مَن يقول إنّ النفط هو المسبّب الرئيسي للتغيّر في المناخ وزيادة درجة الحرارة في كوكب الأرض.
أنا أذكر في أحد مقابلاتي عندما سُئلت عن هذا الموضوع، قلت مَن يريدنا أن نكفّ عن تصدير النفط أو إنتاج النفط بسبب انبعاثاته الكربونية، فيجب أن يمنع أيضاً تربية الماشية من بقر وأغنام وإبل وغيرها، لأنّها هي أيضاً مصدر انبعاث غازات الميثان في الهواء. فهذا يكون مقابل هذا. هو طلب غير قابل للتنفيذ مطلقاً.
س- بالنسبة إلى لبنان، هل ترون أنّ العلاقة بين لبنان والمملكة والخليج بشكل عام وصلت إلى حائط مسدود؟ واضح أنّ حزب الله وإيران لن يتخلّيا عن لبنان. وواضح أيضاً أنّ القوى السياسية اللبنانية مقيّدة إمّا بالقوة وإمّا بالتفاهمات، وإمّا بالخوف وإمّا بالضعف، فهل نحن في نهاية الطريق؟ وهل أدارت المملكة ظهرها للبنان نهائيّاً؟ أم هناك ما يمكن عمله لإصلاح هذه العلاقة من خارج افتراض أنّ حزب الله سيكون متعاوناً لأنّه لن يكون متعاوناً؟
ج- أنا لست خبيراً في الشؤون اللبنانية، وبالتالي ما سأقوله مبنيّ على مستوى المعلومات التي لديّ عن الوضع في لبنان، الذي أطّلع عليه من خلال وسائل الإعلام، ومن خلال ما يصدر من تصريحات.
أعتقد أولاً أنّ الشعوب لها قيمة بالنسبة لما يحدث في بلدانها. وبين الشعب اللبناني والشعب السعودي أواصر محبّة وصداقة وتعاون تاريخي، فلا يستطيع أحد أن يفصل أو يكسر هذه الروابط، أو يقطعها بين الشعبين. لا أعلم الإحصاءات الدقيقة، لكنّ لدينا في المملكة آلافاً من إخواننا وأخواتنا اللبنانيّين الذين يعملون، من جميع الطوائف وفي كلّ المجالات، وسيبقون كذلك، وإن شاء الله سينالون حسن الضيافة والاستقبال ما استمرّوا في المملكة.
كذلك لا تزال المملكة تقدّم للشعب اللبناني مساعدات إنسانية من خلال مركز الملك سلمان العالمي الذي أسّس في لبنان قاعدة له للتعامل مع احتياجات الشعب اللبناني الحالية. وبالنسبة للسياسة، طبعاً لا أستطيع أن أتدخّل في هذا المجال. لكن أنتم عبّرتم عنها أكثر منّي، بقولكم إنّ حزب الله هو المهيمن أو المسيطر على الوضع، ولا يريد هو ومن يدعمه في إيران أن يكون للبنان علاقة قوية أو حميمة ليس فقط مع المملكة، بل مع الدول العربية بصورة عامة. هم يريدون سرقة هويّة لبنان وأن يجعلوه تابعاً لِما قال نصرالله في خطبة له أنّه تابع له، وهو الوليّ الفقيه. فهذا أمر أعتقد أنّكم أعرف به ولا أستطيع التعليق عليه. والله يعين الشعب اللبناني.
أسابيع وقد سمعتُ شخصياً أخيراً تصريحات مسؤولين لبنانيين تندّد بإطلاق الحوثيين صواريخ بالستية على المملكة، وتندّد باستعمال الطائرات المفخّخة، وتؤكّد على سلامة أراضي المملكة. وهذه أوّل مرّة تصدر عن حكومة في لبنان، لكن هل هي صادرة عن الحكومة أم صادرة عن أشخاص. هذا أمر لم يتبلور في ذهني. وأعتقد أنّ الحكومة التي شكّلها الرئيس نجيب ميقاتي لم تلتئم حتى الآن. ويبدو أنّ هناك محاولات من الرئيس ميقاتي وبعض العقّال في لبنان لتبنّي وتأكيد أنّ هوية لبنان هي هوية عربية، فأرجو لهم النجاح.
س- الملك فيصل، رحمه الله، عندما سُئل عن تصوّره للمملكة بعد 50 عاماً، قال إنّها ستكون شعاع الإنسانية. الآن في ظلّ الخيار الكبير في المملكة والمبادرات الرياديّة على مستوى العالم في مجالات تهمّ العالم بأسره ضمن رؤية 2030، هل ترون أنّ المملكة أصبحت، بعد 50 عاماً من قول الملك فيصل، رحمه الله، شعاع الإنسانية؟
إقرأ أيضاً: الأمير تُركي الفيصل لـ”أساس”(2/1): أميركا لا تزال الأقوى
ج- المقصود بالقول هو أنّه كان يريد أن تصير المملكة بعد 50 عاماً مصدر إشعاع للإنسانية. ومنذ وفاة الملك فيصل قبل 46 عاماً، مع ما تفضّلت به من مبادرات المملكة، وما نتج عن قيادة الملك سلمان وسموّ وليّ العهد من إنجازات أمام العالم كلّه، ليس فقط في موضوع الطاقة، بل في كلّ المواضيع، كلّ هذا يعطيني، الحمدلله، الشعور بأنّ رؤية الملك فيصل تحقّقت حتى قبل أن تبلغ الخمسين عاماً التي كان قد توقّعها. وهناك أيضاً أحبّة إخوة لبنانيون يسألونني عن هذا. سأروي لكم أنّ هناك مقولة أخرى للملك فيصل، رحمه الله، عندما سُئل أيام الستينيات، وتذكرون ما كان يحصل في لبنان من تنافس وتناحر بين دول العالم العربي في لبنان. كان المدّ الناصري والمدّ البعثي وما سُمّي في ذلك الحين بـ”الدول الرجعية”، والمملكة كانت مُتّهمة بأنّها إحداها…. عندما سُئل عن رأيه في لبنان، كان يقول، رحمه الله: “لبنان رئة العالم العربي”. هذا الوصف كان مُعبّراً جداً جداً عمّا يكنّه الملك فيصل، رحمه الله، من تقدير ومودّة وحبّ للبنان. وأعتقد أنّ كلّ سعودي يؤمن بهذه المقولة. فعليكم أنتم يا أيّها اللبنانيون، إن شاء الله، أن تكونوا فعلاً أو تعودوا إلى أن تكونوا رئة العالم العربي.