ينشر أساس بدءًا من اليوم سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث 2021، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022.
مع نهاية سنة 2021، كان هناك جدلٌ في هيئة التحرير عن الشّخصيّة التي يُمكِن إجراء حوارٍ شاملٍ معها حول المحطّات السّياسيّة البارزة. واستقر الرأي على اسم رئيس الاستخبارات العامّة السّعوديّة السّابق الأمير تُركي الفيصل آل سعود.
إذ يُشكّل الأمير تُركي علامة فارقة في الحوار معه. فهو مُطّلِعٌ منذ شبابه على تفاصيل دوائر القرار السّياسي والأمني. هو أصغر أبناء الملك الرّاحل فيصل بن عبد العزيز ومُستشاره، ورئيس الاستخبارات العامّة لربع قرنٍ من الزّمن، وسفيرُ بلاده لدى المملكة المُتّحدة والولايات المُتّحدة.
إيران لها طموح خارج حدودها. مذهبية الخميني، التي ورّثها لمن تبعه بعد ذلك، هي في أن يكون العالم كلّه تابعاً للإمام الغائب في المذهب الشيعي
وتعزّزت قوّة الاختيار مع عودة الملفّ الأفغانيّ إلى الواجهة. ملفّ خبره الأمير تُركي جيّداً، وبات خبراً أساسياً مع مشاهد الانسحاب الأميركيّ من أفغانستان. حتّى إنّ الأمير تركي وثّقَ تفاصيله في كتابه “الملفّ الأفغانيّ”، الذي صَدَر تزامناً مع انسحاب الجيش الأميركيّ من كابول. وكان “أساس” قد نشرَ مُقتطفات من الكتاب على حلقاتٍ.
من هذه النقطة المعقّدة، إلى لبنان مروراً بإيران ومصر وسوريا والصين، وغيرها من مناطق النزاع والحوار والمواجهة هذه الأيّام، كان لقاء أسرة “أساس” معه. ولئن شكّل فيروس كورونا حاجزاً معنويّاً مَنَعَ اللقاء المُباشِر، إلّا أنّ اللقاء عبر تطبيق Zoom لم يمنع صراحة الأمير تُركي من كسرِ “الحجاب الافتراضيّ” للّقاء.
امتدّ الحوار الافتراضيّ على مدى ساعةٍ من الزّمن، بين الزملاء محمد بركات، إبراهيم ريحان، هشام عليْوان، عماد الشّدياق وإيلي القُصيفي.
تتناول الحلقة الأولى من الحوار النّفوذين الصّيني والرّوسي المُتعاظميْن، والعلاقة السّعوديّة – الصّينيّة، والملفّ النّوويّ الإيراني.
س- عندما انهار الاتحاد السّوفياتي، قال منظّرون أميركيون إنّ القرن الـ21 سيكون قرناً أميركياً خالصاً بعد 50 سنة من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي. لكن في مطلع القرن الـ21 أُصيبت أميركا بضربتين، واحدة في هجمات 11 أيلول 2001، وما تبع ذلك من حروب، ثمّ في سنة 2021 إبّان الانسحاب المهين من كابول. برأيكم هل نحن نتّجه نحو عالم متعدّد الأقطاب مع ظهور الصين، وبـروز القوى الإقليمية، وعلى رأسها روسيا؟
ج- كما اطّلعت وقرأت في مصادر كثيرة، ليس فقط من محيطنا، لكن أيضاً من الولايات المتحدة ومن أوروبا والصين وروسيا وغيرها من الأمم، الكلّ يعترف بأنّ الأحاديّة القطبية انتهت، وأنّه لا بدّ من الأخذ بالاعتبار أن يكون هناك عدّة أقطاب. هذا ليس كلامي أنا، لكن أستند فيه إلى ما صدر من آخرين أكثر تخصّصاً في تعريف وتشخيص كيف سيكون الأمر بالنسبة للتوجّهات السياسية في العالم، بمعنى القوة الدافعة بين الأمم أو الشعوب، أو الحكومات التي تنفرد وتبرز على الآخرين. لو تعود إلى ما صدر عن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حتّى الآن من دراسات أو توجّهات دولية، فهي تقرّ بأنّه سيكون هناك عدّة أقطاب، وتريد أن تكون هي مبادِرة في كيفيّة مواجهة هذه الأقطاب في علاقتهم مع الصين. وهم الآن بدأوا يعرّفونها بأنّها المنافس الأول لهم في تزعّم العالم أو الموازي لهم في الزعامة. فبايدن لم يخفِ توجّهه إلى أن يجمع حوله من يدينون له أو يشاركون أو ينتمون إلى ما تمثّله الولايات المتحدة، في نظر بايدن، من ناحية الأسلوب السياسي والحكم، إلخ. وعُقد اجتماع لِما سُمّي بالدول الديموقراطية لكي يشكّلوا تجمّعاً في مواجهة ما سُمّي بالدول الديكتاتورية في العالم. فهذا اعتراف من أميركا بأنّ هناك مَن ينافسها في العالم.
بالنسبة إليّ، لستُ بصّاراً لكي أتنبّأ بما سيكون عليه ما تبقّى من القرن الواحد والعشرين. لكن بدون شكّ فإنّ العالم تغيّر عمّا كان عليه في القرن العشرين. ليس فقط بانهيار الاتحاد السوفياتي، لكن أيضاً بصعود الصين، وتحوُّل المعيار الاقتصادي إلى عامل أساسي في كيفيّة تقييم شعب أو حكومة، فهل يكون للصين دور قيادي أو تكون سابقة لآخرين؟
الولايات المتحدة ما زالت تتمتّع بقوى وقوات وقدرات كبيرة جداً، وربّما تكون هي الأولى في ذلك بالنسبة للعالم
س- بالنسبة للصين، هناك سؤال من شقّين. الأول: هل باتت الصين بديل أميركا في ضمان أمن المنطقة واقتصادها؟ والثّاني: إلى أيّ مدى يمكن أن تذهب المملكة إلى تحالفٍ استراتيجيّ مع الصّين؟
ج- سؤالك ذو شقّين، وأعود للشقّ الأخير الذي تفضّلت به. المملكة عقدت مع الصين عدّة لقاءات، وإن لم تخُنّي ذاكرتي فقد تبيّن في الاجتماعات التي حصلت بين القيادتين السعودية والصينية أنّ البلدين تجمعهما علاقة قوية من ناحية النظرة الاستراتيجية، وإن كنت تحب أن يكون تعريفها بأنّها اتفاقية استراتيجية، فهذا عائد لك. لكن هناك وجهة نظر سعودية – صينية مشتركة ترى أنّ هناك مصالح استراتيجية تربطهما طبعاً، أوّلها الاستقرار في المنطقة، وثانيها المصلحة المشتركة من التبادل التجاري، وثالثها تكثيف التبادل الثقافي بين البلدين. ومن هذا المنطلق، شرعت المملكة في اعتماد اللغة الصينية لغةً تُدرّس في مدارس المملكة من المستوى الأول حتى المستوى النهائي. ونحن نعرف أنّ الصين، ما شاء الله، عندهم برنامج لتعليم اللغة العربية مكثّف وبديع جداً. وأنا زرت بعض المراكز في الصين، وأُعجبت وذُهلت من كيفية إتقان هذه البرامج الفريد للّغة العربية. نشهد ذلك في ممثّلي الصين في منطقتنا، إن كان في السفارات أو في المراكز التجارية أو غيرها. وهذا الشقّ أعتقد أنّه قائم، وأنّ هناك مصالح استراتيجية تجمع بين المملكة والصين. فهل يؤدّي ذلك إلى اعتبار الصين بديلاً من الولايات المتحدة؟ لا أعتقد أنّ هذا أمر واقع حتى الآن.
هناك مَن يقول إنّ الولايات المتحدة إلى زوال أو تواهن أو اضمحلال وغير ذلك ممّا يُقال الآن ويُروّج حتى في الولايات المتحدة. لا أعتقد أنّهم مُصيبون في ذلك، وأعتقد أنّ الولايات المتحدة ما زالت تتمتّع بقوى وقوات وقدرات كبيرة جداً، وربّما تكون هي الأولى في ذلك بالنسبة للعالم. من ناحية الإمكانات العسكرية لا تزال الولايات المتحدة هي الرقم واحد في العالم، ويكفي النظر إلى عدد الأساطيل التي تملكها وتنتشر حول العالم، هذا مثال واحد. فالصين ليست لديها إمكانيات عسكرية توازي إمكانيات الولايات المتحدة حتى الآن. وبالنسبة للشريك الأمني في منطقتنا، كانت الولايات المتحدة قادرة دائماً على أن تحفظ الأمن في المنطقة من المخاطر بالتوافق مع الدول فيها. والأمثلة على ذلك كثيرة، طبعاً كان أبرزها حرب تحرير الكويت التي شاركت فيها ليس فقط الولايات المتحدة، بل العديد من دول العالم مع دول مجلس التعاون، من أجل صدّ غزو صدّام حسين للكويت. هذا الشقّ لا يتوافر عند الصين حتى الآن، وأعتقد أنّ الصين نفسها ليس لديها طموح إلى أن تكون هي بديلاً للولايات المتحدة من هذا المنطلق. لكنّ التاريخ والأيام ستأتي، وسنرى ماذا سيحصل بين الدولتين. وأرجو أن لا ينشب بينهما قتال، لأنّه في النهاية إذا نشب بينهما قتال، فهذا يعني أنّنا كلّنا سنكون خاسرين وليس فقط هم. هذا الأمر أعتقد أنّه واضح، ليس فقط بالنسبة للقيادة عندنا، لكن أيضاً للشعوب وللمراكز البحثية.
س- هناك تراجع لمكانة الولايات المتحدة الأميركية في النظام العالمي يؤدّي إلى تغيّرات في السياسات الدولية، وفقدان قوّة قادرة أن تضبط الصراعات الدولية والإقليمية. أين نحن في العالم العربي في ظلّ هذا التغيّر؟
ج- العالم العربي هو جزء لا يتجزّأ من هذه التغيّرات، ولا أعتقد أنّ هناك من يستطيع، إن كان من داخل العالم العربي أو من خارجه، أن يعزل العالم العربي عن أن يتأثّر أو يؤثّر في ما يدور حول العالم. بالنسبة لكيفية التعامل مع هذه التغيّرات، الواجب علينا كعرب، كما هو الطرح التقليدي والتاريخي لنا، أن نكون متّحدين، وألا نختلف. طبعاً للأسف مررنا بمراحل لم يكن ذلك هو وضع العرب من ناحية الاتحاد، حتّى اتحاد الكلمة، ليس فقط من ناحية التعامل مع ما يواجهنا من تحدّيات. فهذا مطلب أعتقد أنّه لا بدّ أن يستمرّ، والمملكة العربية السعودية في كلّ طروحاتها منذ أن أُنشئت، كانت دائماً ساعية إلى أن يكون للعرب كلمة واحدة في مواجهة التعامل مع الآخرين. وكانت دائماً تسعى إلى الإجماع في العمل المشترك، بدلاً من أن تنفرد في إجراءاتها وفي قراراتها، وأرجو أن يكون ذلك هو أيضاً منحى الدول الأخرى. هناك بوادر في وضعنا العربي، طبعاً من القرن الماضي، وهي الجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، والمجلس المغاربي إلخ.. هذه بذور أعتقد لو اعتنينا بها، وزوّدناها بما يقوّيها ويسندها، فستكون هي الأداة لجمع كلمتنا.
س- تحدّثتم مراراً عن إخلال إيران بالتزاماتها، سواء عندما وقّعت اتفاقية أمنيّة مع المملكة أيام الرئيس محمد خاتمي ولم تلتزم بها إيران، أو حين أشرتم إلى تصرّف إيران بعد التوقيع على الاتفاق النووي، إذ استمرّت في مشروعها التوسّعي، وفي دعم الميليشيات في المنطقة. فهل تتوقّعون تغيّراً في سلوك إيران في حال تمّت العودة إلى الاتفاق النووي، وكيف تتصوّرون تصرّف المملكة حيال هذا الخطر؟
ج- إيران كما ذكرت في عدّة مناسبات، لها طموح خارج حدودها. مذهبية الخميني، التي ورّثها لمن تبعه بعد ذلك، هي في أن يكون العالم كلّه تابعاً للإمام الغائب في المذهب الشيعي. لهذا أعطى لنفسه ولإيران الدور الذي سيُنفّذ هذا التطلّع، بحيث يكون العالم كلّه تحت مظلّة “الإمام الغائب”. هذا الطموح وهذا التطلّع لم يتغيّرا مع زوال الخميني، بل نجد خامنئي أيضاً يُصرّح بالتوجّهات نفسها، ويسعى ويسير على هذا النهج في استقطاب إيران الميليشيات التي تؤسّسها في الدول المختلفة. ليس فقط في العالم الإسلامي، لكن أيضاً أينما يوجد تجمّع للمسلمين بصفة عامة، أو لمن يتّبعون المذهب الشيعي بصفة خاصة، في شتّى أنحاء العالم. ومراكزهم المختلفة التي أسّسوها، وحتى تلك التي ورثوها من عهد الشاه، مثلما حدث في لبنان مثلاً، وفي دول أخرى، هي التي من خلالها يجمّعون المناصرين والمؤيّدين لنهجهم هذا. فهذا السلوك لم يتغيّر بعد الاتفاق النووي الأول الذي وُقِّع مع إيران منذ حوالى ست سنوات، ولا أعتقد أنّه سيتغيّر بعد الاتفاق المقبل.
س- كانت إيران تلعب على التناقضات في المرحلة الماضية بين الدول الأوروبية وأميركا. الآن في الأسابيع الماضية قبل استئناف الجولات في فيينا من جديد، رأينا تضامناً أميركيّاً – أوروبياً أكبر حيال التشدّد الإيراني. كيف سيكون انعكاس هذا التقارب على المفاوضات وعلى المملكة، طالما الرئيس الفرنسي قد دعا إلى إشراك المملكة في مسار المفاوضات؟ وهل ترون أنّ التقارب الأوروبي – الأميركي يصبّ في مصلحة المملكة ودول الخليج؟ وهل يمكن أن يُحدث خرقاً في المسار العام للمفاوضات؟
ج- بالنسبة لعناصر ما يسمّى بـ”الخمسة زائد واحد”، بعد انسحاب الرئيس السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي السابق، ثمّ توجّه الرئيس بايدن بدافع قوي جداً للعودة إلى هذا الاتفاق، كانت تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون بالذات أكثر التصريحات وضوحاً بوجوب أن يكون سلوك إيران في المنطقة أحد أعمدة أيّ اتفاق جديد. هذا ما صرّح به في عدّة مناسبات، وطبعاً لم يصدر تصريح مماثل من شركاء فرنسا في هذا التجمّع. لكنّ أيّ اتفاق مع إيران يعطي لها ما تريده ولا يأخذ منها ما يُراد منها، ليس فقط سيكون مخالفاً لمصالح المملكة العربية السعودية كما أعتقد، لكن سيكون معارضاً لمصالح المنطقة والعالم بصفة أكبر. وأنا من ملاحظاتي الأولى على الاتفاق، الذي وُقّع قبل ست سنوات، إقرار هذه الدول بأحقّيّة إيران في تخصيب اليورانيوم، وقلت في حينها إنّ هذا يفتح باب التخصيب في العالم كلّه، وليس فقط لإيران. فإن كان غرض الخمسة زائد واحد أن يمنعوا انتشار الأسلحة النووية في العالم، فلماذا تركوا هذا البند لمصلحة إيران. هم بالعكس فتحوا الباب لكلّ دول العالم أن تسعى إن أرادت إلى الحصول على السلاح النووي، ونحن رأينا في الماضي دولاً أخرى كانت نهجت نهج الحصول على السلاح النووي. وجنوب إفريقيا كان لها دور، وبعض دول أميركا اللاتينية كان لها نشاط في هذا المجال. فهذا أمر أعتقد أنّه يجب أن يُعالج ليس فقط على مستوى منطقتنا، لكن أيضاً على مستوى دولي عام.
وكلّ هذا مؤسف. فقد كان هناك مسار آخر لمعالجة حصول إيران أو أيّ دولة من دولنا وفي محيطنا على السلاح النووي. وهذا ما طالبتُ به في مناسبات عديدة: أن تكون منطقتنا بالكامل منزوعة من أسلحة الدمار الشامل بما فيها السلاح النووي. وكان هناك توجّه بهذا الشأن في الأمم المتحدة منذ عام 1995 من القرن الماضي. وشُكّلت لجان، وعُقدت مؤتمرات، آخرها كان في عام 2020، لمراجعة اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية التي وُقّعت في الستينيات من القرن الماضي. لكي يكون هناك بحث ومحاولة إيجاد منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط. منذ عام 2000 بدأ هذا التفكير يأخذ مجراه في الأمم المتحدة، ثمّ في عام 2005، ثمّ في عام 2010، ثمّ في عام 2015. وفي عام 2020، قرّروا أن تكون المراجعة الجديدة في 2025. وسيكون الموضوع نفسه مطروحاً للبحث. للأسف، لم يأخذ هذا المسار الاهتمام الكامل من قبل الخمسة زائد واحد، وهذا بنظري كان هو المسار الأنجع والأسلم لكي يُمنع انتشار ليس فقط السلاح النووي، بل لكلّ أسلحة الدمار الشامل في منطقتنا بالكامل. فأرجو أن يؤخذ بالاعتبار من قبلهم الآن بعدما رأوا وشاهدوا كيف تُخصِّب إيران اليورانيوم، وتتعدّى النسبة المسموح بها وفق الاتفاق السابق. أظنّ أنّها انتقلت من 3 ونصف في المئة إلى 60 في المئة. وتهدّد إيران الآن بأنّها ستصل إلى 90 في المئة.
س- في مؤتمر المنامة كان لكم موقف لافت مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي بالنسبة إلى ضرورة نزع سلاح الدمار الشامل من المنطقة. لكن هل تعتقد أنّ الإبقاء على الاتفاق مع إيران كما هو عليه، كما تسعى إدارة بايدن، مؤدّاه أنّ الغرب يمنع الدول السّنيّة في الشرق الأوسط من الحصول على قنبلة نووية، وخصوصاً الدول العربية، طالما أنّ باكستان تمتلك قنبلة نووية لكنّها بعيدة نسبيّاً عن إسرائيل؟
ج- والله أنا لست من أولئك الذين يعتقدون بأنّ هناك نهجاً غربياً أو أميركياً بالذات معادياً للسُنّة. وكما ذكرت وتفضّلت أنت، باكستان لديها سلاح نووي، وهي في الغالب دولة سنّية. أنا أعتقد أنّ الموضوع يتعلّق خاصة باللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، والنهج الذي التزمه الرئيس الأسبق باراك أوباما في السابق، وأنّه يجب التعامل مع احتمالية حصول إيران على قنبلة نووية بالطريقة التي تعامل بها الرئيس أوباما. وكما ذكرت، فإنّ هناك مثالب في هذا الاتفاق الموقّع في عام 2015، لم تؤخذ بالاعتبار أو ربّما أُخذت. فقد رأوا أنّ الحصول على ما حصلوا عليه يكفي لمنع إيران من الحصول على السلاح النووي لفترة معيّنة. ثمّ لم أرَ أيّاً من الدول السنّية في منطقتنا، خاصة في العالم العربي، لديها نهج للحصول على أسلحة نووية حتى الآن، وهذا من وجهة نظري.
إقرأ أيضاً: نهاية العالم في “2012” ونهاية لبنان اليوم
س- لكن في حال عادت الإدارة الأميركيّة والمجموعة الدولية إلى الاتفاق السابق، اتفاق 2015، مع إيران، ألن يفتح هذا الاتفاق الباب أمام سباق تسلّح وسباق نحو امتلاك التكنولوجيا النووية في المنطقة؟
ج- ليس فقط في المنطقة، بل كما ذكرت هذا سيفتح الباب أمام دول العالم كلّها. ونحن رأينا في الماضي دولاً أخرى كانت نهجت نهج الحصول على السلاح النووي، وجنوب إفريقيا كان لها دور، وبعض دول أميركا اللاتينية كان لها نشاط في هذا المجال، فهذا أمر أعتقد أنّه يجب أن يُعالج ليس فقط على مستوى منطقتنا، لكن يجب أن يُعالج على مستوى دولي عام.
في الحلقة الثّانية غداً: الأمير تُركي الفيصل لـ”أساس” (2/2): لُبنان أسير إيران